عين الحلوة منكوب ولا سياحة بصيدا:احتلوا مدارس الأونروا أيضاً

استولى مسلحون على مدارس الأونروا في المخيم (Getty)
استولى مسلحون على مدارس الأونروا في المخيم (Getty)


لم ينشغل أهالي مخيم عين الحلوة بعد بإعادة ترميم ما خلّفته الاشتباكات الأخيرة، فكل شيء على حاله بما فيها الدشم والسواتر الترابية والأبنية المدمرة. يؤمن الأهالي أن المعارك لم تنتهِ بعد، وهم يعلمون أن ما عاشوه سيتكرر، وربما بدموية أكبر (راجع المدن). لا إحصاءات عن حجم الخسائر، فالشوارع التي شهدت الاشتباكات لا تزال موقعاً لنقاط تماس قابلة للاشتعال في أي لحظة، عدا عن بعض المنشآت المحتلة من الجهات المسلحة، كتلك التابعة لـ"الأونروا".


"بعض الشوارع مدمرة بالكامل، العائلات تائهة لا تدري ما عليها فعله، 13 قتيلاً وعشرات الجرحى سقطوا من أولادنا"، هي عينة مما قاله أهالي المخيم لـ"المدن". يجمع هؤلاء، بمختلف انتماءاتهم، على أنّ الدمار الذي لحق بمخيمهم هو الأعنف منذ الاجتياح الإسرائيلي، خصوصاً في الشارع الفوقاني ومنطقة تعمير.


خراب بيوت فوق خراب

"من قبل 2019 نعيش البؤس، فكيف اليوم مع الأزمة والمعارك؟ الناس خربت بيوتها أكثر مما هي خربة أصلاً"، يقول أحد الأهالي لـ"المدن". حالهم حال مختلف سكان مخيمات لبنان، يعيش أهالي مخيم عين الحلوة أقسى مخلّفات الضائقة الاقتصادية. اليوم، الحركة شبه متوقفة والوحدات التجارية مقفلة، مما يحمّل أصحابها عبء تأمين المصاريف اليومية من طعام وغيره. تكاد تكون معاناة هؤلاء "سهلة"، رغم بشاعة التعبير، بالمقارنة مع الذين دُمّرت مصالحهم بشكل كامل.

من بين هؤلاء، كارم الحسن (47 سنة)، وهو مالك لمحل موبيليا في منطقة التعمير جنب محطة جلول، والتي شهدت أعنف المعارك. "تلقيتُ اتصالاً بعد منتصف الليل، وأخبروني أن محلي حُرِق بالكامل. استمر الحريق لساعات، وبعد جهود الإطفاء وإخماده، احترق مرة ثانية"، يقول الحسن لـ"المدن". داخل محله، احترقت خمس غرف نوم وأبواب سنديان جاهزة للتسليم، عدا عن أدوات عمله والبضاعة.

قدّر خسارته بنحو 60 ألف دولار أميركي، ولا وظيفة بديلة يستطيع التعويض من خلالها. لدى كارم 5 أولاد، ويسترزق من محله ستة موظفين باتوا اليوم من دون أي مصدر دخل. "لا استبعد أن يكون المحل دُمِر بالكامل، ولم أذهب بعد إلى المحل خوفاً من النتيجة"، يضيف الحسن. يعيش منذ 35 سنة في المخيم، ويعتبر أن الفترة الحالية هي الأقسى على سكانه، خصوصاً وأن عودة الاشتباكات مرجحة في أي وقت.

وعلمت "المدن" أن عدداً من العائلات عادوا إلى المخيم، لعدم قدرتهم على إيجاد مأوى ولو لفترة قصيرة. في المقابل، وبحسب أرقام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ما بين 200 و400 منزل دُمّر يحتاج إلى ترميم وتأهيل. كما أعلنت المنظمة عن أن مجمعاً مدرسياً تابعاً لها تعرض للانتهاك، وهو يتسع لأكثر من 3000 طفل.

في المقابل، يبرز قلق الأهالي على مصير تعليم أولادهم، الذين لم يتعلموا إلا الفتات طوال السنوات الماضية. ففي بيان صادر عن "الأونروا" السبت، أعلنت مديرة شؤون المنظمة في لبنان دوروثي كلاوس، عن ارتفاع عدد المدارس التي استولت عليها جهات مسلحة في عين الحلوة إلى 8 مدارس، ما يهدد بدء العام الدراسي في الوقت المناسب لـ5900 طفل من المخيم.


تأثر صيدا بالاشتباكات

لم ينحصر تأثر صيدا باشتباكات عين الحلوة بالشلل التام الذي أصابها طوال أيام المعارك، وهو ما ترجم بإقفال المراكز التجارية والدوائر الرسمية وخلو الشوارع تقريباً من المارة. فالمدينة التي عاشت قلقاً من الرصاص والقذائف الطائشة، لم تعد الحركة فيها إلى طبيعتها بعد.

تراهن صيدا منذ سنوات على موسم سياحي جيد، يُعوّض القليل من الخسائر الضخمة التي تكبدها أصحاب المنشآت. سقط الرهان هذا مع أول قذيفة في المخيم، فلم يخاطر أحد بالذهاب إلى المدينة أو التجول فيها، بمن فيهم أهلها أنفسهم. توقفت الحركة بشكل تام لأسبوع كامل، كان بمثابة نكبة للمعتاشين من القطاع السياحي.


يقول سامي بقاعي، وهو صاحب مطاعم وصالة أعراس في صيدا، أن خبرية واحدة عن استنفار في المخيم كفيلة بخلو صيدا من السياح، ولو افتقدت للدقة. حسب بقاعي، "ثلاثة عرسان ألغوا الحجز في صالته نتيجة التخوف من القدوم إلى صيدا والاقتراب من الاشتباكات، والحركة خجولة في المطاعم لا تشبه أيام الأحد في عز الموسم السياحي". خسائر بقاعي هي نموذج عن المنشآت السياحية في المدينة، والتي يتخوف أصحابها من جزء ثانٍ للاشتباكات ينهي الموسم السياحي بشكل كامل. "اللاجئ النازح" هو التوصيف الأدق للفلسطينيين المهجرين من المخيم. ستبقى هذه الاشتباكات حاضرة في أذهانهم، خصوصاً وأن أطرافها "من أهل البيت نفسه"، عدا عن أنها ترافقت مع أزمة اقتصادية هي من الأصعب في العالم. أما صيدا، الغارقة في هموم بلديتها وأزماتها وتحديداً نفاياتها، فيبدو أن موسمها الحالي لن يقل خيبة عن الأعوام المنصرمة.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: