عندما كانوا متحدين(أرشيف ـــ بلال جاويش)
لم يمر مؤتمر اتحاد الشباب الديموقراطي السابع على خير; فالمنظمة اليسارية التي كانت تعقد مؤتمرها في قصر الأونيسكو في نهاية الأسبوع الماضي، بحضور ضيوف يساريين عرب وأوروبيين، تشهد خلافاً كبيراً تعددت أوجهه، ما أدى إلى تشرذم في صفوفها
...عود على بدء. بعد ست سنوات على بداية الخلافات في اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني في مؤتمره الخامس، عادت «الانقسامات بين الرفاق» للصعود إلى السطح، ما أدى إلى إطاحة المؤتمر الموحّد في قصر الأونيسكو وانقسام الاتحاديين إلى ما يشبه مؤتمرين منفصلين: واحد في الزرارية وآخر في بيروت. ومع انقسام المؤتمر، انقسم أعضاء المكتب التنفيذي: بين من انضم إلى مؤتمر بيروت، ومن آثر المشاركة في مؤتمر الزرارية.
وتأتي الخلافات في المنظمة الشبابية اليسارية في خضمّ أزمة لم يخرج منها الحزب الشيوعي اللبناني واليسار اللبناني بعد.وفيما كان الاتحاد يحاول في السنوات الثلاث الماضية أن ينأى بنفسه عن التجاذبات التي أطاحت البلد، بدا أنه غير قادر على الخروج من إطار التأثير المباشر للحزب الشيوعي القويّ تاريخياً داخل أروقة الاتحاد، وخصوصاً أنه «الأب الروحي» للمنظمة الشبابية التي خرّجت عدداً من قياديّي الحزب.
الخلافات، التي أطاحت مؤتمر نهاية الأسبوع، لم تكن وليدة الأمس القريب، فهي تعود إلى المؤتمر الخامس الذي انعقد في عام 2002. كان الاتحاد كما الحزب الشيوعي يعاني وقتها من بداية الخلافات والانقسامات التي أدت لاحقاً إلى نشوء حركة اليسار الديموقراطي وحركة الإنقاذ المنشقّتين عن الحزب. وآنذاك، تم احتواء الخلافات، وانتهى المؤتمر على خير.
بعد المؤتمر، كانت الأمور في الظاهر تجري على ما يرام، فيما تحت السطح، كانت الخلافات تتعمق. وزادت الانقسامات هذه مع بروز قسم جديد من الناشطين الاتحاديين الذين يريدون تحديد العلاقة مع الحزب الشيوعي تحديداً نهائياً وكفّ التدخلات من قبل بعض أعضائه القياديين في الشؤون الداخلية للاتحاد. وهذا ما أدى إلى انفجار الأمور في المؤتمر السادس في ربيع 2005. وأدت الخلافات وقتها إلى تضارب وتلاسن بين مندوبي المؤتمر في يومه الثاني أيضاً، ما فرض تأجيله لمدة أسبوع، وتدخلت قيادة الحزب على أثر الخلاف وتمت تهدئة النفوس وانتخب مجلس وطني جديد جمع الأفرقاء المختلفين. ولكن الخلافات عادت إلى الظهور في المكتب التنفيذي الجديد. وحتى موعد عقد المؤتمر السابع لم تبتّ مسألة صحة عضوية شخصين فيه.
ولم يكن افتتاح المؤتمر السابع ينبئ بالعاصفة الآتية وهي انفصال الاتحاد إلى قسمين ومؤتمرين قبل حوالى أربعة أشهر على المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي المزمع عقده في نهاية كانون الثاني المقبل. ولا يخفى على أحد تأثر الاتحاد بالتباينات التي تظهر بين الحين والآخر في وجهات النظر داخل قيادة الحزب الشيوعي نفسه، ما يجعل البعض يسقط خلافات هؤلاء على ما يجري في المنظمة الشبابية. وبدأ الخلاف السبت، ثاني أيام المؤتمر، بسبب الاعتراض على عدد مندوبي فرع ساحل المتن الجنوبي (الضاحية). وتم الاتفاق، بعد أخذ وردّ بين المؤتمرين، على القبول بعدد المندوبين ما خلق حساسية لدى أعضاء الفرع. وعاد الخلاف إلى الظهور بعد طرح تشكيل هيئة لرئاسة المؤتمر. وتطور الأمر إلى عراك قبل أن تبادر إدارة قصر الأونيسكو إلى طرد المؤتمرين للجوئهم إلى العنف إثر تضارب بين عدد منهم. وأدى ذلك إلى عدم تقديم تقرير المكتب التنفيذي والمجلس الوطني والفروع أمام المؤتمر العام. وأوضح بعض الاتحاديين أن ما يزيد على عشر مشاكل تنوعت بين تلاسن إلى تضارب بالأيدي حصلت في جلسة السبت. ويلوم بعض الاتحاديين وقوف قياديين من المكتب السياسي خلف الجهتين المتنافستين، ما أدى إلى تأجيج الأزمة. ونفت عضو المكتب السياسي ماري الدبس علمها بأيّ من المشاكل التي حصلت، وأكدت أنها غير متابعة لما يحصل حالياً في الاتحاد.
وفيما كان يبدو أن كل طرف ينتظر الآخر حتى يقوم بأي خطوة على طريق الانتخاب أو عدمه، رفض كل من رئيس الاتحاد عماد بواب الموجود في الزرارية ونائب الرئيس خليل يونس الموجود في بيروت الإدلاء بأي تصريح في انتظار بتّ الأمور العالقة. وأوضح مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب التنفيذي عمر الديب أن ما يجري هو مسألة داخلية.
تاريخ
نضال اتحادي
تأسس اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني في أيار 1970، بعد مرحلة العمل السرّي للحزب الشيوعي. وجاء التأسيس على يد ناشطين في الحزب، وكان من بين مؤسسيه نائب الأمين العام الحالي سعد الله مزرعاني. وشاركت كوادر من الاتحاد في المقاومة الوطنية اللبنانية، وكان من أبرزهم: أنور ياسين وسهى بشارة.
ينفي نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني سعد الله مزرعاني أي معرفة بما جرى في اليوم الثاني للمؤتمر، ويؤكد أنه سمع بوجود خلافات، وهو كان قد حضر حفل الافتتاح الجمعة. وأكد أنه يجب احترام وحدة المنظمة وأصول العمل فيها وشدّد على وحدة العمل.
تؤكد بعض المصادر من داخل الحزب الشيوعي أن المكتب السياسي، وفي محاولة منه لحل المشاكل التي تعصف بالاتحاد، أوكل إلى كلّ من حنا غريب ومفيد قطيش متابعة الموضوع. ولكن غريب ينفي أي علم له بما يجري، فيما لم تتمكن الأخبار من الاتصال بقطيش.
تعليقات: