نقيب المحامين يستضيف رموز السلطة ليحاضروا بالحريات!

راح وزير الثقافة يسأل: «كيف ننقذ الحرية»؟ (فرح منصور)
راح وزير الثقافة يسأل: «كيف ننقذ الحرية»؟ (فرح منصور)


يوم غد الخميس 11 أيار، ستصدر محكمة الاستئناف، برئاسة القاضي أيمن عويدات، حكمها في قضية الطعن بقرار نقابة المحامين، حول تعديل نظام آداب مهنة المحاماة، المُقدمة من مجموعة من المحامين المعارضين لهذا القرار.


الحق والحرية

ومن باب الصدفة، أو ربما كخطوة استباقية لقرار عويدات، دعت لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين في بيروت إلى ندوة بعنوان: "الحق والحرية قيمتان وجوديتان مسؤولتان"، اليوم الأربعاء 10 أيار، في بيت المحامي، أي قبل يوم واحد من صدور قرار المحكمة.

وشارك في هذه الندوة كل من وزير العدل، القاضي هنري الخوري، وزير الثقافة، القاضي محمد مرتضى، رئيس بلدية بيروت، القاضي مروان عبود ممثلاً وزير الداخلية والبلديات، القاضي بسام المولوي، ونقيب المحامين، ناضر كسبار ورئيس لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان، المحامي عبدلله عبد الساتر.

والحديث عن الحريات جاء هذه المرة من زاوية واضحة ومحددة. إذ توحدت الآراء اليوم لتؤكد أمام الحاضرين أن لبنان هو بلد الفوضى في ممارسة الحريات، ومن الضروري إنقاذ الحريات!

وهنا السؤال: ما هو الحل المناسب؟ فأتى الجواب الواضح والصريح "أن الحل الوحيد يكمن في فرض الضوابط "القانونية" على الحريات، وأن النقابات هي الجهات القادرة على لجم هذا التفلت".

وطوال ساعات الندوة، حاول القيمون على الندوة أن يثبتوا للحاضرين أن "الضوابط" هي الحل المناسب، وأن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها نقابة المحامين كانت صائبة، فالحريات باتت بحاجة إلى ضبطها لمنعها من التفلت، لا سيما السلطة السياسية المتمثلة بوزراء العدل والثقافة والداخلية تشد على يد النقابة وتدعمها في قرارها "الصائب" هذا.


مسؤولية فردية

وزير الثقافة، القاضي محمد مرتضى، الذي اشتهر مؤخراً بتأييده طعن الروائي سلمان رشدي، أظهر خوفه من "الفوضى الحاصلة من دون ضوابط"، فطرح مجموعة من الإشكاليات أمام الحاضرين، طالباً إيجاد الحلول المناسبة لها. قائلاً: "إن الحرية هي الفضيلة، ولكن كيف ننقذ الحرية"؟

أما المحامي عبدلله عبد الساتر، رئيس لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان، فقد فصّل عنوان الندوة، معتبراً أن الحرية هي مسؤولية "ذاتية". وشرح عبد الساتر عنوان الندوة، فـ"الحق والحريات قيمتان وجوديتان مسؤولتان غير فوضويتين لا تقبلان التجزئة، وهما قيمتان تهدفان للوصول إلى غاية واحدة، ولا يمارسهما إلا أصحاب النفوس الكريمة المؤمنون بحقوقهم"، وشدد عبد الساتر على أن النقابات التي تحمل شعار "حماية الحريات العامة" هي وحدها المخولة لقيادة هذه المعركة والدفاع عن المواطن اللبناني..".

من جهة أخرى، رأى مروان عبود، رئيس بلدية بيروت أن معيار التوازن بين الحرية والقانون لم يعد موجوداً في لبنان. معتبراً أنه من الضروري إعادة هذا التوازن خصوصاً بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي و"غزو" أجهزة الإعلام لحياة الناس. زاعماً أن "استعمال الحرية بشكل واسع، أدى إلى الفوضى وعدم تطبيق القانون".

وانطلاقاً من كلامه، طلب عبود من نقيب المحامين، ناضر كسبار، ومن وزير العدل هنري الخوري العمل على "إعادة التوازن لمبدأ تطبيق الحريات"، معتبراً أن فقدانه "سيؤثر على عمل القوى الأمنية وعلى القضاء اللبناني".

وهنا شدد وزير العدل، هنري الخوري على ضرورة تطبيق القوانين، داعياً الجميع إلى "عدم التذمر من الضوابط القانونية التي وضعها القانون اللبناني".

نلفت إلى أن تعاميم الخوري الأخيرة قضت بمنع القضاة من الظهور الإعلامي أو اتخاذ أي موقف علني على المنصات الإعلامية من دون إذنه. كما منعهم من السفر ومن التواصل مع السفارات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والجمعيات قبل الحصول على إذن مسبق.

وفي السياق نفسه، اعتبر الخوري أن حرية التعبير، وحرية الصحافة والإعلام في لبنان لا مثيل لها في كل البلدان العربية، شريطة أن تكون ضمن الضوابط التي وضعها القانون. وأن مخالفة القضاة لهذه الضوابط، تعتبر مخالفة فردية لا تعمم على الجميع.


استقلالية القضاء

واختتم الندوة نقيب المحامين، ناضر كسبار، الذي سلط الضوء على شرح عبارة "الجرائم التي ترتكب باسم الحرية"، التي لطالما رددها سابقاً، مؤكداً أنه "لم يفهم مضمونها بوضوح إلا عندما استخدمها بعض أصحاب المصالح والإرتباطات الخارجية".

وبرأي كسبار أن "حرية التعبير لا تستخدم للتأثير على القضاء، فالقضاء حر ويطبق القانون ويجب أن يكون متحرراً من كل الضغوط".

ولم يفوت كسبار هذه الندوة ومضمونها لمهاجمة بعض وسائل الإعلام التي عارضت قراره، ليستنكر أمام الحاضرين: "كيف يعطى الحق لجهة أن تضغط بالكتابة أو بالتظاهر ضد القضاء؟"، علماً أنها قد "تكون صاحبة مصلحة أو مدفوعة من بعض الجهات الأخرى"، كما دعا الجميع إلى التمييز بين الضوابط المحقة وبين "القمع".

في خلاصة الأمر، منذ سنوات طويلة، ثمة ما يكفي من الأسباب التي تثبت أن السلطة السياسية تسعى لكم أفواه جميع المعارضين لها، بدءاً من ترهيبهم وملاحقتهم وتهديدهم، ووصولاً إلى التسلح بـ"الضوابط القانونية"!

هذه السلطة بالذات استنجد بها نقيب المحامين ليتحدث عن الحريات؟!


العودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: