مفاعيل قرار رفع قيمة الدولار الجمركي تدميرية لعدد من القطاعات الاقتصادية (علي علوش)
في خطوة غير مبررة ومبهمة، عمدت السلطات اللبنانية إلى اتخاذ قرار برفع الدولار الجمركي للمرة الرابعة على التوالي. ورغم أن قرار الحكومة يشير ظاهرياً إلى محاولات القائمين على إدارة الاقتصاد تعزيز إيرادات الدولة، إلا أن مفاعيل القرار تدميرية لعدد من القطاعات الاقتصادية.
بدأ المسار التصاعدي رفع الدولار الجمركي من دون وجود أي خطط أو هيكلية واضحة لإجراء أي إصلاحات، أو حتى مكافحة التهريب. وشهد الدولار الجمركي قفزة من 1500 ليرة إلى 86 ألف ليرة، أي أكثر من 570 بالمئة، ما أدى إلى زيادة نسبة التضخم في لبنان، وانعكس سلباً على المواطن.
قرار الحكومة يطرح علامات استفهام حول الأسباب الموجبة لزيادة الدولار الجمركي، خصوصاً وأن دراسات سابقة أصدرتها "الدولية للمعلومات" لفتت فيه إلى أن العائدات الجمركية لا تدر أكثر من 3 في المئة من إجمالي العائدات المالية لخزينة الدولة. وبالتالي، تأثيرات رفع الدولار الجمركي محصلتها صفر بالنسبة للخزينة، لكنها تؤثر سلباً على القطاعات الاقتصادية.
التأثيرات عديدة
صحيح أن قرار السلطات برفع الدولار محصورة حتى نهاية شهر أيار، لكن القيمين على بعض القطاعات يعتبرون القرار مقدمة لإمكانية رفع الدولار الجمركي شهرياً حسب سعر الصيرفة على المنصة. وهو يعني تكبد قطاعات عديدة خسائر مالية. فقد سادت حالة من التخبط لدى تجار استيراد السيارات، وكل ما يرتبط بهذا القطاع سواء قطع غيار، أو زيوت وأكسسوارات، حسب ما لفت إليه رئيس نقابة مستوردي السيارات في لبنان إيلي القزي، الذي اعتبر أن قرار الحكومة هذا، يعني إقفال هذا القطاع بشكل نهائي. يقول القزي لـ"المدن": "لا يمكن لتجار استيراد السيارات تحمل هذه التكلفة من جهة، ولا يمكن للمواطن أصلاً شراء أي سيارة جديدة، من جهة ثانية، لأن تكاليف الجمارك لا تقل عن 500 مليون ليرة. وهو رقم قد يعجز عنه عدد كبير من المواطنين".
يضيف القزي "حتى بالنسبة لتجار قطع غيار السيارات، فإن رفع الدولار الجمركي، يعني إقفال مؤسساتهم، ببساطة، لأن المواطن لن يتمكن من تسديد ثمن القطعة التي يحتاجها لسيارته، لأن سعرها سيرتفع أضعاف ما كانت عليه".
يثني إبراهيم الخليل تاجر قطع سيارات، على كلام القزي، ويقول لـ"المدن": بعد رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، بدأت تتقلص قدرتنا على الاستيراد، وبدلاً من استيراد شحنة واحدة من البضائع أسبوعياً، بات العديد من التجار يستوردون شحنة شهرياً. ومع ارتفاع الدولار الجمركي إلى 60 ألفاً، أحجم العديد من التجار عن الاستيراد. وبالتالي فإن وصول الدولار إلى 86 ألفاً اليوم يعني أن الحكومة تريد إقفال المؤسسات والمحال التجارية، وتسريح المئات من العمال".
حسب الخليل، لا يوجد أي مبررات حول الأسباب التي تدفع الحكومة إلى رفع الدولار الجمركي حتى نهاية الشهر الحالي، بمعنى أخر، ماهي غاية الحكومة من ذلك، وهل سيعود الدولار الجمركي إلى سعره القديم، أم سيرفع مجدداً بداية الشهر المقبل؟".
ماذا عن السلة الغذائية؟
على الرغم من إصرار رئيس نقابة مستوردي السلع الغذائية هاني البحصلي، على أن السلة الغذائية لن تتأثر، ذلك أن معظم السلع الغذائية لا تخضع أصلاً إلى الجمارك، وبالتالي ستبقى أسعارها ثابته، لكن الواقع مختلف تماماً.
في العديد من المحال التجارية والسوربرماركت، تخضع أسعار السلع إلى تغيرات شبه يومية، ويعزو التجار هذا التغيير إلى الدولار الجمركي، فيما وزارة الاقتصاد شبه غائبة عن مراقبة الأسعار.
منذ إعلان رفع الدولار الجمركي، ارتفعت أسعار بعض السلع، وفي مقدمتها "الزيت"، و"مساحيق التنظيف"، بالإضافة إلى أنواع معينة من السكاكر والحلويات المستوردة، ناهيك عن بعض المعلبات. تشير زينة الحلو (ربة منزل) إلى أن سعر غالون الزيت 5 ليترات ارتفع من مليون و300 ألف ليرة إلى مليون و800 ألف ليرة، أي ما يقارب 500 ألف ليرة إضافية، كما ارتفع سعر مسحوق الغسيل من مليون و500 ألف ليرة إلى مليوني ليرة". ووفق الحلو، شهدت أسعار بعض المعلبات ارتفاعات مابين 90 و150 ألفاً من دون مبرر، بمجرد، إعلان الحكومة رفع الدولار الجمركي.
يعترف البحصلي، بأن أسعار بعض السلع قد ترتفع بسبب الدولار الجمركي، ويشير إلى أن ارتفاع الدولار الجمركي من 45 ألفاً إلى 60 ألفاً، أدى إلى زيادة في أسعار بعض السلع بنحو 5 في المئة، وبالتالي مع زيادة الدولار إلى 86 ألفاً، فقد ترتفع الأسعار مجدداً. لكنه في المقابل، يشير إلى أن السلع الاستراتيجية، لن تشهد أي ارتفاعات في أسعارها. فعلى سبيل المثال، ستظل أسعار السكر، الحبوب، القمح، كما هي لأنها معفاة أصلاً من الجمارك.
تعليقات: