توقيفات مستغربة وشائعات في طرابلس.. ماذا يُحضّر للمنطقة؟

تم توقيف ثلاثة شباب من دون معرفة الأسباب والجهة التي أوقفتهم(Getty)
تم توقيف ثلاثة شباب من دون معرفة الأسباب والجهة التي أوقفتهم(Getty)


مساء الجمعة، 22 أيلول الحالي، أوقفت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي الشقيقين مصطفى وعلي ديب لأسباب لا تزال مجهولة. في اليوم التالي، وتحديداً عند الساعة الواحدة من بعد ظهر السبت، قام الفرع نفسه بتوقيف الشاب حسن عبد الحي، الذي تخرّج قبل فترة كمهندس مساحة من أحد معاهد طرابلس.


ما يجمع الشباب الثلاث أنّهم موقوفون سابقون، وأنهوا محكوميتهم وعادوا للاندماج في مجتمعاتهم، وتمّ توقيفهم من قبل عناصر باللباس المدني، بحسب ما نشر المدير العام لمركز "سيدار" للدراسات القانونية، المحامي محمد صبلوح، عبر صفحته على "فايسبوك".


تخويف وقلاقل

"800 عنصر من داعش وأمير دخلوا إلى لبنان قبل فترة… الولاية الجديدة لانطلاقة التنظيم الإرهابي هي لبنان، وتحديداً في الشمال"، هي عينة من "المعلومات الخطيرة" التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي لخبراء وناشطين من طرابلس، خلال الأيام القليلة الماضية. هي ليست بالظاهرة الجديدة، وغالباً ما استبقت تصاريح مشابهة خضّات أمنية شهدتها المدينة، أبرزها مقتل محمود خضر وثلاثة شباب قبل سنة تقريباً (راجع المدن). حينها، وقبل الاعتداء العنيف على محل خضر وموظفيه، خرجت إلى العلن تسريبات حذّرت من اجتياح مجموعات مسلحة للمدينة.


توقيفات مساء الجمعة والسبت

يقلق نواب ومتابعون من رسم مخطط لخضّة جديدة في طرابلس، مع تردي الأوضاع العامة في البلاد وعدم التوافق على رئيس للجمهورية، والتصعيد في الخطاب السياسي.

وبالعودة إلى قضية الشباب الموقوفين، يقول زياد ديب، شقيق مصطفى وعلي، أن الأول يعمل في الطب العربي وكان برفقة زوجته في إحدى الصيدليات. تلقّى اتصالاً من جهة مجهولة طلبت منه نوعاً من الأدوية إلى منطقة الضم والفرز. عند الساعة الثالثة من فجر الجمعة - السبت، "علمت بفقدان الاتصال مع مصطفى، وتواصلنا مع كافة الأجهزة الأمنية التي أنكرت علمها بتوقيف شقيقي، لنعود ونعلم بعد مدة أنه موقوف لدى المعلومات"، يضيف ديب لـ"المدن".

بعد تبرئته، أطلق سراح مصطفى (35 سنة) قبل سبع سنوات تقريباً، وهو تزوج وله ولدان. أما علي (28 سنة)، فقد تمّ توقيفه في مكان عمله في إحدى محامص زغرتا. يقول زياد أننا "علمنا من الجيران أن سيارة بداخلها أشخاص بالزي المدني، توقفوا أمام المحمصة وطلبوا من علي إقفالها، وكبّلوا يديه واعتقلوه".

يُذكر أن علي أطلق سراحه قبل أربعة أشهر تقريباَ بعد اتهامه بالارتباط بخلايا إرهابية، وهو أعزب، و"تعرّض لأقسى أشكال التعذيب خلال توقيفه"، بحسب شقيقه زياد. ويؤكد أن لا قدرة للعائلة على تعيين محامٍ لمتابعة قضية مصطفى وعلي، فخلال توقيف الأخير قبل أشهر قاموا ببيع أرض لتسديد نفقات المحامي الذي تابع الملف.


مسؤولية القوى الأمنية

في تموز الماضي، عاد الحديث عن داعش مجدداً، بعد اعتقال قاصر بتهمة الانتماء للتنظيم. حينها، توجهت الاتهامات إلى جهازي الأمن العام وقوى الأمن الداخلي بتوريط شباب طرابلس والمحيط من خلال انتحال عناصر من القوى الأمنية شخصية عنصر من داعش، في محاول لتوريط هؤلاء واعتقالهم في ما بعد، وهو ما نفاه الطرفان الأمنيان.

يلفت المحامي محمد صبلوح خلال حديثه لـ"المدن"، إلى أن طرابلس باتت منطقة مهمتها إيصال الرسائل لمختلف الأفرقاء اللبنانيين. ويشير إلى أنّ الفتنة التي تمّ العمل عليها قبل عام مع مقتل الشاب محمود خضر، اختفت كل الدلائل المتعلقة فيها، أبرزها أشرطة تسجيلات الكاميرات في الشوارع المحاذية وفي محل خضر.

ويشدّد على أن القوى الأمنية رفضت تأمين العديد من متطلّبات قاضي التحقيق في قضية خضر، وأنه قدّم دلائل لشعبة المعلومات عن قيام أحد ضبّاط الأمن الداخلي بتأسيس مجموعة على "الواتساب"، تحت مسمّى "غرباء"، هدفها الإيقاع بالشباب من خلال إغرائهم بالأموال شرط الانضمام لداعش. ويختم بالإشارة إلى قيامه برفع شكوى ضد تعذيب جهاز أمني لشباب خلال التحقيق معهم، وأرسلها لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات عبر البريد، الذي رفض استلامها.


ريفي: جهاز أمني أم عصابة؟

يتساءل النائب أشرف ريفي إن كانت التوقيفات غير القانونية مصدرها جهاز أمني أم عصابة. "كأنّ هناك من يحضّر شيئاً لطرابلس، وأضع أفعال الأجهزة الأمنية الأخيرة بعهدة وزير الداخلية بسام مولوي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والسلطة القضائية، فعليهم التحقيق مع كل جهاز يقوم بسلوكيات مشابهة. وأوجّه من خلال "المدن" نداءً لهم لكشف من خطف الشباب الثلاث خلال اليومين الماضيين"، يقول ريفي .

يضيف: "نعلم وضع الأجهزة الأمنية، ونحاول أن نجد تبريراً، لكنّنا نشهد سلوكيات بعيدة كل البعد عن القانون". ويعتبر أنّ لبنان لم يشهد هكذا ظروفاً خلال الوجود السوري في لبنان، وأكّد أنه سيتواصل مع وزير الداخلية لمتابعة قضية الشباب الثلاث.

تعليقات: