رمزي شويري.. الشيف الظاهرة

الشيف رمزي شويري.. جمع بين ثقافته المتراكمة وخبرته في مجاله، وخفّة دمه وسرعة حركته أمام الكاميرا
الشيف رمزي شويري.. جمع بين ثقافته المتراكمة وخبرته في مجاله، وخفّة دمه وسرعة حركته أمام الكاميرا


قبل ولادة موضة الـ «فوود بلوغر» (مدوّن الطهي) على السوشال ميديا، أو حتى قبل انطلاق برامج الطهو التي تنافست عليها المحطات التلفزيونية، كان الشيف رمزي شويري (1971ـــــ 2023) صاحب التجربة السبّاقة في عالم الطهو. الشيف الذي وافته المنيّة أوّل من أمس على إثر أزمة قلبية ألمّت به، كان نجماً في تسعينيات القرن الماضي عندما أطلّ في فقرة الطبخ ضمن البرنامج الصباحي «عالم الصباح» على تلفزيون «المستقبل». أكثر من ثلاثة آلاف حلقة سجّلها الشيف رمزي في تلفزيون «المستقبل»، كاسراً فيها الجمود في فقرات الطبخ، محوّلاً إياها إلى مساحة تفاعلية وإنسانية مع المشاهد من خلال تلقّيه اتصالات متابعي «عالم الصباح» ومواكبتهم خطوةً خطوة في تحضير الطعام. جمع شويري في عمله التلفزيوني، بين ثقافته المتراكمة وخبرته في مجاله، وخفّة دمه وسرعة حركته أمام الكاميرا.

للراحل حكاية عشق طويلة جمعته بفنّ الطهي. دخل المجال في عام 1989، وبدأ بتحضير الأطباق التقليدية وبيعها في المحال التجارية في لبنان. ثم درس الطبخ في إنكلترا وتدرّب على يد كبار الطهاة العالميين، ليتخرّج أيضاً عام 1992 بشهادة في الاقتصاد والحقوق من جامعة «ليون» الفرنسية.

بعد 17 عاماً من العمل في تلفزيون «المستقبل» ، ترك الراحل القناة التي أسسها الراحل رفيق الحريري، معلناً عن انتقاله إلى محطة lbci ليطلّ مرة أسبوعياً في برنامج «حلوة ومرة».

كسر الشيف رمزي الصورة النمطية لمقدّمي البرامج التلفزيونية، وتحوّل إلى نجم في وقت كانت فيه النجومية صعبة المنال، وكانت البرامج تحترم عقل المشاهد.

يعتبر الشيف رائد الطهاة، خاض تجارب مهمّة في تحويل عالم الطبخ إلى عمل ممتع وبسيط. جمع خبرته على الورق لتكون في متناول الجميع، ففي عام 1998 أطلق كتابه الأول الذي كان بمثابة ظاهرة يومها وبيعت منه آلاف النسخ. ثم أصدر لاحقاً كتاب «الشيف رمزي من تراث لبنان»، وهو حصيلة ما جمعه من وصفات تراثية خلال تجواله في القرى اللبنانية لأكثر من عامين. ترجم الكتاب إلى أكثر من أربع لغات وحصل على جوائز عدة.

بعد انتشار خبر وفاته، استعاد اللبنانيون الشيف رمزي، تحديداً جيلَي الثمانينيات والتسعينيات القرن الماضي، هو الذي جمع بشخصيته وحضوره بين ثقافة الطبخ الواسعة والكاريزما التي كان يتمتع بها بعدما كسر نمط المقدمين ذوي القوام الرشيقة وبرامج الطبخ «المفذلكة». مع «اجتياح» صفحات السوشال ميديا لعالم التلفزيون في السنوات الأخيرة، أفل نجم الشيف رمزي، ليقرّر التفرغ كلياً لـ «مؤسسة الكفاءات» التي أسّسها والده نديم شويري، وشكلت علامة فارقة في المؤسسات التي تُعنى في مجال الطهي (وغيره).

رحل الشيف رمزي وهو في بداية الخمسينيات من عمره، ليعلن عن طيّ صفحة جميلة من ذاكرة اللبنانيين الذين يجمعون على أنّه الشيف «الظاهرة» مهما حاول رفاقه تقليده.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: