السفارة اللبنانية في كييف
قرار الخارجية في شباط الماضي بإغلاق السفارة اللبنانية في كييف فتح «صندوق باندورا» الفضائح التي تحيط بعمل هذه البعثة في أوكرانيا. أساساً، لم يأت قرار الإقفال بسبب الحرب التي تعصف بتلك البلاد، بل على خلفيّة قضية اختلاس نحو 320 ألف دولار من صندوق السفارة، لا تزال موضع تحقيق في القضاء. يومها أرسلت الخارجية موفداً إلى كييف لإنجاز الإجراءات اللازمة لإقفال السفارة، ومنها إبلاغ خمسة موظفين أوكرانيين كانوا يسيّرون الشؤون الإدارية والقنصلية في السفارة (بعد استقالة موظفين لبنانيين)، بإنهاء خدماتِهِم. إلا أن هؤلاء لم يتقاضوا حتى اليوم مستحقّاتهم التي تعود إلى نيسان 2022، أي أن لهم في ذمة السفارة رواتب 11 شهراً (نيسان 2022 - شباط 2023). ولم تؤدّ مراجعاتهم المتكررة للسفارة والخارجية إلى نتيجة. لذلك لجأوا قبل نحو أسبوعين إلى مكتب محاماة أوكراني للبدء في إجراءاتِ رفع دعوى على الخارجية اللبنانية لتحصيل رواتبهم والتعويضات المُستحقة لهم وفق قانونَي الجزاء والعمل الأوكرانييْن.
بناءً على طلب المكتب، أرسل الموظّفون في 22 أيار الماضي كتاباً إلى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب والأمين العام للوزارة هاني شميطلي للاستفسار عن موعد تسديد مستحقاتهم، وإبلاغهما بأحكام قانونَي العمل والجزاء الأوكرانييْن في ما يتعلّق بصرفهم وعدم دفع رواتبهم. ورغم انقضاء مهلة الأيام الثلاثة التي أعطاها هؤلاء لتسلّم جواب من الوزارة، بموجب القوانين الأوكرانية، لم يأتهم أي رد، «وهذه ليست المرة الأولى التي لا تتجاوب فيها الإدارة في بيروت مع مراسلاتهم» بحسب ما أكدت مصادر قريبة من الموظفين لـ«الأخبار»، محملةً شميطلي المسؤولية «كونه المدير المباشر ضمن الترتيب الإداري، بعد وضع السفير علي ضاهر في التصرّف» بسبب التحقيق في اختلاس طاول أموال صندوق السفارة الذي يتغذى من رسوم تجديد جوازات السفر لأبناء الجالية اللبنانية ومن الوكالات، إلى جانب رسوم عقود الزواج وغيرها.
مباشرة مكتب المحاماة في الإجراءات كشفت فضيحة جديدة تتمثل في أن السفارة في كييف لم تكن تسدّد ضرائب الدخل التي تتوجب عليها عن كل موظف أوكراني في السفارة، وفق قانون العمل الأوكراني، علماً أن بين الموظفين من يعمل في السفارة منذ عام 2006. وهي مخالفة كبيرة تقوّي الموقف القانوني للموظفين، وتتيح لهم التوسع في المطالبة بالرواتب المتأخرة والتعويضات والضرائب المكسورة، وربما فوقها غرامات أيضاً.
في بيروت، الجواب نفسه يتكرر منذ شهرين بتأكيد نيّة الوزارة الدفع وتبرير التأخير تارة بـ«سلوك الملف مساره الإداري» وتارة أخرى بـ«تعذّر التوقيع» بحجة أن «الوزير خارج البلد». مصادر في الخارجية قالت لـ«الأخبار» إن تصفية المبلغ الواجب إرساله، بين رواتب وتعويضات، أُنجِزت، وسيتّم تحويله إلى السفارة اللبنانية في بولندا، حيث يمكن للموظفين السابقين الحصول عليه.
تعليقات: