معرض E-Motorshow بداية عصر جديد في لبنان؟ (علي علوش)
عند دخولك إلى "فوروم دو بيروت"، ستشعر وكأنك في كبسولة زمنية، ستحتاج بعض الوقت لاستيعاب الموقف. ستجد نفسك في مبنى يحمل علامات الصدأ من الخارج، ويشبه البلد إلى حد كبير. ولكن المشهد في الداخل يروي قصة مختلفة.
في نسخته الثانية 2023، التي تستمر من 10 إلى 14 أيار الجاري، يتنوع المشاركون في معرض E-Motorshow بين العربات الكهربائية، بما في ذلك السيارات والحافلات والدراجات. كما يقدم أيضاً شواحن وبطاريات وحلولاً للطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الاكسسوارات وقطع الغيار الصديقة للبيئة. وتوجد أيضاً أنظمة تشغيل وبرامج مخصصة للمركبات.
"إنه المستقبل الذي يفرض نفسه على حاضرنا في هذا البلد المترهل"، يقول أحدهم، ثم يستفيض في شرح منتجه وأهمية الطاقة المتجددة بالمقارنة مع الوقود الأحفوري وتلوث البيئة.
تتكرر عبارات الاستدامة والطاقة النظيفة كثيراً في أرجاء المعرض، كما لو أن المشاركين المحليين يبحثون عن أسباب غير تجارية (قضية نبيلة) لممارسة أعمالهم التجارية. أو ربما يبدو المستقبل الذي يتحدثون عنه بشغف غامضاً بعض الشيء.
جولة على السيارات
تحتل مرسيدس حيّزاً كبيراً في المعرض، حيث تقدم مجموعة واسعة من سياراتها Mercedes-EQ. تمتلك هذه السيارات أحجاماً مشابهة لبعض الموديلات التقليدية مثل فئة E وفئة S. فيوجد لدينا EQE و EQS و EQA. ولا ننسى النسخة الرياضية الكهربائية AMG، حيث حرص المصنعون على الحفاظ على حماسة محبيها، سواء من حيث الأداء أو حتى الصوت. ومن المتوقع أيضاً أن تتوفر في الأسواق في عام 2024 سيارة EQG لهواة الفئة G وكذلك سيارة مايباخ الكهربائية.
إلى جانب مرسيديس تتألق Porsche Taycan 4 بسعر يتراوح بين 130 و160 ألف دولار، حسب المواصفات والإضافات. كذلك تبدو Audi واثقة بالمدى الذي وصلت إليه في أحدث SUV كهربائي لديها Q6 e-tron حيث بلغ 600 KM. أما عند BMW فإن موديلات i4 و iX تجتذب فئة الشباب، فهم يتجمعون حولها لالتقاط الصور في حين تبدو i7 ذات خطوط مستقيمة توحي بأنها صنعت لرجال الأعمال. وهناك أيضاً سيارة Mazda وبضع سيارات من MG وHyundai وKIA وPeugeot وChevrolet، ثم تصل إلى السيارات الصينية BYD وGEELY التي تقدم سيارات كهربائية بأحجام صغيرة وأسعار تنافسية، مع باع طويل لدى المصنعين الصينيين في تكنولوجيا السيارات الكهربائية.
كما في السيارات التقليدية، يمكن تقسيم السيارات الكهربائية إلى فئات فاخرة، وسيارات متوسطة، وسيارات صغيرة واقتصادية. لكن يشعر المرء بأن السيارات الفاخرة تحاول توفير أفضل الخدمات في مجال الميديا وبرامج التشغيل وأنظمة الترفيه، ويبدو كأنها تحاول تعويض الزبائن عن الخسارة المحتملة للمحركات التي تعمل بالوقود في المستقبل. ورغم أن عدد السيارات الكهربائية ما زال قليلاً، ونادراً ما تحدث بها أعطال مقارنة بالسيارات التقليدية، فإن هذا القطاع يسعى لتوفير مراكز صيانة متخصصة وجاهزة لخدمة هذه السيارات.
الشواحن والأسئلة الصعبة
تتنوع شواحن السيارات الكهربائية EV Chargers في المعرض من حيث الأحجام والأشكال وقوة الشحن. بعض شركات السيارات لديها وحدات شحن منزلية خاصة. كما توجد شركات عالمية ومحلية تقدم منتجات وحلولاً لشحن السيارات الكهربائية. ومساحة لا بأس بها مخصصة لشركات متخصصة في مجال الطاقة الشمسية التي تقدم أيضًا أجهزة الشحن الشمسية للسيارات الكهربائية (Solar EV Charger).
تتراوح قوة وحدات الشحن هذه بين 7.2KW و11KW للمنزل و22KW في مواقف المقاهي والمطاعم، ثم قوة 50KW في مراكز التسوق ومحطات الوقود، حيث يمكن أن تصل إلى 150KW. فكلما زادت قوة الشحن قلّ الوقت المستغرق في شحن السيارة. لكنها ليست القاعدة الوحيدة، فاختيار الشاحن هو أحد أركان المعادلة. لكن قبل ذلك يأتي اختيار سيارة بمدى يناسب مالكها والمسافات التي يحتاج الانتقال بينها، ثم كيفية إدارته للمدى واختياره الطرقات ومحطات الشحن.
أن سوق مبيعات هذه الشواحن في بدايته ويتحرك ببطء. فعدد السيارات الكهربائية ما زال قليلاً في لبنان. ولكي يتمكن المطعم أو المستشفى أو المقهى من شراء بعض هذه الشواحن وتثبيتها في مواقف الزبائن، يتعين عليهم استعادة استثمارهم خلال فترة زمنية محددة. يبدو ذلك أمراً صعباً في الوقت الحالي.
أسعار السيارات، بدورها، تبدو عقبة في سرعة انتشارها، حيث أن أسعار السيارات الصغيرة والاقتصادية هي ضعف أسعار نظيراتها التقليدية. وعلى الرغم من وجود شبه إجماع بين المشاركين بأن كلفة الشحن الكهربائي ستكون نصف كلفة البنزين، إلا أن هناك عاملاً مؤكداً يحوم فوق المسألة ككل. لن ينشط هذا السوق في ظل الوضع الحالي للبنوك (من دون تسهيلات دفع) وللكهرباء في لبنان.
عصر جديد؟
لا شك بأن السيارات الكهربائية هي سيارات المستقبل. 18% من إنتاج السيارات عالمياً هذه السنة. ويمكن ببساطة أن تختلس النظر إلى المستقبل، بأن ننظر إلى أرقام مبيعات النرويج هذه السنة: 80% سيارات كهربائية.. يمكن الحديث لساعات عن التكنولوجيا وأحدث التقنيات في صناعة المحركات الكهربائية الموجودة منذ مئة عام. لكنها اليوم تمتلك عزم دوران هائل، ويمكنها أن تدور بسرعة قصوى لوقت أطول. كل تلك التقنيات تجعل السيارة الكهربائية أكثر فعالية في الانتقال من نقطة إلى نقطة، أكثر توفيراً للطاقة، أكثر توفيراً للصيانة وقطع الغيار وصديقة للبيئة.
هل سيكون معرض E-Motorshow بداية عصر جديد في عالم المواصلات؟ هل نحن في طريقنا إلى المستقبل أم أصبح واقع البلد معيقاً لأي تقدم؟ بالطبع سيحدد السوق الإيقاع في النهاية، ولكن متى سيحدث ذلك؟
تعليقات: