فضائح مالية وعجز بعشرة ملايين دولار بنقابة المهندسين

الموازنة المالية المقترحة تقوم على تسكير العجز في النقابة من جيوب المهندسين (علي علّوش)
الموازنة المالية المقترحة تقوم على تسكير العجز في النقابة من جيوب المهندسين (علي علّوش)


على هامش اجتماع مجلس نقابة المهندسين للاستعداد لعقد جلسة لمجلس المندوبين، نفذ عدد من المهندسين المتقاعدين وقفة احتجاجية، بدعوة من الهيئة التأسيسية لرابطة المهندسين المتقاعدين، للمطالبة بتحسين معاشاتهم التقاعدية. فمعاش المهندس بحسب الموازنة المقترحة سيصبح 165 دولاراً بالشهر (حالياً هو مليونين ونصف) فيما الاستحقاق الذي ينتظرهم لتجديد عقد التأمين الصحي في منتصف الشهر الحالي يصل إلى 225 دولاراً للدرجة الثانية.


عجز بعشرة ملايين دولار

افلاس النقابة الحالي يعني أن أكثر من 3500 مهندس متقاعد باتت رواتبهم لا تكفي لتغطية فاتورة الكهرباء لمنازلهم، في نقابة كانت تعتبر الدجاجة التي تبيض ذهباً. أما حالياً وبحسب قطع الحساب، الذي أقر الأسبوع الفائت في مجلس النقابة، ويفترض أن يناقش لإقراره في مجلس المندوبين غداً، يصل العجز في صندوق التقديمات إلى أكثر من عشرة ملايين دولار. أما إشكالية المتقاعدين فلا تكمن في إفلاس نقابتهم فحسب، بل باستخدام لجنة المال السابقة أموال صندوق التقاعد (477 ألف دولار) لتغطية التأمين الصحي، رغم عدم قانونية هذا الإجراء، بحسب النظام الداخلي للنقابة.

بعد أخذ ورد وإشكاليات وفضائح مالية ودعاوى قضائية ضجت بها النقابة في الفترة السابقة، أقر مجلس المندوبين قطع الحساب والميزانية المالية للعام 2022-2023، وقد صوت عليها تسعة أعضاء، مع تحفظ، من أصل 16 عضواً. لكن لا بوادر بإقرار قطع الحساب في جلسة مجلس المندوبين الذي ينعقد غداً، تقول مصادر مطلعة لـ"المدن"، ليس لناحية عدم وضوح الأرقام والعجز المالي الآنف الذكر و"التخبيص المالي" الذي حصل سابقاً، بل لأنه لم يتلق المندوبون تقرير التدقيق الخارجي لقطع الحساب. علماً أنه سبق ورد مجلس المندوبين منذ أشهر قطع الحساب الذي أقر بأغلبية أعضاء مجلس النقابة لعدم وضوح الأرقام. وأعيد الملف إلى مجلس النقابة للتدقيق ولإعادة النظر بالملف من اللجنة المالية وأمين المال علي درويش، الذي حل مكان الأمين الأسبق شارل فاخوري، بعد خلافات وإشكاليات ضجت بها النقابة حينها. حتى أن الإشكاليات المالية أدت إلى تقديم نقيب المهندسين عارف ياسين دعوى قضائية ضد أمين المال السابق فاخوري بجرم سوء الأمانة بعد فقدان 103 آلاف دولار من أموال النقابة، أنفقت من دون مستندات رسمية. هذا رغم أن إنفاق هذه الأموال ذهب لتقديم مساعدات اجتماعية للمتقاعدين. بمعنى آخر لم تكن تصرفات الفاخوري ناجمة عن سوء نية، بل لجهل بالقوانين، تقول مصادر مطلعة.


"تخبيص" وتلاعب مالي

وتضيف مصادر في مجلس النقابة وفي مجلس المندوبين أن إشكالية النقابة تكمن في "التخبيص" المالي والإداري وعدم وجود رؤية. والمشكلة ليست بأمين المال الجديد وحده، بل بالدائرة المالية للنقابة. فثمة قرار بإقفال الدائرة المالية لخمسة أيام لتدقيق بالملفات، لكن لم يطبق بعد. ما يزيد الشكوك بسوء استخدام أموال النقابة. وهذا معطوف على إفلاس النقابة بسبب احتجاز أموالها في المصارف من ناحية وعدم وجود خطة لكيفية التعامل مع الأزمة في ظل تلاعب سعر صرف الدولار. ففي السابق كانت تستطيع النقابة تغطية جزء من العجز من فوائد الأموال في المصارف، بينما اليوم أموالها المحجوزة تفوق 200 مليون دولار.

ورثت النقابة الحالية تركة المجالس السابقة. فعوضاً عن استثمار أموال النقابة في مشاريع استثمارية ذهبت الأموال لبناء مقرات وغيرها. أما النقابة التي أتت بعد 17 تشرين فلم تحسن إدارة الوضع المالي في ظل الأزمة المالية في لبنان، وبسبب العجز المالي الذي لحق بها. وعوضاً عن إقرار مشروع الصندوق الاستثماري المقترح لإعادة النهوض بالنقابة، وضع مجلس النقابة الحالي المشروع في الأدراج، وذهب إلى نقاش الموازنة وقطع الحساب. صحيح أن مشروع الصندوق الاستثماري سيطرح لاحقاً على مجلس المندوبين لنقاشه، لكن في الوقت الحالي تكمن إشكالية النقابة بعدم وجود رؤية للخروج من المأزق. فجل ما بدر عن مجلس النقابة إقرار موازنة لتحسين الإيرادات من خلال زيادة الاشتراكات التي يدفعها المهندسون 45 دولاراً وزيادة رسوم صندوق التقديمات 20 دولاراً. أي تسكير العجز من جيوب المهندسين. وبالتالي تتوقع المصادر رد مجلس المندوبين قطع الحساب غداً والموازنة أيضاً، رغم وجود توجه عند بعض القوى الحزبية لإقرار الموازنة.

وتقول المصادر أن أحوال المتقاعدين لن تتغير في الوقت الحالي حتى لو أقرت الموازنة الجديدة التي لحظت رفع المعاش التقاعدي إلى 165 دولار بالشهر. والسبب لا يقتصر على التلاعب المالي الذي طال استخدام أموال صندوق التقاعد لتغطية التأمين الصحي، خلافاً للقانون، بل مالية النقابة كلها بحاجة للتدقيق لمعرفة كيفية الخروج من الأزمة. هذا رغم أنه في الوقت الحالي يمكن للجنة التقاعد الطلب من مجلس النقابة تحسين معاشات التقاعد من احتياطي صندوق التقاعد المقدر بنحو مليون و800 ألف دولار. لكن النقابة غارقة في صراعات قد تستمر حتى نهاية ولاية النقيب الحالي تمهيداً لإعادة سيطرة الأحزاب السياسية على النقابة.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: