يعمل الإيرانيون على خطين: تعزيز صمود المقاومة،والجهوزية للتفاوض ووقف إطلاق النار
في معرض تهديداته الإنتقامية، اعلن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن العملية العسكرية التي ستقوم بها قواته في قطاع غزة هدفها تغيير خريطة فلسطين والقطاع وتغيير وقائع الشرق الأوسط.
في المقابل، ردّ وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان من بيروت بأن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة ستشعل الجبهات من قبل محور المقاومة، واعتبر عبد اللهيان أن تدخل حزب الله في المعركة سيؤدي إلى زلزال كبير يهزّ الكيان ويسهم في تغيير الوضع في المنطقة والخرائط في فلسطين.
كلا الطرفين يريدان تغيير الوقائع والخرائط، كل من وجهة نظره. تبقى التهديدات الإيرانية في اطار الضغط لتحقيق أهداف سياسية بعد الضربة العسكرية الكبرى التي نفذتها حركة حماس ضد الإحتلال. وبحال لم تنجح المساعي فإن الجبهات ستشتعل.
حرب كبرى أم معركة؟
هذا الكلام يفرض سؤالاً أساسياً، إذ كان كل هذا التصعيد عبارة عن الدخول في "الحرب" الكبرى، أم أنها معركة في الحروب المفتوحة والمستمرة؟ فبعد اسبوع على عملية طوفان الأقصى، لم تنجح اسرائيل في تحقيق أي هدف عسكري فعلي. فيما لا تبدو المبادرات الخارجية جدية للوصول إلى وقف لإطلاق النار، كما أن ايران وحزب الله ينتظران تطورات الأوضاع لاتخاذ قرار الدخول في الحرب من عدمه، وهو أمر يعود لتقديرات الميدان العسكرية والخطط التي يضعونها. على الرغم من ذلك فإن المنطقة تتأرجح ما بين "الحرب الكبرى" وما بين "معركة" في الطريق إليها.
في هذا السياق، تتكاثر التقديرات والتحليلات حول ما إذا كان حزب الله يعد مفاجأة ضد الإسرائيليين، أو أنه لو أرادها لدخل إلى ما بعد الجليل يوم السبت الفائت مع انطلاق عملية طوفان الأقصى. لكن هذه تبقى تقديرات لا يمكن التنبؤ بها ولا معرفتها عسكرياً.
خطوط ايران سياسية وعسكرية
عملياً، يعمل الإيرانيون على خطين، خط تعزيز الصمود والجهوزية للمقاومة، والخط الآخر هو الجهوزية للتفاوض ووقف إطلاق النار. ويعتبر محور المقاومة أنه لا يزال يمتلك الكثير من أوراق القوة، وخصوصاً لدى حركة حماس، وبالتالي لن تكون بحاجة إلى التدخل والمساعدة، طالما تمتلك القدرة بعد على المفاجآت. بناء عليه تبدو إيران مرتاحة على وضعها، انطلاقاً من جولة عبد اللهيان في المنطقة، واللعب على مسرحين، مسرح سياسي ومسرح عسكري وأمني، وصولاً إلى تهديد اسرائيل وإعطائها مهلة لوقف النار وإلا محور المقاومة سيدخل الحرب، كما أعلن عبد اللهيان بعد جولة قام بها على الحلفاء.
أزمة اسرائيل
في المقابل، فإن اسرائيل تبدو في واقع مأزوم. ففي حال وافقت على وقف إطلاق النار ستكون قد تلقت هزيمة كبرى، وضربة قاسمة، ستستمر تداعياتها لسنوات طويلة وستؤدي إلى متغيرات كبرى على مستوى المنطقة. أما في حال قررت اسرائيل الدخول بعملية برية، فهي غير مضمونة النتائج وأكلافها ستكون عالية جداً، من دون الحسم بامكانية أن تحقق إنجازات. أما في حال قررت استمرار العمليات المتواصلة منذ أسبوع من خلال القصف والغارات، والتركيز على عمليات التدمير والتهجير، فهذا ما لا يمكن لمحور المقاومة أن يسكت عنه أو يوافق عليه، ما سيدفعه إلى الدخول بقوة، وفي حال دخل حزب الله على الميدان فإن المعطيات ستتغير أيضاً، وستصبح الضربات متوالية على الإسرائيليين.
حراك ديبلوماسي دولي
على وقع هذا الإستنفار وهذه التهديدات، تتزايد الضغوط الدولية والديبلوماسية في سبيل الوصول إلى تهدئة أو وقف لإطلاق النار، من خلال التحركات التي تشهدها المنطقة، لا سيما أن كل الأطراف محرجة. فلا الولايات المتحدة قادرة على الإستمرار في تغطية الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، ولا أحد قادر على القبول بأي مشروع تهجير. فيما تتعزز التحركات التي تقوم بها تركيا وقطر، بينما المملكة العربية السعودية ترفض كل المقترحات الإسرائيلية والأميركية بما فيها الممر الآمن لإخراج المدنيين، كما علّقت أي مفاوضات لها علاقة بالتطبيع. وتتخذ مصر موقفاً متشدداً في رفض إخراج المدنيين وصولاً إلى إغلاق معبر رفح بالكامل فيما يواصل الأميركيون الضغط في سبيل تأمين الممر الآمن لإخراج المواطنين الأميركيين والمصريين وهو ما سيكون ذريعة لتهجير المدنيين. وهذا يوضح أن الأميركيين يريدون إخراج المدنيين وبعدها ترك اسرائيل لشن عملية عسكرية كبرى. الأردن، يضج بالتحركات الشعبية على الحدود. كل ذلك يفرض واقعاً شعبياً وسياسياً ضاغطاً على اسرائيل وأميركا، ويسهم في إحراجهما. وبالتالي ستكون تل أبيب محاصرة في الفشل العسكري، أو ارتكاب المزيد من الجرائم.
تعليقات: