قضاة خائفون من تنفيذ أمر الحجز على أملاك سلامة

حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة.. القضاة يتنحون عن القضية خوفاً وتحسباً (رويترز)
حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة.. القضاة يتنحون عن القضية خوفاً وتحسباً (رويترز)


الإرباك والخوف يسيطران على معظم القضاة ما إن يُطلب منهم تنفيذ أي إجراء قضائي مُتخذ بحق حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة. يخشون الاقتراب من الملف، ويفضلون التعامل معه بعناية شديدة، تجنباً لغضب الحاكم والسلطة التي تحميه.


تنصل القضاة

انطلاقاً من الادعاء اللبناني على سلامة بتهم اختلاس المال العام والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتزوير، وبعد أن ادعت هيئة القضايا في وزارة العدل، المتمثلة بالقاضية هيلانة اسكندر، على الحاكم وشقيقه والمساعدة ماريان الحويك، وطلبت توقيفهم والحجز على أملاكهم، فقد طلبت هيئة القضايا في وزارة العدل، الحجز الاحتياطي على أملاك سلامة الموجودة على الأراضي اللبنانية.

في البداية، طُلب من القاضية كالين عبدلله تنفيذ هذا الحجز الاحتياطي، وكان من المُفترض أن تنفذ عبدلله الحجز على عقارات سلامة، إلا أنها فضلت التنحي عن متابعة النظر بالملف من دون أسباب واضحة. وحسب مصادر "المدن"، حُوّل الملف من بعدها إلى القاضية نجاح عيتاني، رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت. ووفقاً لمصدر متابع فالقاضية عيتاني في صدد التنحي عن الملف أيضاً.

والسؤال البديهي هنا: "لماذا يتنحى القضاة عن هذا الملف؟ وهل يتهرب القضاة من تنفيذ الحجز على أملاك الحاكم؟


الدولة "تنتظر"

ووفقاً لمعلومات "المدن"، فرئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، القاضية هيلانة اسكندر حولت هذا الملف إلى دائرة التنفيذ في بيروت، ومن هناك يُحول إلى باقي الدوائر في لبنان، كي يتم الحجز على جميع أملاك سلامة الموجودة على الأراضي اللبنانية.

والهدف من ذلك، هو منع الحاكم من التصرف بأملاكه، كي تتمكن الدولة اللبنانية من استعادة هذه العقارات في حال أثبتت التهم على الحاكم. ويعني هذا، أن الدولة اللبنانية ستنتظر انتهاء التحقيق في قضية الحاكم عند قاضي التحقيق، شربل أبو سمرا، كي تتمكن من التصرف في هذه الأملاك. ولكنها بحاجة إلى الحجز على الأملاك كي تمنع الحاكم من بيعها أو التصرف بها.

ووفقاً لمصدر قضائي رفيع فإن الحاكم يملك الكثير من العقارات في مختلف المناطق اللبنانية ومنها في منطقة الرابية والأشرفية وغيرها..

في الواقع، في حال قرر جميع القضاة في دائرة تنفيذ بيروت التنحي عن ملف سلامة، يعني أن الدولة اللبنانية لن تتمكن من التحرك أو التصرف في عقارات سلامة. ويعني هذا أن الدعوى المرفوعة ضد سلامة من الدولة اللبنانية لا قيمة لها أبداً في حال رفض القضاة تنفيذ الحجز.

وفي حديث "المدن" مع القاضية نجاح عيتاني، تمنعت عن تزويدنا بأي معلومة حول هذا الملف، واكتفت بالقول: "هذا الملف سري ولا يجب أن يسرب للإعلام، ولا أستطيع أن أقدم أي معلومة، ولكن هذا الملف موجود في دائرة تنفيذ بيروت، ولم يصل إليّ بعد".


تقسيم طائفي؟

وكلام عيتاني أتى بعد أن علمت "المدن" من مصادر قضائية مُتابعة، أن الملف وصل إلى عيتاني ولكنها تفكر في التنحي عنه، والحجة التي ستقدمها عيتاني أن الحاكم من الديانة المسيحية ويُفترض أن ينفذ الحجز على أملاكه قاضٍ مسيحي.

وانطلاقاً من كلام "المدن" مع عيتاني، ونفيها وصول الملف إليها، فهناك حوالى 9 قضاة في دائرة التنفيذ في بيروت، ويعني هذا أن الملف سيدور على جميع القضاة ريثما يصل إلى قاض جريء قادر على تنفيذ الحجز على أملاك الحاكم، والمؤكد منه حتى الساعة، أن الحجز لم ينفذ بعد.

بات واضحاً أن القضاة يتجنبون الاقتراب من الحاكم أو من أملاكه، وهم جاهزون لتقديم أي حجة حتى وإن كانت "غريبة" أو "معيبة" فقط للهروب من مواجهة الحاكم.

رفضت عيتاني تقديم أي توضيح لـ"المدن"، متسلحة بالحفاظ على سرية الملفات الموجود داخل القضاء، والسؤال المهم هنا: هل فعلاً حجة القضاة أن الحاكم مسيحي ويجب أن يتولى الملف قاض مسيحي؟ ومتى اعتمد هذا التقسيم الطائفي؟

وما ذكرناه، وإن نفته عيتاني، فقد ذكر سابقاً في ملف المرفأ، حين تم توقيف ويليام نون من قبل القاضي زاهر حمادة، وحينها ترددت عبارة أن توقيف نون أثار البلبلة لسبب جوهري وهو: "القاضي مسلم والموقوف مسيحي".


خشية من الإعلام

في النتيجة، صار واضحاً أن حساسية هذا الملف تُخيف القضاة، ويتجنبون غضب الحاكم، والأمثلة كثيرة. فمرة يستقبل بحفاوة داخل قصر العدل، ومرة تؤمن له الحماية المشددة كي يتحرك بسهولة داخل قاعات قصر العدل، وهذه المرة يتهرب القضاة من تنفيذ الحجز على أملاكه. ولا شك اليوم أنهم يخشون أن تُسرب هذه التفاصيل إلى الإعلام، كي لا يفضح واقع القضاء أمام الرأي العام.

وخوف القضاة غير مبرر، فهم بالمقابل يملكون من الجرأة ما يكفي للقول "لا نريد أن تُفقد السيطرة على السوق السوداء وأن يُحلق سعر الدولار في حال اتخذنا أي قرار قضائي بحق الحاكم". في المقابل، تؤكد بعض المصادر القضائية الرفيعة أن القضاء يتعامل مع الحاكم على أنه بريء والتهم لم تثبت عليه بعد، لذلك يعامل كأي مواطن لبنان باحترام ويعطى كامل حقوقه داخل قصر العدل. والحقيقة التي لا مهرب منها، أن القضاة يتناسون أن هذا الحاكم ملاحق دولياً من أكثر من 12 دولة أوروبية، وأن القضاء اللبناني نفسه، ادعى عليه بجرائم مالية.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: