المحكمة العسكريّة
أصدرت هيئة المحكمة العسكريّة الدائمة، أمس، قراراً بإجماع أعضائها العسكريين والمدنيين قضى ببراءة الموقوف حسن عطيّة من تهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، بعدما ثبت لديها أنّ جهاز الأمن في المقاومة الإسلامية كان يدير التواصل الذي كان قائماً بينه وبين العدو.
وكان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوقف عطية على خلفية كشف اتصالات بينه وبين مشغّلين إسرائيليين، ضمن الحملة على شبكات المتعاونين مع العدو، وأحاله مع التحقيقات الأولية إلى القضاء العسكري الذي أمر بتوقيفه على ذمة التحقيق لفترة طالت عدة شهور.
وبعدما أشيع خبر توقيف عطية، حصلت بلبلة في بلدته قانا وبين أفراد عائلته، ما دفع المقاومة إلى التدخل، فأصدرت للمرة الأولى بياناً نشرته «الأخبار» في 26 كانون الثاني الماضي، أعلنت فيه أن عطية مقاوم في صفوفها. وشرحت حيثيات ما حصل معه، مشيرة إلى أنه «خلال بحث عطية عن فرصة عمل عبر الإنترنت، تواصل العدو الإسرائيلي معه تحت ساتر تأمين عمل له. ولمّا استشعر بأن العدو يقف وراء هذه المحاولة، بادر إلى إبلاغ المقاومة بتفاصيل الأمر، ليتبيّن أن الجهة المتصلة هي مخابرات العدو. عندها تولّت المقاومة المتابعة التفصيلية معه والإشراف على كامل التفاصيل، وخلالها أظهر عطية كل الصدق والتجاوب، ولم تسجّل عليه أية ملاحظات. وبالتالي، نؤكد أن حسن عطية ليس عميلاً للعدو».
وفي وقت لاحق، تواصلت المقاومة مع الجهات المعنية في الأجهزة الأمنية والعسكرية لمعالجة الأمر. وعُلم أن قائد الجيش العماد جوزيف عون طلب من مدير المخابرات العميد طوني قهوجي تقديم الشروحات اللازمة للقضاء العسكري وتأكيد أن ما أعلنته المقاومة في بيانها يجب أن يكون المستند الذي تبني المحكمة قرارها عليه.
وفي مجريات ما حصل مع عطية أمام المحكمة العسكرية، أعاد رواية اتصال المخابرات الإسرائيلية أثناء بحثه عن عمل. وأنه عندما تأكد من أن من يتصلون به هم من «الموساد» سارع إلى إبلاغ جهاز أمن المقاومة، مؤكداً أن التواصل كان تحت إشراف الجهاز.
وعلى مدى أكثر من نصف ساعة، أجاب عطيّة على أسئلة رئيس المحكمة العقيد خليل جابر والتي تمحورت حول تفاصيل صور المواقع التي أرسلها إلى العدو وعمّا إذا كانت بعلم المقاومة وعن تاريخ إبلاغ المقاومة بالأمر. فتحدّث عطيّة عن تفاصيل تواصله مع أكثر من شخص ادّعوا تأمين وظيفة في شركة لحماية الشخصيّات، من دون أن تثير ريْبته الأسئلة التي تم توجيهها له، باعتبارها أسئلة عامة عنه وعن عائلته. ولذلك، سافر إلى تركيا للقاء أحد الأشخاص الذين يتواصلون معه قبل أن يتبيّن له أنّه يعمل لمصلحة «الموساد» فاختصر زيارته وعاد إلى لبنان، وأبلغ مسؤول «حزب الله» في بلدته فرتّب له الأخير لقاء مع مسؤول جهاز أمن المقاومة الذي عيّن بدوره شخصاً لمواكبته. بعدها كان عطيّة يعرض رسائل «الموساد» على هذا الشخص قبل أن يردّ بحسب تعليماته لكشف كيفيّة استلام الأموال وتحرّكات عملائهم في لبنان، قبل أن يقوم عملاء «الموساد» بقطع علاقته معهم تدريجاً.
أوضح عطية أمام المحكمة كيف تواصل مع العدو تحت إشراف جهاز أمن المقاومة
وعبّر عطيّة عن استيائه من تلفيق تهمة العمالة له، قائلاً: «راجعوا تاريخي وتاريخ عائلتي. أنا أكنّ العداء المُطلق لإسرائيل التي ارتكبت مجزرتين في بلدتي، ولكنني حسبتُ أن التواصل مع الموساد بإشراف حزب الله هو خدمة أقدمها لبلدي وللمقاومة»، معبراً عن أسفه لأن «والدته رفضت لقاءه قبل أن تُعلن عائلته التبرؤ منه بالإضافة لوصمه بعار العمالة». كما ركّز عطيّة في أكثر من مرة على بيان المقاومة الذي «لولاه لكنتُ الآن عميلاً بنظر الجميع، ولكن هذا البيان الذي أكّد إشرافه على عملي هو الذي أنقذني».
وبعد المداولة، قررت المحكمة تبرئة عطية، وصدر قرار بالإفراج عنه، وتم تسليمه إلى وكيله القانوني الذي نقله إلى منزله بعد ظهر أمس.
تعليقات: