«دويتشه فيله» تأكل حقوق مصروفيها العرب

(ناصر الجعفري ـ الأردن)
(ناصر الجعفري ـ الأردن)


بعدما طردت الشبكة الألمانية الناطقة بالعربية مجموعة من الصحافيين بدعوى «معاداة السامية»، ها هي تتنصّل من قرارات المحاكم الألمانية التي برأت هؤلاء، محاولة التهرّب من تنفيذ قرار إعادتهم إلى عملهم


إنها معركة طويلة النفس في المحاكم الألمانية. هذا ما يُجمع عليه المصروفون من قناة «دويتشه فيله» (DW) الألمانية الناطقة بالعربية الذين توجّهوا إلى القضاء الألماني للاستحصال على حقوقهم المالية والمعنوية، بعدما طردتهم المحطة من عملهم بدعوى «معاداة السامية». بعد مرور عام ونصف العام تقريباً على قيام المحطة الألمانية بعملية تجسّس على حسابات المصروفين ولاحقاً صرفهم من عملهم بين ليلة وضحاها، بدأت المحاكم الألمانية بإصدار قراراتها المنصفة للمصروفين. لكن هل طبّقت الوسيلة الإعلامية تلك القرارات على أرض الواقع؟ بالعودة إلى القضية التي أثارت زوبعة في الرأي العام العربي والعالمي، كانت «دويتشه فيله» قد أعلنت في نهاية عام 2021 عن صرف مجموعة من إعلامييها العرب من بينهم المدير السابق لمكتب قناة «دويتشه فيله» في بيروت باسل العريضي، وداوود إبراهيم، ومرهف محمود، وفرح مرقة ومرام سالم، وغيرهم.

استندت الشاشة الألمانية في خطوتها التعسفية إلى تقارير نشرت في وسائل الإعلام الألمانية من بينها تحقيقات في صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» التي قامت بما يشبه عملية تجسس على تغريدات قديمة لهؤلاء داعمة للقضية الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي، إلى جانب سحب أرشيف كتابات قديمة للإعلاميين نشرت في مواقع عربية متعددة، مؤيدة للقضية الفلسطينية. على أثر قرار الطرد، قرّرت غالبية المصروفين التوجّه إلى المحاكم ضمن «معركة مفتوحة» للحصول على حقوقهم المادية والمعنوية التي قضمتها الشاشة التي ترفع لواء الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير. مع العلم أن المحطة كانت قد شكّلت لجنة تحقيق في القضية، تألّفت من شخصين هما وزيرة العدل الألمانية السابقة زابينه لويتهويزر شنارنبرغر، والاختصاصي النفسي الفلسطيني أحمد منصور المعروف بمواقفه الداعمة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي.

«فزت بقرار الاستئناف في المحكمة ضدّ قناة «دويتشه فيله»». بهذه التغريدة أعلنت الصحافية الفلسطينية الأردنية فرح مرقة أخيراً عن فوزها في الدعوى التي رفعتها ضد الشبكة الألمانية. وكشفت الصحافية أن محكمة العمل الألمانية أشارت إلى أنّ «عمليات الفصل ليس ملزمة»، مضيفةً أن «دويتشه فيله» قامت «عمداً بتضليل مجلس الموظفين». وختمت الصحافية تغريدتها.

في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أن مرقة التي انضمت إلى قناة «دويتشه فيله» قبل خمسة سنوات تقريباً، فازت في جولتها الجديدة في «محكمة العمل الألمانية في برلين وبراندنبورغ» التي أصدرت قرار تبرئتها من التهم الموجّهة إليها. وتشير المصادر إلى أنّ قرار المحكمة ليس نهائياً، ويمكن للقناة الألمانية الاعتراض عليه خلال فترة تراوح بين شهر ونصف الشهر تقريباً. وفي تلك الحالة، تُحال القضية إلى المحكمة الفيدرالية للنظر فيها. وتلفت المعلومات إلى أن الحُكم أقرّ بشكل واضح بأنّ فرح «بريئة من التهم الموجّهة إليها، وبأنّ الإقالة من وظيفتها ملغاة، على أن تتحمّل المحطة الألمانية التكاليف المالية للمحكمة الألمانية».

لكن لغاية كتابة هذه السطور، لم تُقدم الشاشة على أيّ خطوة اعتراض على القرار الجديد، مع العلم أنّ عقد الصحافية قد انتهى مع القناة في شهر حزيران (يونيو) الماضي، ومن المرجح ألا تجدّد المحطة تعاقدها معها. في المقابل، تلفت المعلومات إلى أنّ فرح ليست الوحيدة التي فازت في الدعاوى المفتوحة في القضاء الألماني، بل كذلك زميلها زاهي علاوي. فقد أعلن الصحافي الفلسطيني في آذار (مارس) الماضي، عن فوزه في الدعوى التي رفعها ضدّ القناة الألمانية، كاشفاً أن «محكمة العدل الألمانية» رفضت تهم فصله من عمله بحجة «معاداة السامية». وأوضح علاوي في تغريدة له على صفحته، عن عودته إلى العمل في المحطة الألمانية، لكنه تبلّغ أخيراً قرار عدم تجديد العقد معه في نهاية العام الحالي. بالتالي، فإنّ القناة تستغلّ الوقت للمماطلة في تنفيذ القرارات القضائية لصالح الموظفين، لحين انتهاء عقودها معهم، وبالتالي يتم صرفهم بشكل يناسبها.


أعلنت الصحافية الفلسطينية الأردنية فرح مرقة عن فوزها في القضية

أما بالنسبة إلى مرهف محمود الذي يواجه كذبة «معاداة السامية» أيضاً، فلا تزال قضية الصحافي الفلسطيني عالقة في القضاء الألماني وينتظر البتّ بها قريباً.

من جانبها، ربحت مرام سالم الدعوى التي رفعتها ضدّ الشاشة، ولم تستأنف القناة القرار، بالتالي ذهب الحكم لصالح الصحافية. لكن المحطة تجاهلت تنفيذ قرارات المحكمة بشكل كلّي، ولم تعد الإعلامية الفلسطينية إلى عملها بعد بناءً على القرار الأخير.

باختصار، يبدو أنّ أمام المصروفين جولات جديدة من تعنّت القناة الألمانية، وسط مماطلة لحين انتهاء العقود معهم، بينما اتخذت الشاشة قراراً واضحاً بعدم تجديد العقود مع جميع المصروفين بتهم «معاداة السامية». يذكر أن تلك القرارات تزامنت مع منع السلطات الألمانية للعام الثاني على التوالي، تنظيم أيّ وقفات (تظاهرات، حركات...) احتجاجية دعماً للقضية الفلسطينية آخرها في مناسبة «يوم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية» التي كانت ستنظّم في نيسان (أبريل) الماضي.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: