عندما كان أيلول شهر المونة والبركة

تحضير المونة في شهر أيلول
تحضير المونة في شهر أيلول


لطالما اعتُبر شهر أيلول بالنسبة لأجدادنا ولأهلنا شهر الخير والبركة.

كان شهر تحضير "المونة" لفصل الشتاء: برغل وكشك وتين مطبوخ وكبيس وربّ البندورة ومربيّات وزيتون وزيت، وغيرها الكثير من مأكولاتنا التقليديّة المحبّبة إلى "بطون الصغار والكبار".

كانوا يتعبون كثيراً في هذا الشهر، ولكن بعدما يجهّزون "المونة" للشتاء يرتاحون وتنشرح صدورهم.

واليوم كما يقول الباحث والكاتب البترونيّ نبيل يوسف: "ما عاد حدا يحكي عن "المونة" البيتيّة يللي صارت موضة قديمة، فجواب ستّ البيت اليوم، طبعاً الصبايا منهنّ: أنا بروح على السوبر ماركت وبشتري كلّ شي."

يضيف: "كانت المدارس أيّام زمان لا تفتح أبوابها قبل الأسبوع الثاني من تشرين الأوّل، وهذا التدبير لم يأتِ من عبث، فمواعيد فتح أبواب المدارس كانت تتأخّر ليتمكّن الأهالي، الذين هم في أغلبيّتهم من المزارعين المتعلّقين بأراضيهم، ويعتاشون من مواسمهم الزراعيّة، من حصاد مواسمهم وتجهيز "المونة"، خصوصاً أنّ فاكهة وخضار ومزروعات الجرد تتأخّر في النضوج حتّى شهر أيلول."

والمؤسف، يتابع يوسف، "أنّه في الـ20 سنة الأخيرة، أصبحت المدارس تتسابق على فتح الأبواب اعتباراً من مطلع شهر أيلول، وإدارات هذه المدارس لا تهتمّ بـ"المونة" أو بمحاصيل الأرض، والأسوأ أنّ مدارس الرهبان والراهبات تفتح أبوابها باكراً جدّاً بحجّة "بدنا نخلّص البرنامج ع بكّير"، وهذا أمر مؤسف، فمنذ هجر الرهبان والراهبات الأرض تغيّر تفكيرهم وعاداتهم، والمؤسف أكثر عدم معرفتهم بمواعيد الحصاد والمواسم الزراعية، حتى هم، لم يعد يعيرون "المونة" أهمية".

شهر أيلول شهر "المونة" وهو أمر توارثته الأجيال، ويجب أن يُدرّس في النشاطات الصيفية، للحفاظ على هذا التقليد. وعوض ان تجبر المدارس التلاميذ على حفظ مساحة مدغشقر وتاريخ استقلال نيكاراغوا وقصائد المتنبي وشعر ابن الرومي على أهميتها، فلماذا لا تدخل في المناهج التطبيقية صناعة رِبّ البندورة والكشك والتين المطبوخ وتقطير ماء الورد والزهر والعرق مثلاً، وغيرها من مقومات الحياة في الضيعة اللبنانية؟






تعليقات: