السوريون في تركيا: حاجة للاقتصاد وعمالة لا غنى عنها

أنفقت ما لا يقل عن 50 مليار دولار على اللاجئين السوريين (الأرشيف)
أنفقت ما لا يقل عن 50 مليار دولار على اللاجئين السوريين (الأرشيف)


السوريون في تركيا: حاجة للاقتصاد وعمالة لا غنى عنها

تلعب قضية اللاجئين السوريين دوراً بارزاً في الانتخابات الرئاسية التركية، وتشكّل ملفاً رئيسياً في حملات المتنافسين على الكرسي الرئاسي. وبين من يعتبر اللاجئين السوريين ثقلاً اقتصادياً على تركيا ومن يرى فيهم عمالة واعدة وداعماً للقطاعات الإنتاجية، ثمة من يقرأ ملف اللاجئين السوريين على أنه "الكلمة الفصل" في مصير الانتخابات التركية.

وبخلاف الحال في لبنان، تُجمع كافة الأطراف السياسية في تركيا على أن البلد يستضيف أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري، غير أن الإختلافات بالأرقام تقع في تقدير حجم المساهمات السورية في الاقتصاد. وفي حين يقدّر البعض حجم قطاع الأعمال العائد إلى لاجئين سوريين في تركيا بأرقام مضخّمة، تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد الشركات التي يملكها سوريون في تركيا يقارب 14 ألفاً، أي ما نسبته 29 في المئة من مجموع الشركات المملوكة لأجانب في البلاد.


مساهمة اللاجئين بالاقتصاد

وإذا كانت أرقام استثمارات اللاجئين السوريين في تركيا في قطاعات الأعمال والعقارات والسياحة وغيرها موضع خلاف واختلاف، فإن الغالبية تعتبر اليد العاملة السورية ذات جدوى للاقتصاد التركي. ويعبّر الباحث السياسي إسلام أوزكان في حديث إلى "المدن"، أن المهاجرين السوريين قدموا مساهمات كبيرة للاقتصاد التركي حتى الآن، ويعمل الكثير منهم في قطاع النسيج. كما نرى مهاجرين سوريين يقدمون مساهمات جادة في قطاع السياحة والترفيه". مذكّراً بتمركز المستثمرين وأصحاب الثروات من اللاجئين السوريين في تركيا.

وإذ يلفت أوزكان إلى أن تركيا تستضيف أكبرعدد من اللاجئين السوريين في العالم حتى نهاية العام 2021. ويرى أن للوجود السوري تأثيرات كبيرة على الاقتصاد التركي. ويقول إن اللاجئين السوريين أصبحوا جزءاً هاماً من القوى العاملة في العديد من القطاعات الانتاجية في تركيا، لاسيما أن أجور اليد العاملة السورية متدنية عن التركية وهو ما يوفر تكاليف كبيرة على المؤسسات والشركات. ويشير أوزكان إلى تأسيس اللاجئين السوريين آلاف الشركات ومساهمتهم بالنمو الإقتصادي وخلق فرص العمل وزيادة الإستهلاك بما يدعم الإنتاج المحلي. لكن كما يشكّل اللاجئون السوريون دعماً للقوى العاملة، يشكّلون أيضاً تحدّيات للدولة.

أيضاً، يلتقي الباحث التركي باكير اتاجان مع أوزكان لناحية جدوى العمالة السورية لاسيما في المرحلة المقبلة من الاقتصاد التركي ويقول في حديثه إلى "المدن" أن للاجئين السوريين الفضل الكبير على الاقتصاد التركي و"سوف يزداد الفضل في السنوات المقبلة لأن تركيا تتجه الى سياسة الانتاج والتصنيع وهو ما يستلزم أيدي عاملة، فاليد العاملة السورية متوفرة ومتخصصة وذات أجور متدنية جداً في حين أن اليد العاملة التركية غير وافرة وأجورها مرتفعة.

ويلفت اتاجان النظر إلى أهمية دخول تركيا بإنتاجها عصر المنافسة في الأسواق العالمية "وهو ما يحتم عليها توفير أيدي عاملة متخصصة ومتدنية التكلفة وهذا أمر متوفر لدى العمال من اللاجئين السوريين البالغ عددهم مئات الألوف". ويصف الحديث عن ترحيل السوريين إلى بلدهم بـ"الدعاية الكاذبة" فتركيا بحاجة اليوم الى اللاجئين السوريين اكثر من اي وقت مضى، والدولة انفقت على اللاجئين السوريين المليارات على مدار السنوات السابقة وقد حان الوقت للاستفادة من وجودهم في قطاعاتها الانتاجية، على ما يقول أتاجان.


انفاق المليارات

أما لجهة التحديات التي تواجهها تركيا على مستوى اللاجئين السوريين وثقلهم على ميزانياتها، فتشير الارقام بحسب أوزكان إلى أن تركيا أنفقت ما لا يقل عن 50 مليار دولار على اللاجئين السوريين اعتباراً من العام 2011 وحتى العام 2021، وتشمل تلك النفقات تكلفة السكن والتعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى المقدمة للاجئين. ويُضاف ذلك إلى التكاليف والضغوط المتزايدة التي يرتّبها وجود اللاجئين السوريين على الخدمات العامة في تركيا وزيادة المنافسة على الوظائف وما يمكن أن تسببه من توترات اجتماعية واقتصادية.


ويوضح أوزكان مدى صعوبة إحصاء التكلفة المالية التي تتكبدها تركيا على اللاجئين السوريين بشكل دقيق، لاسيما أنها تنفق من ميزانياتها الخاصة إلى جانب مساعدات المجتمع الدولي. كما أن المتغيّرات السنوية تعيق إحصاء حجم الإنفاق، لكن مهما بلغت تكلفة اللاجئين في تركيا لا يمكن تجاهل الضغوط التي تقع على البنى التحتية والتعليم والصحة والخدمات الأخرى.

العودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: