هيفاء نصّار: في ذكرى المأساة (كي لا ننسى مجزرة قانا)


إنه عيد الحزن قد عاد، فرصة ليست طيبة للناس أعداد. فقد كان المكان مسالما قبل أن يشهد أحزان مكان.

وأنت تنظر بعد سنوات، تبدو مأساة أجساد تسطر العيش الرغيد. لا تكاد تذكرهم حتى تنتابك ذكريات مظلمة و مؤلمة في آن.

أقاموا هنا ضيوفا، هنا في هذا المكان. ليس في المشهد ثمة اعياء بل ثمة ما هو أكثر منه أشدّ إيذاء.

لم يكن المشهد مرفقا بعلامات تشير الى توقف، الى اشارات حمراء. كأني بهم في انتظار ليصبحوا على خشبة المسرح ممثلين في نظرة صامتة الى الفناء. ولكنهم بعد الفناء أحياء. وكأني بأعينهم ثاقبة كأنها في بحور وجوه حزينة منطفئة تطل على أبراج ولكنها سوداء.

وكأني بنسيم الربيع يشيع ببرودة في الأجواء. مجموعة وجوه قد تكدس بعضها على بعض كأنها احجار كريمة على مرأى من اعين على الأرض غرباء. عندما أفاقوا في تثاقل من غشيتهم كان الموت قد أقبل مثقلا تماما كالغبار.

لكم حاولوا بناء الجدار لكن صمتا أبى الا أن يعقب تحديهم الصاخب للأقدار. فأغلقت القبور عليهم أقفالها. أعلنت إقفالها على رؤوس حاسرة وأوصال عارية وملابس تعسة وبعثرت زجاج. أسماء وأسماء. لا يمكن أن تقرأ بسهولة من بين أسماء لم يبق منها سوى بقع على الجدران، وضحكات بقيت عالقة.

فقد رحلوا وسيقانهم الناحلة ترتعد من شدّة الرجف، الخوف والمأساة.

هيفاء نصّار - أوتاوا، كندا

الواقع في 2 نيسان، 2023


ملاحظة: كتبت هذه المقالة على وقع الرحيل تزامنا مع ذكرى مأساة قانا والتي وقعت في 18 نيسان، 1996 في مركز قيادة القوات الفيجية التابعة للقوات الدولية

" اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان.

والجدير ذكره ان المأساة أدّت الى مقتل 106 لبنانيين وجرح العشرات منهم بين شاب وامرأة وطفل وعجوز.




تعليقات: