عائلة عليّ (ابن بلدة الطيبة) تتبرع بأعضائه:مات ابني لكنه سينقذ 33 شخصاًً

يتجاوز وهب الأعضاء النبل والانسانية إلى إنقاذ عشرات الأشخاص من متبرع جميل واحد كعلي(المدن)
يتجاوز وهب الأعضاء النبل والانسانية إلى إنقاذ عشرات الأشخاص من متبرع جميل واحد كعلي(المدن)


حين تقول دلال"مات ابني، ولكنه سيتمكن من إنقاذ حياة أكثر من 33 شخصًا"، فان الحزن المتكسّر في صوتها يختصر كل وجع العالم تعكسه غصتها ودموعها المنهمرة على خديّها. وافقت دلال على التبرع بأعضاء طفلها علي حسن محمود شرف الدين (15 عاما) الذي توفي يوم الأحد 6 آب إثر تعرضه لحادث سير على دراجته النارية. تبرعت باعضائه ليبقى شيئ ما منه ينبض بالحياة ويضخ الروح والأمل في حيوات آخرين.


مساعدة 33 شخصاً

في الرابع من آب الجاري، تعرّض علي ابن بلدة الطيبة الجنوبية لحادث سير قوي، أدى إلى تلف دماغه ونقل أثره إلى مستشفى مرجعيون لتلقي العلاج. ونظراً لوضعه الصحي الحرج، فقد نُقل بمروحية بمساعدة الجيش اللبناني إلى مستشفى الرسول الأعظم في بيروت، إلا أن جسده لم يتمكن من الصمود أكثر من يومين نتيجة تلف الدماغ ، فتوفي يوم الأحد.

قرّرت عائلة شرف الدين التبرع بأعضاء علي، ووقعوا على الأوراق الرسمية التي تؤكد موافقتهم على التبرع بمجموعة من أعضاء علي وهي: "الكلى، الأنسجة، الخلايا الجذعية، الكبد".

يؤكد والد علي حسن محمود شرف الدين ل"المدن" بإن "علي سيتمكن من مساعدة أكثر من 33 شخصًا، وإن قرار التبرع كان يهدف لمساعدة مجموعة من المرضى. فعلي كان محبوباً من رفاقه ويسعى لمساعدة الجميع، والأكيد أنه سيكون سعيداً جداً بهذه المساعدة الإنسانية ".

لا تخفي دلال، والدة علي، تخبط مشاعرها . إذ تشعر بالحزن والفخر في آن واحد. كانت تتمنى بأن يظل علي بجانبها ليكمل تعليمه وتفرح به. فهو كان يرغب بالسفر للتخصص في مجال الطب.

تعزي نفسها بأن "أعضاء علي ستساعد المرضى، خصوصاً كل من يعاني من أمراض مزمنة بسبب حاجتهم لكلية أو لكبد، وقد علمت بأن هناك عمليات جراحية أجريت لشخصين بعد حصولهما على جزء من كلى وكبد طفلي، وهذا الأمر أسعدني جداً..".


كلية عليّ تنقذ سارة

سارة جواد (18 عاماً) تلقت كلية علي. أجريت لها عملية جراحية منذ يومين لزرع الكلية وهي تتعافى في المستشفى.

تواصلت "المدن" مع والدة سارة التي أكدت بدموعها وصوتها المرتجف بأنها عاجزة عن وصف مشاعرها بعد أن علمت بأن كلية علي تطابقت مع ابنتها التي تعاني منذ حوالى 4 سنوات من وضع صحي حرج، أجبرها على اللجوء إلى غسيل الكلى. وقد سبق للوالدة أن تبرعت بكليتها لطفلتها الثانية منذ حوالى 12 عاماً "ولو استطيع لوهبت سارة كليتي".

لا تجد ام سارة الكلمات الكافية لتترحم فيها على عليّ وتطلب العزاء لقلوب أهله. لم يمنعها فرحها باعطاء ابنتها فرصة للحياة من مشاركة عائلة علي حزنها وتقبل التعازي إلى جانب أهله الذين وهبوا الحياة لابنتها بقرارهم الانساني، النبيل.

قد لا تكون فكرة وهب الأعضاء رائجة بما يكفي لانقاذ حياة كثيرين، لكنها موجودة وتخلق أحياناً روابط بين عائلة الواهب والمتلقي، وتشجع سائر أفراد الأسرة على التوصية بوهب أعضائهم.


قرنية تشجع عائلة على التبرّع

هذا ما حصل مثلا عام 2008 مع عبدالله حسّان. تبرعت امرأة بقرنيتها بعد موتها، لحسّان (83 عاماً)، الذي فقد بصره بسبب حوادث متراكمة. توطدت بعدها علاقة العائلتين ، وصاروا على تواصل دائم معهم. ولاحقاً وقّعت مجموعة من أفراد حسان على جميع الاوراق الرسمية التي تثبت موافقتهم على التبرع بأعضائهم بعد موتهم.

في المقابل، لا تزال قضية التبرع بالأعضاء تلقى رفضاً قاطعاً لدى بعض الأشخاص ، ومنهم على خلفية دينية، معتقدين بأن الديانات السماوية تفرض عليهم الحفاظ على أجسادهم كما هي حتى بعد الموت.

يؤكد الشيخ عباس يزبك لـ"المدن" بأن "التبرع بالأعضاء لم يكن شائعاً منذ بداية الإسلام، وهو نتيجة العلم الحديث. لكن، لا وجود بتاتاً لأي حديث نبوي يُحرّم هذا الأمر، وبالتالي خطوة أهل علي كانت خطوة جريئة وإنسانية جداً، ولا مشكلة دينية حيال هذا الأمر بتاتاً".

قد لا تكون ثقافة التبرع بالاعضاء راسخة في المجتمع اللبناني، لكنها تتعزز يوماً بعد يوم، وتأتي خطوة أهل علي شرف الدين كمثال لنبل السلوك والتعاطف الانساني.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: