عيترون، شقرا، راميه، رميش، برعشيت وصفد البطيخ مثال للعطش


- عمد أحد النافذين إلى قطع المياه عن 13 قرية، مقابل تغذية قرية واحدة تربطه بإحدى بناتها علاقة غرامية..

- سعر نقلة الماء 20000 ل.ل. داخل البلدات، و150000 ل.ل. من خارجها إلى المنازل وهي نادرة..

ليست الهزّات الأمنيّة والأرضية المخيفة التي اعتادها أبناء منطقة بنت جبيل والجوار، هي همهم الأساسي، بل باتت الحاجة الماسة للمياه هي الشغل الشاغل الذي أصبح عبئاً مالياً كبيراً يضاف الى الأعباء الاقتصادية الأخرى، فالمزارعون وغالبية أسر قضاء بنت جبيل باتوا يشترون المياه الباهضة الثمن لسد حاجتهم في الري والشرب والتنظيف. هي المرّة الأولى التي تصل فيها الحاجة الى المياه الى هذا الحدّ، مع زيادة أسعار المحروقات والأسباب المباشرة هي في تراجع خدمات الدولة ومصلحة المياه والهدر وسوء التوزيع على القرى والبلدات، اضافة الى المحسوبيات التي تساهم في قطع المياه عن بعضها الآخر.

عيترون الماء بالدولار

الشكوى واحدة في معظم قرى وبلدات القضاء، وان كانت الأسباب مختلفة بين بلدة وأخرى. أهالي بلدة عيترون، التي تعج بأبنائها صيفاً وتعتمد زراعة التبغ، يشكو أبنائها من شح المياه، وشرائها من أماكن بعيدة، رغم أن البئر الارتوازي الوحيد في البلدة يؤمن جزءاً لا بأس به من حاجة الأهالي ولكن يصل اليهم بأثمان باهضة. يقول الحاج أسد عباس "المشتركون في مياه الدولة لا تصلهم المياه الاّ قليلاً، ولمرة واحدة في الأسبوع وخصوصاً للمشتركين القريبين من الخزان الأساسي، أما الذين تقع منازلهم في أماكن مرتفعة نسبياً فلا تصلهم أبداً، وفي جميع الحالات يضطر الجميع لشراء المياه. سعر نقلة المياه الكبيرة التي تصل الى البلدة من خارج البلدة هو 100 دولار، أما النقلة الصغيرة فتزيد عن أربعين ألف ليرة. ومن يحضى بفرصة الحصول على نقلة مياه من البئر الارتوازي بدفع عشرين ألف ليرة.

يقول صاحب احد الخزانات التي تنق المياه للأهالي، ابراهيم سلامة " يوجد في البلدة 70 جرار زراعي لنقل المياه، ولكن المرخص للجميع هو سجب 15 نقلة يومياً تباع بعشرين ألف ليرة للأهالي والباقي مضطر لشراء المياه بأسعار عالية جداً من خارج البلدة. هذا مع العلم أن النقلة الواحدة تكفي الأسرة حوالى ثلاثة أيام فقط، رغم أن أجرة العامل 25 ألف ليرة يومياً".

شقراء بلا مياه

في بلدة شقرا التي يسكنها أكثر من 7 آلاف نسمة الأمر سيّان، فالجميع بدأ بشراء المياه، من خارج البلدة ولا يوجد بئر أرتوازي يسد بعضاً من الحاجة. فالمزارعون يشكون من كلفة زراعتهم وبالتالي زيادة أسعار مزروعاتهم، فيقول شوقي عبد الحسين، الذي يزرع الشمام والبطيخ البلدي "أحتاج الى 40 ألف ليرة يومياً بدل مياه وهذا يرهق المزارع ويجعله أكثر فقراً". تصل خدمة مياه الدولة الى شقرا مرتين في الأسبوع الواحد ولمدة ساعة فقط، وهذا لا يكفي حاجة يوم واحد، وبقي عليهم أن يؤمنوا حاجتهم من أماكن أخرى. فالآبار المنزلية التي تجمع المياه شتاءً أصبحت فارغة بسبب عدم تغذيتها كالعادة من اشتراكات «مياه الدولة». ومع أن البعض يضطر الى الاستدانة لسد حاجته من الماء صيفاً.

بين رامية ورميش!!

بعض القرى والبلدات تصلها المياه أكثر من غيرها بكثير. فتختلف بلدة رامية الصغيرة عن بلدة رميش مثلاً الكثيفة السكان والتي يعتمد أبناؤها على زراعة التبغ، فالمياه لا تصل الى رميش الاّ نادراً وكأن في ذلك معاقبة للمزارعين الصامدين في أرضهم. وحسب مصادر معنية أن "المشكلة الأساس في عدم ضخ ما يكفي من المياه الى منطقة بنت جبيل التي يغذى جزء منها من مضخات وادي جيلو والجزء الآخر من مضخات بلدة كفرا. فتحتاج 13 بلدة تتغذى من منطقة وادي جيلو الى حوالي عشرة آلاف متر مكعب يومياً ، بينما مقرر لها 6000 متر مكعب ويصل اليها حقيقة نحو 3500 متر مكعب.

نفوذ ومحسوبيات وأكثر!!

إضافة الى ذلك فان البعض يعمد بالواسطة الى قطع المياه عن هذه القرى لري البساتين في منطقة صور والمحسوبة على بعض النافذين". ويؤكد المصدر المطلع أن " ما هو مقرر للمنطقة من تغذية المياه محدد منذ العام 1995، رغم أن الحاجة زادت اليوم ضعف ما كانت عليه. يضاف الى ذلك أن من يسرق المياه لا يحاسب بل هو المحاسب أحياناً لو تم مساءلته أو قطع المياه عنه، ويساعد على ذلك أن بعض المسؤولين عن خدمة المياه هم أول من يلجأ الى قطع المياه عن بعض القرى لتغذية البعض الآخر لمصالح شخصية. أحد رؤساء الدوائر الرسمية في الجنوب عمد الى قطع المياه لمدة 12 ساعة عن 13 قرية في منطقة بنت جبيل لتغذية قرية واحدة بسبب علاقته الغرامية مع إحدى بنات تلك القرية، ولم يحاسب رغم علم المسؤولين بذلك".

أصوات برعشيت وصفد

ويقول مصدر آخر أن " مشكلة الكهرباء ليست سبباً حقيقياً لقطع المياه عن القرى والبلدات، ففي فصل الشتاء تصل المياه بشكل دائم اليها رغم أن الكهرباء شتاءً معرضة للانقطاع باستمرار وهذا يعني، وأنا أؤكد ذلك كوني معنياً بالموضوع، أن انقطاع المياه سببه عدم ضخ ما هو لازم بسبب خدمة أصحاب البساتين وبعض المحسوبين والنافذين الذين يجبرون نقل المياه الى بلداتهم ومناطقهم. فإحدى بلدات بنت جبيل تغذى أكثر من حاجتها، وأحياناً يمتلىء خزان المياه الرئيسي ويفيض أرضاً ولا يسمح بتعديل توزيع المياه لنقلها الى بلدات أكثر حاجة كشقرا وبرعشيت وصفد البطيخ. فالمطلوب من أبناء القرى المحتاجة أن ترفع صوتها عالياً للحصول على حقها المصادر، خصوصاً وأن المياه تصل إلى بعضها بالقطّارة، وهي تعاني الفاقة والعطش وأحياناً يتدخل المسؤولون بشكل مباشر لتغطية بعض المنتفعين، رغم هذه المعاناة فالأهالي في منطقة بنت جبيل مشتركون بغالبيتهم في خدمة المياه العامة ويدفعون اشتراكاتهم بشكل سنوي (225 ألف ليرة)، فهناك حوالى 1700 مشترك في بنت جبيل وحدها، وحوالى 900 مشترك في بلدة شقرا و1000 مشترك في بلدة جويا و400 مشترك في برعشيت.. ورغم ذلك لا تصل المياه الى هذه البلدات الاّ نادراً وتدفع الأسر نحو 100 ألف ليرة أسبوعياً لشراء ما يلزمها من المياه. وبانتظار شهر تشرين الأول وهو الموعد المرتقب لانجاز جزء من مشروع الليطاني، بعد جرّ المياه من منطقة الوزاني الى بلدة مركبا حيث سيتم انشاء ثلاثة خزانات مياه كبيرة توزع منها المياه جرّاً الى قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون.

تعليقات: