لماذا صمت الأردن والنظام على الهجوم شرق السويداء؟


رغم المعلومات شبه المؤكدة عن وقوف الأردن وراء الغارات الجوية التي استهدفت مواقع تصنيع الحبوب المخدرة جنوب سوريا، لم تعلق عمّان على الهجوم الذي أسفر عن مقتل أحد أبرز تجار المخدرات مع أفراد أسرته في قرية الشعاب في ريف السويداء الشرقي المتاخم للحدود الأردنية.

وثمة حسابات عديدة تُفسر الصمت الأردني، منها التهرب من مسؤولية الضحايا المدنيين (6 أطفال وأمهم)، والحسابات العشائرية على اعتبار أن لعائلة القتيل مرعي الرمثان امتداداً في الأردن، حيث تخشى عمان ردود فعل شعبية، وهو ما أكدته مصادر محلية ل"المدن"، موضحة أن عائلة الرمثان في الشعاب تتوعد بالرد على مقتله، وإلى جانب ذلك، يبدو أن الأردن تجنب إحراج النظام السوري.

ولم يقتصر الصمت على الأردن، فالنظام السوري كذلك لم يعلق رسمياً على الهجوم الذي يعد "انتهاكاً للسيادة"، مخالفاً بذلك النهج الذي اعتاد عليه عند كل هجوم إسرائيلي.

واعتبرت مصادر "المدن" أن تجاهل النظام السوري يؤكد أن الهجوم كان بتنسيق معه، حيث يريد النظام السوري إظهار"جدية" في الحرب على المخدرات، بعد عودته "المشروطة" للجامعة العربية، وموافقته على تعزيز التعاون مع دول الجوار والدول المتأثرة بعمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية.

وأكد مصدر أردني ل"المدن" أن الهجوم يؤشر إلى "حسم شديد" في موضوع مكافحة المخدرات، من دون أن ينفي أو يؤكد مسؤولية بلاده عن الهجوم.

وبحسب المصدر فإن صمت النظام يعكس "موافقة ضمنية" على الهجوم، أو أن الهجوم جرى بعلم النظام على أقل تقدير، معتبراً أن استمرار النظام في الصمت، ينسف فرضية أن الهجوم يأتي رداً على زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا.

مصادر اسرائيلية ربطت بين توقيت الهجوم وتسلم السلطات الأردنية من إسرائيل النائب في البرلمان الأردني عماد العدوان، وقال موقع "إنتلي تايمز" الإسرائيلي إن "الهجوم الأردني في جنوب سوريا على منزل مهرب المخدرات مرعي الرمثان يرتبط بشكل أو بآخر بترحيل عضو مجلس النواب الأردني، الذي اعتقل في إسرائيل وهو جزء من تعاون إقليمي في الحرب على تهريب الأسلحة والمخدرات في المحور الإجرامي الذي تستخدمه إيران وحزب الله بمساعدة عسكريين سوريين وشركاء فلسطينيين"، بحسب تعبير الصحيفة.

لكن المصدر الأردني لم يؤكد هذه المعلومات، وقال ل"المدن" إن المعلومات عن تورط الرمثان في تهريب المخدرات معلومة للأردن، خاصة أن "عمّان لديها مصادر واسعة تبقيها على إطلاع واسع على عمل شبكات المخدرات التي تنشط في عموم الجنوب السوري".

المسؤول في شبكة "السويداء 24" ريان معروف، أكد ل"المدن" أن الرمثان يرتبط بشعبة "المخابرات العسكرية" التابعة للنظام السوري، مشيراً إلى اعتراف الرمثان في وقت سابق للشبكة بضلوعه في تهريب المخدرات، وأنه يتبع لأجهزة مخابرات النظام.

وحول احتمال ضلوع إسرائيل في الهجوم، يؤكد معروف نقلاً عن شهود من قرية الشعاب أن الطائرتين عبرتا الحدود السورية من الأجواء الأردنية، ويقول: "الرمثان ليس مهماً لإسرائيل، وإنما للأردن".

في الأثناء، كشف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عن اتفاق بلاده مع النظام السوري على تشكيل "فريق أمني سياسي" لمواجهة تهريب المخدرات، وأضاف، الإثنين، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الهولندي فوبكه هويكسترا رداً على سؤال حول الجهة المنفذة للهجوم: "عندما نتخذ أي خطوة لحماية أمننا الوطني سنعلنها في الوقت المناسب"، وتابع بأن "تهريب المخدرات تهديد كبير للأردن وللمنطقة".

وتعليقاً يقول الكاتب والمحلل السياسي عمار جلو، لا يمكن فصل الهجوم عن التطبيع مع النظام السوري، وعودة الأخير للجامعة العربية، معتبراً في حديثه ل"المدن": أنه " لا يمكن للأردن الإقدام على خطوة واضحة تنتهك السيادة السورية لولا التنسيق مع النظام".

وبذلك، يرجح الكاتب أن تشهد الفترة اللاحقة ضربات مشابهة، ويقول: "لم يعد السكوت عن تهريب المخدرات أمراً مقبولاً من الجانب العربي، ولا يمانع النظام التعاون والتنسيق مقابل الدعم الاقتصادي والتطبيع السياسي معه".

ويأتي الهجوم بعد أيام من تهديد الصفدي، باحتمال شن عملية عسكرية داخل سوريا في حال الفشل بوقف تدفق المخدرات نحو بلاده ودول المنطقة، وهو التصريح الذي تجاهله النظام السوري أيضاً.


العودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: