تقدم وكيل المجلس الاسلامي بطلب رد الطعن المقدم من الشيخ فوعاني أمام مجلس الشورى (علي علوش)
تحول المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى مسرحٍ للتجاذبات والتناقضات في قضية "نزع الأهلية" عن 15 شخصية دينية.
فبعد شهر ونيف، عجز المجلس عن "حلحلة" النزاع القائم، نتيجة تناقض المواقف بين رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وهيئة التبليغ.
وفي خطوة تؤكد تباعد وجهات النظر الحاصلة داخليًا، طلب الوكيل القانوني للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من مجلس شورى الدولة، رد الطعن المقدّم من قبل الشيخ محمد علي فوعاني، وهو من الأسماء التي ذكرت في بيان هيئة التبليغ، الذي قضى بنزع الأهلية عن 15 شخصية دينية.
تناقض البيانات
في شهر آب الماضي، قررت هيئة التبليغ في بيانها اعتبار 15 شخصية دينية "غير مؤهلين للقيام بالإرشاد والتوجيه الديني والتصدي لسائر الشؤون الدينية والأحوال الشخصية المتعلقة بأبناء الطائفة الإسلامية الشيعية، إما للإنحراف العقائدي أو للإنحراف السلوكي أو للجهل بالمعارف الدينية وادعاء الانتماء للحوزة العلمية". وأيضًا "اعتبار الأوراق التي تصدر عنهم لا قيمة شرعية لها وغير صالحة للإثبات".
في السياق نفسه، نفى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هذا البيان، وحاول التنصل من مضمونه واعتباره كأنه لم يصدر مؤكدًا بأن رئيس المجلس الشيخ على الخطيب لم يطلع عليه. ومعنى هذا الكلام بأن البيان الأول لن ينفذ ولن تتخذ أي إجراءات بحق الأسماء المذكورة.
ويمكن لأي مراقب لمضمون بيانات المجلس أن يتأكد من الشرخ الحاصل، وخصوصًا بعدما تمسكت هيئة التبليغ ببيانها لتطلب من بعده تحويل البيان إلى ديوان المحاكم الشرعية الجعفرية لتعميمه على جميع المحاكم وأخذ العلم.
على هذا الأساس، تقدمت بعض الشخصيات الدينية بطعن أمام مجلس شورى الدولة للمطالبة بوقف تنفيذ قرار هيئة التبليغ، ومن بينهم: الشيخ ياسر عودة والشيخ محمد فوعاني والشيخ سامر غنوي. إلا أن وكيل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى القانوني، تقدم بطلب أمام مجلس الشورى الدولة، يطلب فيه رد الطعن المقدم من الشيخ فوعاني.
حلحلة قريبة؟
مطالبة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى برد الطعن لم تكن متوقعة، إذ يدل على موقف المجلس من قرار نزع الأهلية عن الشخصيات الدينية بالرغم من نفي رئيس المجلس، الشيخ علي الخطيب مضمون بيان هيئة التبليغ.
وفي حديث "المدن" مع وكيل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى القانوني، المحامي علي رحال، أكد بأن موقف المجلس جاء بالمطالبة برد الطعن المقدم بسبب عدم صلاحية مجلس شورى الدولة بالنظر بمثل هذه القضايا الداخلية. ومفاد كلامه بأن "الجهة القضائية" التي لجأت إليها بعض الشخصيات الدينية المتضررة من هذا القرار، أي مجلس شورى الدولة، لا صلاحية لها للبت بهذه القضية.
عليه، يصبح من الطبيعي القول بأن موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من الطعون المقدمة من باقي الشخصيات الدينية سيكون مماثلًا، إذ من المتوقع أن يطالب خلال الأيام المقبلة برد جميع الطعون المقدمة أمام مجلس شورى الدولة.
وباستفسار "المدن" حول تطور الأمور، تمنّع مصدر رفيع داخل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في حديثه مع "المدن" تقديم أي تفاصيل تتعلق بقرار نزع الأهلية عن الشخصيات الدينية، وعن أسباب التناقض في البيانات الصادرة عن المجلس، مؤكدًا بأن المجلس يعمل على حلحة هذا النزاع الحاصل ومعالجته، على أن يعلن عن الحلول المتفق عليها في فترة لاحقة .
من جهة أخرى، أوضح المحامي نجيب فرحات (أحد وكلاء الشيخ ياسر عودة والشيخ سامر غنوي) في حديث لـ"المدن" أن مجلس شورى الدولة ووفق اجتهاده المستقر يحق له النظر في الطعون التي تقدم أمامه بهذا النوع من القرارات، إذ يعتبر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هيئة دينية مستقلة تتولى مهمة تحقيق وتسيير مرفق عام، حيث يتمتع بالقدرة على اتخاذ التدابير اللازمة لتنظيم الشؤون الدينية للطائفة الإسلامية الشيعية وإدارة جميع أوقافها الخيرية والمحافظة على مصالحها الدينية، وبالتالي تكون التدابير والقرارات الصادرة أعمالًا إدارية وتخضع لرقابة مجلس شورى الدولة ويمكن الطعن بها أمام الأخير.
في الخلاصة، سيبقى النزاع قائمًا إلى حين الإعلان عن الموقف الواضح لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لناحية تنفيذ قرار هيئة التبليغ أم عدم الاعتراف به، على أن يبقى التعويل على مجلس شورى الدولة وخطواته التي سيتخذها لناحية رد الطعون أم لا.
تعليقات: