أُجّرت البطاقات بـ 100 دولار وصولاً إلى 500 دولار مقابل إجراء عمليات جراحيّة(عباس سلمان)
في بلد أصبحت فيه أبسط حقوق الأفراد من الكماليّات، حرمت الأزمة الاقتصاديّة المواطنين اللبنانيين من حقّهم الطبيعي بالطباطة والاستشفاء، بعد أن ضربت جميع القطاعات وعلى رأسها القطاع الطبي، الذي أصبح مجبرا على التسعير بالدولار، بعد الانهيار الدراماتيكي الذي شهده سعر صرف الليرة اللبنانية. فأصبحت كلفة الاستشفاء أكبر من قدرة الفرد على تحمّلها وسط شلل كلّي لدور معظم الجهات الضامنة.
وفي محاولتهم البحث عن مركب نجاة وهروبا من طوابير الذلّ أمام المستشفيات، ومن لهيب فواتير الاستشفاء، لجأ بعض اللبنانيين، إلى اللاجئين السوريين، لتأجيرهم بطاقاتهم الصحيّة ليتمكنوا من التطبب على حساب الأمم. وبحسب المعلومات التي تمّ التداول بها، أجرّت البطاقات بـ 100 دولار في اليوم الواحد، وصولاً إلى 500 دولار مقابل إجراء عمليات جراحيّة.
المفوّضيّة ستأخذ اجراءات صارمة
وفي هذا الاطار، تواصلت "المدن" مع المسؤولة في المفوضيّة السامية للأمم المتحدة دلال حرب للاستفسار عن موقف المفوّضية من تأجير لاجئين سوريين لبطاقاتهم الصحيّة للبنانيين، فأجابت حرب بأنّ "الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في لبنان أثّرت على جميع سكانه، لبنانيين ولاجئين، وبات هؤلاء في حالة من اليأس المتزايد، عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الضرورية والطارئة. حيث قد يقع العديد منهم ضحايا لمخططات استغلالية أو يلجؤون لأساليب تأقلم سلبيّة من أجل العيش وتأمين الخدمات الأساسية".
ولفتت إلى أنّ "المفوضية تتبع سياسة عدم التسامح أو التهاون مطلقاً مع الاحتيال، وهي تأخذ جميع مزاعم الاحتيال على محمل الجد وتتبع جميع الإجراءات اللازمة بما يتوافق مع نظامها الداخلي"، متحفّظة عن تفاصيل الاجراءات التي قد تتخذ بحقّ هؤلاء حيث أنّ "برامج المفوضية تعتمد على آليات صلبة للرد على أي ادعاء أو اشتباه بوقوع عملية احتيال. وعندما تتلقى المفوضية (من خلال قنوات مختلفة تشمل أيضاً مركز الاتصال والخطوط الساخنة التابعة لها) أي مزاعم بشأن احتيال واقع، تتم إحالة هذه المزاعم فوراً إلى موظفي المفوضية وقنوات المتابعة المناسبة. ويتم التعامل مع كل إحالة تتعلق بعملية احتيال مزعومة بشكل فردي وسري".
وأوضحت أنه "في حال تم تأكيد أي ادعاء بارتكاب أحد اللاجئين عملية احتيال، فقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة على المرتكب، بما في ذلك التأثير على استفادته من المساعدات أو على إمكانية لحظه في الحلول الدائمة. كما تعمد المفوضية باستمرار إلى اتخاذ مجموعة واسعة من التدابير الوقائية للحفاظ على نزاهة برامجها وعلى ثقة جميع الأطراف المعنيين فيها، بما في ذلك اللاجئون والبلدان المضيفة والمجتمع الدولي. ومن ضمن هذه التدابير، تتواصل المفوضية بانتظام مع مختلف المجموعات من خلال قنوات مختلفة لزيادة وعيهم بمخاطر وعواقب الانخراط في أي أعمال احتيالية".
ولم تكشف حرب عن نتائج التحقيقات الداخليّة التي تقوم بها المفوضّية، وإذا تمّ معرفة هويّة أو عدد الاجئين الذين أجّروا البطاقات، أو اللبنانيين الذين استأجروها .
اللبنانيون أولى بالمعروف؟
من جهّته علّق نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، على مسألة تأجير البطاقات الصحيّة، في حديث خاص لـ"المدن"، قائلا "علمنا بالموضوع من خلال وسائل الاعلام". معتبرا أنّه "من المؤسف ومن المعيب على الدولة اللبنانية أن توصل اللبناني لأنّ يضطر إلى استئجار بطاقة طبابة من اللاجئ السوري كي يتمكّن من الدخول إلى المستشفى. فالمواطن اللبناني ليس مدان إنّما الدولة التي تركته يصل إلى هنا".
وعن اتهام البعض المستشفيات الخاصّة بالتواطؤ في هذا الملفّ، لكونها تفضّل التعامل مع المنظمات الدوليّة التي تدفع لها نقداً وبالدولار"الفريش" على التعامل مع الدولة أو الضمان أو حتى شركات التأمين، أجاب "ما من تواطؤ وهذه الاتهامات معيبة، ونحن نرفض إدانتنا، وتحميلنا والمواطن اللبناني المسؤوليّة، فهذه الأخيرة تقع بالدرجة الأولى على الدولة اللبنانيّة. فمن يكون مهددا بالموت يسمح له بفعل أيّ شيئ ليخلّص نفسه"، سائلا "لماذا لا تطبّب الأمم اللبنانيين على حسابها الخاص؟ ألسنا أولى بالمعروف؟ ".
ورأى هارون أنّه "من الأفضل أن يستأجر المواطنون بطاقات صحيّة للدخول إلى المستشفى بدل الموت في منازلهم".
وعن تحمّل المستشفيات جزءا من المسؤوليّة، بسبب دولرتها ورفعها لكلفة الاستشفاء في لبنان، أجاب "جميع السلع أصبحت تسعّر بالدولار، فكيف تستورد المستشفى معدّاتها ومستلزماتها الطبيّة بالدولار إذا كانت ايراداتها بالليرة اللبنانيّة؟".
تعليقات: