يبحث المستأجرون الشيعة عن أماكن تتوفر فيها بيئة حاضنة لهم في ظل العصبيات الفالتة (علي علّوش)
بعيداً عن الخطط، التي يحكى أن حزب الله بدأ يضعها لإجلاء سكان الجنوب والضاحية والبقاع، وتأمين مراكز إيواء لهم في عكار وزغرتا، حيث تتوفر بيئة حاضنة لهم، في ظل الغليان الطائفي الذي يعيشه البلد من سنوات، بدأ جمهور واسع من الشيعة المقتدرين باستئجار بيوت في مناطق مختلفة، تحسباً لوقوع حرب على لبنان، شبيهة بالحرب على قطاع غزة.
جزين وشرق صيدا
منذ اندلاع الحرب على غزة بدأ العديد من أهالي الجنوب والضاحية البحث عن خيارات السكن للانتقال إليها، تحسباً لانتقال الحرب على لبنان، واشتكى البعض من تجار الأزمات في مناطق، حيث ارتفعت أسعار الشقق أربعة أضعاف.
في جزين مثلاً، كما يقول بعض أهالي المنطقة لـ"المدن"، لم يعد هناك من بيوت للإيجار. في غضون الأيام القليلة الماضية، حجزت معظم البيوت من أشخاص شيعة مقتدرين أتوا من منطقتي النبطية وصور. ويشيرون إلى أن أحد أبناء جزين كان قد عرض بيته في فصل الصيف بألف دولار. ولم يتمكن من إيجاد مستأجر واحد له، نظراً لسعره المرتفع جداً. إذ إن أسعار الإيجارات في منطقة جزين كانت تصل بحد أقصى إلى 300 دولار، وتنخفض في بلدات القضاء إلى 150 دولاراً. لكن منذ يومين اتصل أحد سماسرة العقارات واستأجر البيت بـ1500 دولار.
أحد الأشخاص الذين بدأوا بالبحث عن بيوت في مناطق شرق صيدا، أكد لـ"المدن" أن ثلاثة أصدقاء له استأجروا بيوتاً في جزين وعبرا (شرق صيدا) وفي جبيل. فقد دفع الأول ألف دولار للبيت في جزين، والثاني في عبرا بـ800 دولار والثالث في جبيل ب1500 دولار. ورغم أن الطلب على الإيجارات كان لمدة طويلة، أي أكثر من ثلاثة أشهر، شكا لـ"المدن" من أن أصحاب العقارات يطالبون بدفع الإيجار سلفاً.
جبل لبنان
إلى بيت مري، أكدت مصادر "المدن" أن حديث المنطقة حالياً يدور حول أسعار الإيجارات التي بدأ يدفعها الشيعة في المنطقة، ولا سيما أولئك القادمون من منطقة الجناح على أطراف الضاحية الجنوبية. وقد ارتفعت أسعار الإيجارات في بيت مري وبحمدون أكثر بمرتين وثلاث مرات عن أسعار الصيف، أي بالموسم السياحي.
في جرود كسروان، ارتفع الطلب كثيراً. وبدأ السماسرة يتواصلون مع أصحاب العقارات ويطلبون البيوت لأشخاص شيعة يريدون بيوتاً حتى عيد الميلاد. ويرتفع الطلب على إيجار البيوت لا سيما في مناطق فاريا، حيث بدأ السماسرة بمضاعفة الأسعار، لا سيما أن من يطلب استئجار المنازل هم من الشيعة المقتدرين. إذ يظهر ذلك على هيئتهم، سواء من سياراتهم الفارهة أو ملابسهم أو مجوهراتهم، على ما يقول شاهد عيان من المنطقة.
عقلية البزنس والبيئة الحاضنة
لا يستغرب أحد سكان جبيل أسعار الإيجارات التي فاقت الـ1500 دولار في منطقته، ويؤكد أن الطلب على إيجار البيوت ارتفع جداً عقب الحرب على غزة. ففي العام 2006 لم تكن عقلية البزنس راسخة عند اللبنانيين إلى هذا الحد. وما حصل، أنه منذ سنوات توسعت عقلية البزنس وباتت بيوت الضيافة منتشرة أينما كان. وهذا أحد أسباب ارتفاع الأسعار، لاستغلال الأزمة الحالية وارتفاع الطلب على البيوت.
ولفت إلى أن الشيعة أمام خيارات صعبة اليوم. فهم يبحثون عن أماكن تتوفر فيها بيئة حاضنة لهم في ظل العصبيات الفالتة من عقالها في لبنان. ويفضلون بعض المناطق في جبيل على المنطقة الساحلية الممتدة من كفرعبيدة وحتى البترون، رغم أن تلك المنطقة فيها الكثير من بيوت الضيافة والبيوت المعروضة للإيجار.
ويضيف "ربما أدرك الشيعة أن المال وحده لا يكفي. صحيح أن من يملك المال يستطيع الاستئجار أينما كان. لكن المختلف حالياً تبدل الظروف المجتمعية. فالوضع مختلف عن العام 2006 عندما فتحت جميع البيوت والمدراس لسكان الجنوب. بينما حالياً يختار الشيعة الانتقال إلى المناطق غير الموسومة قواتياً أو كتائبياً، ويفضلون المناطق المحايدة أو تلك التي يوجد فيها حضور عوني، رغم أن البيئة العونية ترفض توريط حزب الله للبنان بحرب غزة.
مالكو العقارات يستغلون هذه الأزمة وهم على دراية بمدى تعقّد الخيارات أمام الشيعة. فهم يصطادون من هم بحاجة للبيوت في وقت الأزمات، والخوف من وقوع حرب في لبنان فرصة لهم. إلا أن الأمر الذي بدأ يطرح في هذه المناطق التي بدأ يستأجرها أشخاص مقتدرون من الطائفة الشيعية، هو الخوف من أن تكون بعض البيوت المستأجرة هي لصالح قياديين في حزب الله. فالمسيحيون، بما فيهم البيئة العونية التي وقفت مع حزب الله في العام 2006، يعتقدون إن أي حرب إسرائيلية على لبنان ستكون مقتصرة على المناطق الشيعية، وتكون المناطق المسيحية بمنأى عن الضربات الإسرائيلية. وهذا أحد المخاوف من أن يكون قياديون في حزب الله من بين الذين يستأجرون البيوت .
تعليقات: