بلغ وضع الجيش اللبناني مرحلة حرجة للغاية (المدن)
لبنان مهدد بالانهيار التام في الخريف المقبل. الكلام لمسؤول رسمي كبير، أبلغه للجهات السياسية والديبلوماسية المختلفة. يفترض بهذا النوع من الكلام أن يرفع منسوب الاستنفار السياسي والاقتصادي والمالي، بالإضافة إلى استدراج المزيد من الاهتمام الدولي لدفع اللبنانيين نحو إنجاز تسوية سياسية تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وتعيد تكوين السلطة، على قاعدة إراحة الوضع العام، واستدراج بعض الانتظام في عمل المؤسسات. لا يزال الرهان اللبناني قائماً على احتمال تحقيق خروقات سياسية في شهر أيلول وما بعده، على قاعدة المساعي الإقليمية والدولية.
طلب الاستقرار
صحيح أن لبنان يشهد منذ ثلاث سنوات تلويحات باحتمال الوصول إلى الانهيار التام أو الارتطام الكبير، إلا ان كل المحاولات جرت فقط لتخفيف حدة الانهيار وتقليص سرعة وتيرته، ولكن التحلل أصاب كل المؤسسات والقطاعات. وهناك وجهة نظر داخلية تستند على معطيات خارجية، بأن لا أحد يريد للبنان أن ينهار أو يفتقد فيه عنصر الاستقرار. فتهديد الواقع الاجتماعي أو الأمني سيكون له انعكاسات وتداعيات على دول كثيرة في المحيطين القريب والبعيد. كما أن دخول لبنان في مرحلة التنقيب عن النفط والغاز يقتضي توفير كل مقومات الاستقرار وعدم الانزلاق إلى اي نوع من أنواع التصعيد، سواءً داخلياً أم خارجياً.
وهناك من يعتبر أن حادثة الكحالة، شكلت محفزاً أساسياً لكل القوى السياسية، بما فيها حزب الله، للبحث أكثر عن تسوية وتهدئة. فمن دون الوصول إلى ترتيبات سياسية معينة، ستكون الأمور قابلة للانفجار. وهو أمر غير مطلوب خارجياً.
"أزمة" الجيش
الأداء الذي أقدم عليه الجيش اللبناني في حادثة الكحالة كان نوعياً في تجنيب البلاد أي إمكانية للتوتير أو التصعيد. فيما بدأت الأزمة تطال المؤسسة العسكرية في عمقها وجوهرها، وهو ما دفع بقائد الجيش جوزيف عون إلى رفع الصوت أمام الكثير من المسؤولين اللبنانيين والأجانب وأمام النواب، حول ضرورة توفير كل مقومات صمود المؤسسة العسكرية، المهددة بنفاد مخزونها من المحروقات، ما يعيق عمل قطعاتها، بالإضافة إلى السعي لتأمين كل ما يلزم من مواد غذائية وطبية ولوجستية أخرى.
لو لم يبلغ الوضع مرحلة حرجة للغاية، لما رفع قائد الجيش هذه الرسالة، وسط معلومات تفيد بأنه منذ فترة يعمل على مراسلة دول عديدة، في سبيل توفير هذه الاحتياجات الضرورية واللازمة للحفاظ على آخر مؤسسة لا تزال قادرة على الصمود، ومواكبة استحقاقات كثيرة، تبدأ بالأوضاع الأمنية والعسكرية على الحدود ولا تقف عند مقتضيات الانتشار في مختلف المناطق لمنع حصول صدامات أو توترات. يفترض بهذه الدعوات أن تؤدي إلى نتيجة إيجابية من قبل الدول المهتمة بلبنان، والحريصة على بقاء المؤسسة العسكرية، وسط معلومات تفيد بأن الدول التي أبدت الاستعداد لتقديم الدعم وتوفيره لا تزال عند موقفها، على الرغم من مشارفة المبالغ المالية التي رصدت على نهايتها.
هنا تشير مصادر متابعة إلى أن دعماً عربياً ودولياً جديداً سيتوفر للجيش اللبناني لتأمين كل المستلزمات.
مخاطر "الأمن الذاتي"
هناك قناعة أساسية، بأنه في حال عدم توفر هذه الإحتياجات، فإن الوضع سيكون أسوأ وأشد تدهوراً. وهو أمر غير مسموح، لأنه سيؤدي إلى تضعضع في المؤسسة العسكرية التي تمثّل آخر المؤسسات التي ترمز إلى وحدة الدولة وكيانها. خصوصاً أن أي ضعف قد يصيب المؤسسة سيدفع قوى كثيرة إلى اعتماد مبدأ الأمن الذاتي، مع ما له من تداعيات خطيرة على الواقعين الاجتماعي والسياسي.
أي منطلق جديد لدعم المؤسسة العسكرية من قوى خارجية، سيكون مترافقاً مع مساع أكثر جدية في سبيل الوصول إلى تسوية سياسية، يفترض بالقوى المحلية أن تقتنع أنه لا بد منها، مهما كانت أثمانها من تنازلات، حفاظاً على وحدة الكيان، وخوفاً من انهيار أكبر ليس من مصلحة أحد.
تعليقات: