لم يهنأ أهل العرقوب بكرز جبل الشيخ هذا العام. المطر والبرد اللذان تساقطا في غير أوانهما، خلّفا في العناقيد المتلألئة ندوباً وأمراضاً.
في عشرينيات القرن الماضي، أحضر عدد من أبناء شبعا نصوب الكرز البري وزرعوها في حقولهم بعد تطعيمها بالكرز الجوي. لاحقاً، أحضر آخرون نصوباً وزرعوها في حدائق منازلهم للزينة. كان خالد سليمان الخطيب أول مزارعي الكرز بهدف التجارة، وتبعه آخرون حتى أصبح «كرز شبعا» ماركة مسجّلة في الأسواق.
عند سفح جبل الشيخ، على ارتفاع 1500 متر، ازدهرت الزراعة بعد تحرير الجنوب عام 2000. حينها، طوّر عدد من المهندسين الزراعيين هذه الزراعة فتنوّعت بين الكرز الفرعوني والمالطي والنواري وقلب الطير والسكري. وتمدّدت كروم الكرز في شبعا لتغطي نحو ألف دونم، تنتج ما بين سبعة وتسعة أطنان سنوياً، بحسب المزارع خضر حمدان الذي يتوقف عند الخسائر التي تكبّدها المزارعون بسبب سوء طريقة القطاف والحفظ العشوائي الذي يتلف المحصول. وحتى في حال التزم المزارع بشروط الزراعة المثالية، فإنه قد لا يفلت من سوء الأحوال الجوية. فقد تراجع الإنتاج هذا الموسم بسبب العاصفة التي ضربت الموسم مع بدء نضوجه.
ورغم شهرة كرز شبعا، يشكو المزارعون من احتكار التجار. بحسب حمدان، «المزارع الشبعاوي لا يحصد إلا الصيت والشهرة على الورق. أما التجار فيحصدون الأرباح الوفيرة، ويفرضون أسعاراً منخفضة لا تغطي كلفة الزراعة والإنتاج وارتفاع أجرة اليد العاملة في ظل غياب الدعم من وزارة الزراعة».
كرز كفرشوبا، أيضاً، لا يقل جودة عن كرز شبعا. لكنه دفع ثمن احتلال تلال البلدة من قبل العدو الإسرائيلي الذي أحرق تكراراً الكروم المقابلة للمواقع العسكرية المعادية. وإلى جانب غطرسة الاحتلال، يواجه كرز كفرشوبا دودة حفار الساق التي تتسبب بيباس الشجر. وبحسب المزارع هيثم حسن، لا توفر وزارة الزراعة الأدوية اللازمة لرش الكرز وقائياً قبل أن يفترسه اليباس في ظل تراجع القدرة الشرائية لدى المزارعين وعجزهم عن شراء المبيدات المدولرة.
كرز العرقوب البعيد جغرافياً عن المدن الرئيسية يدفع ثمن عوامل عدة تعيق انتشاره في المناطق وخارج لبنان، أبرزها ارتفاع كلفة النقل وغياب برادات التوضيب التي تحفظ الإنتاج لفترة أطول حتى تصريفه، فيما لا يجمع مزارعي الكرز في العرقوب أيُّ تجمع أو تعاونية لمتابعة شؤونهم.
تعليقات: