جمود في القطاع العقاري: الأسعار ترتفع مجدداً... طلب على المطاعم والمقاهي وتباطؤ في الشقق

مشهد عام لمدينة بيروت. (نبيل اسماعيل)
مشهد عام لمدينة بيروت. (نبيل اسماعيل)


ليس بعيداً القطاع العقاري عن الازمات التي تعيشها البلاد، فهو كغيره من القطاعات يشهد ركوداً حاداً على رغم تراجع أسعاره في كل المناطق مقارنةً بالأعوام السابقة، وتحديداً بعد عام 2019.

ولكن يبدو أن البعض غير مقتنع بأنّ حركة السوق جامدة، ويصر على ان ثمة حركة ناشطة في القطاع مستندا في تحليله الى تعلّق اللبنانيين بشراء العقارات التي تشكل ملاذاً آمناً لهم خصوصا بالنسبة الى أصحاب الودائع المحتجزة في المصارف. وفي السياق، يوضح الخبير والمستشار في الشؤون العقارية جورج نور في حديث الى “النهار”، أن “معاناة القطاع ليست وليدة الأزمة، واذا أردنا فهم الواقع اليوم، علينا العودة الى ما كانت عليه الأوضاع قبل ثورة 17 تشرين”.

ويشرح نور أنّ “ركود قطاع العقارات تجلّى في العامين 2014 و2015، عندما أغرت المصارف زبائنها بفوائد مرتفعة جداً وغير مدروسة، بما شجع كل من لديه القليل من المال على الحصول على مردود مادي إضافي من خلال تجميد ودائعه في المصرف بدلاً من شراء عقار. أما بالنسبة الى المطورين العقاريين، فقد عمدوا الى استدانة كميات هائلة من الأموال بغية تطوير مشاريع عقارية”.

وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي، وصل معدّل الفائدة على الودائع الى 6 في المئة عام 2015، والى 9.7 في المئة عام 2010.

توازياً، برزت برامج تحفيز للتملّك العقاري بالليرة اللبنانية التي قدمتها المؤسسة العامة للإسكان، وبالدولار الأميركي من مصرف الإسكان، ويشرح نور أنّ “هذين البرنامجين كانا يتوجهان الى شريحة معينة من الناس التي تستوفي الشروط المطلوبة، اذ كان يُؤخذ في الاعتبار المدخول والفئة الوظيفية”، مضيفاً: “في الموازاة كانت المؤسسة العامة تمنح حدّا معيّنا بالليرة اللبنانية، كما كان موظفو القطاع الخاص يتوجهون نحو بنك الإسكان، للافادة أكثر من التمويل الذي هم بحاجة اليه في العقارات، وتالياً تراكمت جميع هذه العوامل حتى عام 2019”.

ركود متفاقم

بعد اندلاع “ثورة 17 تشرين”، ألغت المصارف بطلب من مصرف لبنان الفوائد المصرفية على جميع الودائع، لكنها استثنت الفوائد على الحسابات الدائمة فأبقتها مرتفعة، بحسب ما يقول نور. وفور تدهور الليرة بدأ المطوّرون بتسديد ديونهم للمصارف، وامتدت هذه العملية من عام 2020 حتى عام 2021. وخلال هذا العام، شهد القطاع العقاري نوعاً من الحركة بعدما عمد أصحاب حسابات بالدولار الى شراء عقارات “لتهريب” أموالهم المحجوزة في المصارف بأي وسيلة، فيما أراد المطور العقاري سداد ديونه، وكان الحل بالشيكات المصرفية. لكن نور يلفت الى أنّ هذه الحركة توقفت بعدما أوفت شريحة كبرى من المطورين العقاريين ديونهم للمصارف، وانتهت حسابات التوفير، مما “أعدم” رغبة شراء العقارات، ناهيك عن تراجع القدرة الشرائية.

غياب العرض والطلب

مع غياب العرض والطلب، بدأت واقعة “الفرص الذهبية” تجتاح السوق. ويشير نور الى ان “السوق تتحدّد بحسب العرض والطلب، لكن اليوم بتنا أمام واقعة “الفرصة الذهبية”، أي يتم البيع بمبادرة فردية، وغالباً ما تكون فرصة استثمارية ذكية”، لافتاً الى أنّ “الطلب بات محدودا على الشقق الكبيرة رغم توافرها، وبدأ كثيرون يلجأون الى المساحات الصغيرة (بين 70 و100 متر)”.

ويعتبر نور أنّ ما ساهم في تعقيد الوضع هو “دولرة أسعار البناء، خصوصاً مواد البناء المستوردة، وكانت قاعدة التخمين العقاري تعتمد بشكل أساسي على المردود التأجيري وكلفة البناء، لكنها أضحت اليوم تعتمد على قيمة استبدال العقار”.

أما بالنسبة الى الأراضي، فانّ أسعارها وفق ما يقول نور تحولت من لولار الى دولار، لافتا الى ان ثمة فترة انتقالية في العام 2019 انخفضت فيها الاسعار بنسبة 60 في المئة، لكن مع بداية عام 2021، ومع الدفع باللولار عادت الأسعار الى الارتفاع. كما بات الطلب أقل على المحال التجارية جراء “السوق الافتراضية”، فضلاً عن المكاتب التي تأثرت خلال فترة كورونا “بالعمل من المنزل”.

وعلى مستوى المطورين العقاريين، يؤكد نور انه مع غياب التمويل المصرفي “لا فرصة لاعادة اعمار المشاريع بشكل طبيعي، وهذا لن يحصل قبل 5 الى 10 سنوات”، مشدداً على أهمية ايجاد حلول اسكانية لعودة الدورة العقارية الى طبيعتها.

هل من أمل لعودة الحياة الى هذا القطاع؟

من الصعب اعادة الحياة الى القطاع العقاري في ظل غياب المستثمرين وانعدام الطمأنينة والثقة بمستقبل البلد، اذ وفق نور “لا نعلم إلامَ ستؤول الظروف. لكن هذه الظروف لم تمنع زيادة أسعار بعض العقارات في بعض المناطق، وربما يكون السبب الرئيسي الخوف المتزايد من الاحتفاظ بسيولة نقدية فائضة في المنزل”.

قطاع المطاعم نحو الازدهار

من جهته، يلفت الخبير العقاري رجا مكارم لـ”النهار” الى ان السوق تشهد زيادة طلب على المحال التجارية للاستثمار في المطاعم والمقاهي، في مقابل جمود في حركة بيع الشقق، مضيفاً: “نادراً ما يُباع عقارات، وتتم العملية فقط حين يريد أحد بيع عقاره”.

وأشار مكارم الى أن هذه الفترة سيئة جداً بالنسبة للقطاع العقاري، لافتا الى أن آخر المبيعات كان بقيمة 42 مليون دولار، علما أن العقار يستأهل 100 مليون دولار، وهذا دليل على سوء الأوضاع. وأكد أن الاسعار “لا تزال على حالها، خصوصاً مع ركود بالمشاريع الهندسية، أما المشاريع الجديدة فمن المستبعد ان تبصر النور”.

من ناحيتها، ترى صاحبة مكتب عقارات سميرة زعطوط في حديث الى “النهار” أنّ الإيجارات بدأت تجتاح السوق مع ركود في المشاريع الهندسية، ولكن في حال تمت عملية البيع، تتعدّد العوامل التي تحدّد السعر، من أبرزها: كمية الاستثمار في المنطقة، نوعية البناء والـ”view”.

وهنا لائحة بالأسعار:

– في الأشرفية وغرب بيروت يصل المتر الى ما بين 2000 و2500 دولار.

– الشقق في بيروت المنطقة الأولى (وسط بيروت، المرفأ…) يصل سعر المتر الى 2500 و3000 دولار.

– في حي الأميركان أو في السانت تيريز في الضاحية الجنوبية يصل المتر الى 1500 دولار.

– في برج البراجنة وحارة حريك يصل سعر المتر الى ألف دولار.

– في خلدة والشويفات، شقة 120 مترا مربعا قد يصل سعرها الى 125 ألف دولار.

– في بعبدا، مع الاستثمار الطفيف قد يصل سعر شقة 350 مترا مربعا الى 450 ألف دولار.

– في منطقة مار تقلا، شقق 250 مترا أو 300 يصل سعرها الى 650 ألفا وصولاً الى 700 ألف.

– الأراضي في بيروت تبدأ الأسعار بـ 4 آلاف للمتر وصولاً الى 8 آلاف.

– الأراضي بالقرب من “الحمّام العسكري” خطّ أوّل، تراوح ما بين 9 آلاف دولار للمتر، وصولاً الى 15 ألفا أو أكثر.

وأشارت زعطوط الى أنّ الأسعار سابقاً كانت أرخص، ولكن بدأ الطلب يرتفع مجدداً وخصوصاً من قِبل مغتربين يودون شراء عقارات بدلاً من وضع ودائع في المصارف.

عودة إلى الصفحة الرئيسية


تعليقات: