النائب الفرنسي تيري مارياني ورئيسة حزبه اليميني المتطرف مارين لوبان (Getty)

أثار إعلان النائب الفرنسي تيري مارياني بأن "البرلمان الأوروبي صوت بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان"، بلبلة في لبنان، حول حقيقة وأبعاد ما أعلنه كمسؤول برلماني بارز، وتاليًا مدى فاعلية مثل هذا القرار وتداعياته على لبنان.

تغريدة مارياني

ومارياني (اليمين الفرنسي المتطرف) سبق أن اشتهر بمواقف مثيرة للجدل حول لبنان، ومنها ما أعلنه العام الفائت، حين صرح قائلًا: "ما يفعله الأوروبيون هو تدمير للبنان من خلال دعم المنظمات غير الحكومية لإبقاء اللاجئين فيه".

وتأتي تغريدة مارياني في وقت يمر ملف اللاجئين السوريين في لبنان بمرحلة شديدة الحساسية، خصوصًا بعد رفع منسوب التنسيق الثنائي بين الجانبين اللبناني والسوري، علمًا أن زيارة الوفد الحكومي الرسمي برئاسة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى دمشق، لم تحدد بعد. وذلك لأسباب غير معلنة، وتعكس مستوى الإرباك اللبناني بإدارة الملف؛ لا سيما أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لم تتجاوب بعد مع مطلب إعطاء لبنان داتا اللاجئين، كما سبق أن رفضت أن تكون جزءًا من لجنة ثلاثية لمتابعة خطة لبنان التي تحمل عنوان "الترحيل الآمن" (راجع المدن).

وتابع النائب الفرنسي تغريدته اليوم بالقول أيضًا: "من بين الممثلين الفرنسيين المنتخبين، فقط نواب التجمع الوطني الفرنسي (هو منهم)، صوتوا ضد هذه الإهانة للبنانيين ومستقبلهم".

لكن، ما حقيقة ما أعلنه البرلمان الأوروبي؟

عمليًا، جاءت تغريدة النائب الفرنسي في سياق مجتزأ من جلسة البرلمان الأوروبي، والتي أتت بإطار جلسة مشتركة من أجل التوصل إلى حل بشأن الوضع في لبنان، كما يظهر عند مراجعة ما نص عليه البيان الختامي للجلسة على موقع البرلمان الأوروبي.

ورغم أن جلسة البرلمان الأوروبي أصدرت ما وصفته بالقرارات تجاه لبنان، لكنها عمليًا غير ملزمة للبنان، بل مجرد دعوة للدول الأعضاء من أجل الدفع بالضغط على لبنان لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه، ودق ناقوس الخطر حيال وضعه.

واستندت جلسة البرلمان الأوروبي إلى اعتبار أن الوضع الحالي في لبنان مقلق، بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية، وحالة الانهيار المؤسسي.. وبقاء حكومة تصريف الأعمال مسؤولة عن البلاد، بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وبدا واضحًا في مطالعة البرلمان الأوروبي أنه كرر أكثر من مرة تحميل حزب الله وحلفائه مسؤولية جزء كبير من الأزمة في البلاد، ومما ذكره مثلًا ربط عرقلة التحقيق بتفجير المرفأ بسوء استخدام السلطة من قبل الفاعلين السياسيين، "بما في ذلك حزب الله وحلفائه"، وأن "حزب الله هو من ساعد النظام السوري في الحرب بسوريا"، كما قال.

وما صدر عن البرلمان هو جملة دعوات للضغط على لبنان، ومما جاء فيها:

- حث مجلس النواب على انتخاب رئيس بأقرب وقت ممكن.

- التأسف على تأجيل الانتخابات البلدية، والدعوة لإجرائها.

- دعوة الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات في لبنان على كل من يعرقل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت أو بعثة تقصي الحقائق الدولية المقبلة.

- الإعراب عن دعم قوات حفظ السلام (اليونيفل) جنوبًا على الحدود بين لبنان واسرائيل.

وغيرها الكثير من الدعوات بالإطار عينه.

ماذا عن اللاجئين؟

أما بما يخص اللاجئين السوريين في لبنان، فلم يدعُ البرلمان الأوروبي إلى إبقائهم في لبنان، كما قال النائب الفرنسي، بل كرر ما يقوله دائماً، لجهة عدم توفر شروط العودة الطوعية والكريمة للاجئين في المناطق المعرضة للصراع في سوريا. وشدد على ضرورة أن تكون عودة اللاجئين طوعية وكريمة وآمنة، وفقا للمعايير الدولية، مقابل استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للسكان اللبنانيين واللاجئين.

ودعا الاتحاد الأوروبي لبنان إلى الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967. إضافة إلى تشكيل فريق عمل دولي بمشاركة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والسلطات اللبنانية، لمعالجة قضية اللاجئين. كما أعرب عن قلقه "من تصاعد الخطاب المناهض للاجئين من قبل الأحزاب السياسية والوزراء اللبنانيين".

وبالعودة إلى النائب مارياني، كان قد نشر يوم الثلاثاء، رسالة مصورة إلى اللبنانيين، حذرهم فيها مما أسماه: ""قرار سيتم التصويت عليه في البرلمان الاوروبي الأربعاء 12 تموز.. طعنة حقيقية في ظهر اللبنانيين".

وفي تصعيد لافت، قال أيضًا: "سيكون البرلمان الاوروبي محترماً في لبنان عندما يوقف نهائيًا سياسة التدخل وتهديداته بالعقوبات، بينما يدعي الدفاع عن سيادة البلاد. إضافة إلى وقف نبذ لبنان من السياسات الأوروبية. فلا مصلحة لدينا أن يستمر الضغط على الليرة اللبنانية ما يسرّع هجرة الرؤوس من لبنان".

عودة إلى الصفحة الرئيسية