استأجر رخصة المدرسة شخص من آل تامر وأقفلها مؤخراً وفرّ إلى جهة مجهولة (علي علّوش)
فشل في إدارة المدرسة التي استأجر رخصتها منذ سنتين، فرمى نحو مئتي طالب ونحو 25 أستاذاً في الشارع، بعدما أقفل أبواب المدرسة وتوارى عن السمع. هذا ما حصل في مدرسة "سانت تيريز" في فرن الشباك، التي كانت في السابق من ضمن سلسلة المدارس الكاثوليكية، قبل أن يستأجر رخصتها أ. تامر.
ووفق مصادر "المدن" افتضح أمر هذه المدرسة، منذ أيام بعدما أقدم أهالي الطلاب اللبنانيين على تقديم شكوى إلى وزارة التربية لنقل أولادهم منها. فهم بحاجة إلى طلب من المدرسة يبرر انقطاع أولادهم عن التعليم فيها كي يتسنى لهم نقلهم رسمياً إلى المدارس الأخرى التي انتقلوا إليها، عقب إقفال المدرسة أبوابها نهائياً، مطلع العام الحالي. فطلاب المدرسة بغالبيتهم من الطلاب السوريين ولا يتجاوز عدد اللبنانيين فيها الـ10 في المئة. وفيما لم يتقدم أهالي الطلاب السوريين بأي طلب لنقل أولادهم، اكتشف أهالي الطلاب اللبنانيين أنهم أمام ورطة. فهم حالياً أمام مشكلة الحصول على طلب من المدرسة يبرر انقطاع أبنائهم عن التعليم، فيما صاحبها توارى عن الأنظار.
الاستثمار في المدارس المفلسة
وكان الاساتذة قد سبقوا أهالي الطلاب في تقديم الشكاوى إلى وزارة التربية ضد أ. تامر، في الآونة الأخيرة. وكان تام قد استأجر رخصة المدرسة منذ نحو سنتين. ومنذ مطلع العام الدراسي لم تفتح المدرسة أبوابها إلا لنحو شهر واحد. ولم يدرك الأساتذة أمر إفلاس الشخص الذي استأجرها إلا بعد انقضاء عطلة أعياد رأس السنة، عندما بقيت أبواب المدرسة مقفلة أمام الطلاب، وحتى لمجرد الدخول إلى المعلب. ففي الفصل الأول حصلت إشكاليات بين الأساتذة وتامر على خلفية عدم دفع مستحقاتهم، لكن أبواب المدرسة بقيت مفتوحة، وكان الطلاب يأتون ويمكثون غالبية الوقت في الملعب، كما أكد أهالي الطلاب. بعدها افتضح أمر إفلاس مستأجر المدرسة، وتبين للأساتذة أنه فرّ إلى جهة مجهولة ولم يعد له أي أثر. وبالتالي باتوا أمام خيار تقديم دعاوى جزائية. أما الطلاب اللبنانيون القلائل فينتظرون موافقة وزارة التربية على طلبات انتقال أولادهم إلى مدارس أخرى منها الحكمة في عين الرمانة. ويفترض إيجاد فتاوى قانونية لمثل هذه الحالات تبيح انتقال الطلاب من دون طلب انقطاع عن التعليم في المدرسة الأولى، كما أكد مصادر مطلعة في وزارة التربية.
ووفق مصادر أهالي الطلاب، أنه بسبب رواتب الأساتذة المتدنية، أسوة بالمدارس التجارية، وعدم تلقيهم أي مستحقات، كان الأساتذة بإضراب مستمر وعلى خلاف مع صاحبها الجديد. والأخير لم يعمل على انتظام العام الدراسي في المدرسة منذ الفصل الأول، وكان الطلاب يحضرون إلى الملعب معظم الوقت. فغالبية الطلاب من التابعية السورية، واستثمر مستأجر المدرسة بهم، وذلك بغية تلقي صاحب المدرسة المساعدات من الدول المانحة وعلى رأسها اليونيسف. لكن التمويل توقف هذا العام.
في السابق عاشت المدرسة أزمة وكانت مفلسة، بعيد انفجار الأزمة التي يمر بها لبنان. فقررت الأمانة العام للمدارس الكاثوليكية اقفالها. اعترض أهالي الطلاب حينها، فقام مستثمر من آل تامر بشرائها. وهي مثل مدرسة الحكمة، حيث انتقل بعض الطلاب، كانت تابعة سابقاً لسلسلة المدارس الكاثوليكية. مثل الحكمة كانت بأزمة مالية، واستأجرتها مؤسسة غلوبال مؤخراً. وقد حاولت مؤسسة غلوبال استئجار مدرسة السانت تيريز، لكنها عدلت عن الأمر بسبب امتناع الكنيسة. وفضلت الأخيرة منح الرخصة لتامر. وقبل تامر حاول شخص من آل مرتضى استئجار الرخصة، وهو له باع طويل في هذه التجارة. أي يستثمر في المدارس المفلسة ويشتري الرخصة، رغم عدم قانونية هذا الأمر، لأنه وفق القانون يمنع نقل الرخص المجانية وبيعها. وعندما تفشل مشاريعه يقفل المدرسة وينتقل للاستثمار في مدارس غيرها. لكن الخيار وقع على تامر وفشل في إدارة المدرسة وصولاً إلى الإفلاس ورمي الطلاب والأساتذة في الشارع والتواري عن الأنظار، تقول مصادر مطلعة في الوزارة.
فشل المشروع رغم دمج الطلاب
مدارس كاثوليكية خاصة عدة تخلت عنها الكنيسة بسبب تراجع مردودها المادي ولم تقم بتأمين تمويل لها لمساعدة أهالي الطلاب. وعدم الاهتمام بها يعود لأن غالبية الطلاب من الطوائف الإسلامية أو من الطلاب السوريين.
في العام الدراسي الفائت ضمت مدرسة السانت تيريز نحو مئتي طالب في فترتي قبل وبعد الظهر. واستفادت المدرسة في البداية عندما كانت اليونيسف تساهم بتعليم الطلاب السوريين في المدارس الخاصة بمشاريع ممولة منها. لكن هذا العام تأخر تمويل اليونسف للمشاريع وذلك بعد تقليص المنح الدولية لها وتماشياً مع إعادة تقييم المشاريع. ولم يجد صاحب المدرسة أن الاستمرار مربح له فأقفلها وخسر الأهالي الأقساط التي دفعوها بداية العام الدراسي.
ووفق عدد من أهالي الطلاب كانت المدرسة العام المنصرم تضم بعض الطلاب اللبنانيين، لكن مع المشاكل التي بدأت تحصل هذا العام قرروا الانتقال إلى مدارس خاصة أخرى. فقد عمد صاحب المدرسة إلى دمج الطلاب بدوامي قبل وبعد الظهر بداية، ولم يتعلم الطلاب إلا نحو شهر واحد وبدأت تتوالى الأزمات. لذا قرروا الانتقال إلى مدارس أخرى مطالبين باستعادة الأقساط التي دفعوها.
مشكلة انتقال الطلاب
لم ينكشف أمر المدرسة إلا مؤخراً لأن طلابها بغالبيتهم من السوريين، ولم يبد أي أحد اهتماماً بهم. لكن الشكاوى بدأت من الأساتذة بسبب لجوء صاحبها إلى إقفال أبوابها وعدم دفع المستحقات. وحالياً بدأ أهالي الطلاب اللبنانيين برفع الصوت للحصول على طلب انتقال لأولادهم. فهم تسجلوا مطلع العام في "السانت تيريز" وانتقلوا بعد افتضاح إفلاس المدرسة إلى مدارس أخرى منها الحكمة. ولا يمكن تنفيذ طلب النقل قبل الوصول إلى صاحب المدرسة وتقديم تبرير حول الانقطاع عن متابعة التعليم. لكن الأخير أقفل المدرسة ولم يعد يعرف عنه أي شيء.
وتقول مصادر مطلعة على ملف المدارس الخاصة إن هناك مدارس عدة تسمى دكاكين التعليم الخاص نبتت بفعل الفوضى. ويقوم المستثمرون بشراء الرخص بعد إيجاد "فبركات قانونية" منها تغيير الاسم وعلى سبيل المثال يكون اسم المدرسة تيمناً بالقديس أو القديسة الفلانية ويصبح تحت اسم الليسيه الفلانية بهدف غش أهالي الطلاب. وهذا ملف مزمن في لبنان ولم يقم أي وزير تربية ببحثه جدياً، لمنع هذه التجاوزات وإقفال الدكاكين.
تعليقات: