الوكالات الأجنبية «تنسحب» من جنوب لبنان.. «منعاً للإحراج»!

حملة ضدّ «رويترز» بتهمة «شراكتها في قتل عصام عبدالله»
حملة ضدّ «رويترز» بتهمة «شراكتها في قتل عصام عبدالله»


بعدما فتحت القنوات العربية هواءها مباشرة لتغطية الاشتباكات الدائرة في جنوب لبنان تزامناً مع عملية «طوفان الأقصى»، بدأت تبحث في مسألة تخفيف عدد مراسليها، بينما سحبت وكالات الأنباء الأجنبية فريقها على نحو كامل معتمدةً على المراسلين المستقلّين، تجنّباً لاتهام إسرائيل في حال أي اعتداء طال الفريق الإعلامي

من تغطية مكثّفة إلى تغطية شبه عادية. تلك هي الخطة التي وضعتها القنوات العربية ووكالات الأخبار العالمية حالياً لمراسليها في لبنان المتمركزين في المناطق الحدودية. على أن تُطبّق تلك الإستراتيجية قريباً عبر تعديل السياسة التحريرية في نقل الأحداث من المناطق في جنوب لبنان، حيث تتواصل الاشتباكات الدائرة بين المقاومة اللبنانية والعدو الإسرائيلي. هكذا، وضعت وسائل الإعلام العربية والأجنبية مخطّطاً جديداً لها، على أن يبدأ تطبيقه بعد مراقبة التطوّرات الميدانية في المناطق الجنوبية. وإثر المتابعة، ستُحدَّد كيفية الانتقال إلى الخطة الثانية.

في هذا السياق، تُلفت المعلومات لنا إلى أنّ القنوات العربية والأجنبية لا تزال تحافظ على عدد مراسليها الذين يغطّون الاشتباكات في تلك المناطق، بدءاً من اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى» التي انطلقت في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، حتى لحظة كتابة هذه السطور. لكن من المتوقع خفض عدد المراسلين، في حال لم تشهد الأيام القليلة المقبلة أيّ تطوّر بارز على الجبهة الجنوبية. وتشير المصادر إلى أن القنوات تفتح هواءها مباشرة لنقل الحدث من الجنوب، وتجنّد فريق عملها الذي يستقرّ هناك منذ أكثر من أسبوعين، ولكن هذه العملية باتت تكلّف الشاشات ميزانية مالية كبيرة. لذلك قد تبدّل خطّتها ويأخذ فريقها استراحة قليلة، في حال لم تشهد المناطق المحاذية للشريط الحدودي أيّ تطوّر أمني خطير.

وتشير المعلومات إلى أنّ مكاتب القنوات العربية في بيروت، لا تزال تعتمد على مراسليها الثابتين الموزعين في مختلف المناطق الجنوبية، أبرزها «العربية» السعودية و«الجزيرة» القطرية و«الغد» المصرية و«التلفزيون العربي» القطري.... كذلك الحال بالنسبة إلى الشاشات الأجنبية على رأسها CNN وغيرها، التي لا تزال تغطي الخبر من الجنوب، منذ الساعات الأولى للمعارك وتتابعها بكل تفاصيلها.


على الضفة نفسها، تلفت مصادر في وسائل إعلام أجنبية لنا إلى أن إدارة المحطات التلفزيونية، تعتبر أن تغطية الحدث في الجنوب لم يعد يحمل أيّ جديد، إذ يتكرّر الخبر نفسه من ناحية الرسالة الإعلامية ونقل الصورة. كما أن تلك التغطية تكلّف الشاشات ميزانية كبيرة لجهة إقامة الصحافيين وفتح الهواء مباشرة طوال النهار. لذلك، بدأت المحطات تبحث في مسألة تخفيف تغطيتها من تلك المناطق، وتحويلها من تغطية مكثفة إلى أخرى تقتصر على ريبورتاجات يومية، وبالتالي إطفاء هوائها المباشر. وتشير المعلومات إلى أنّ تلك الخطة تنطبق على القنوات جميعها، باستثناء «الجزيرة» القطرية التي تولي اهتماماً كبيراً للحدث الفلسطيني، وتربطه بالتطورات في الجنوب، خصوصاً أن فريق المحطة في بيروت، قد استهدفه العدو الإسرائيلي بقذيفة أثناء تواجده في منطقة علما الشعب (جنوب لبنان)، وأدى إلى جرح المراسلة كارمن جوخدار والمصور إيلي براخيا.

في المقابل، توضح المعلومات لنا أن وكالات الأنباء العالمية من بينها «فرانس برس» و«رويترز» وغيرهما، سحبت مراسليها من المناطق الجنوبية، بعد ساعات قليلة على استهداف العدو الإسرائيلي في 13 تشرين الأول (أكتوبر) مجموعةً من الإعلاميين، كانوا يتواجدون في منطقة علما الشعب (جنوب لبنان)، ما أدى إلى استشهاد المصوّر عصام عبدالله في «رويترز» وإصابة فريق «الجزيرة»، ومصوّر الفيديو في «فرانس برس» ديلان كولنز، والمصورة الفوتوغرافية لدى وكالة «فرانس برس» كريستينا عاصي التي لا تزال تتلقى علاجها في إحدى مستشفيات بيروت. هذا القرار رافقه عدد من التساؤلات حول تلك الخطوة، وعما إذا كانت مؤشراً سلبياً إلى تطورات قد تشهدها تلك المناطق في المدة القريبة المقبلة.


قررت «رويترز» و «وفرانس برس» الاعتماد على صحافيين «فريلانسر» لتزويدهما بالأخبار والصور من المناطق الحدودية


تلفت المعلومات لنا إلى أنّه إثر تلك الجريمة التي ارتكبها العدو، قررت الوكالات في لبنان استدعاء موظفيها جميعهم من المناطق الحدودية، تحسّباً لأي جريمة ثانية قد يرتكبها العدو الذي لا يُعير للصحافة والإعلام والرأي العام أي أهمية. وتضيف المعلومات أن قرار الوكالات سيكون مؤقتاً، وهي خطوة تعتمدها أثناء تغطيتها لأخبار الحروب، بهدف تأمين سلامة فريقها الذي يعمل على الأرض. وتكشف المعلومات أن مصوّري «رويترز» ومراسليها في بيروت، يشعرون بالنقمة على وكالة الأنباء العالمية، بسبب طريقة تعاملها مع خبر استشهاد مصوّرها الشهيد عصام عبدالله. بعد ساعات قليلة على إعلان استشهاد المصوّر، أصدرت «رويترز» بياناً مخزياً، قائلة إنّ «عبدالله مصوّر التلفزيون لديها قُتل أثناء نقله للأحداث في بث مباشر»، على حد تعبيرها. وأشارت إلى أن الكاميرا كانت موجهة إلى جانب إحدى التلال عندما هزها انفجار قوي وملأ الدخان الجو وسُمع صوت صراخ. لاحقاً، أصدرت «رويترز» بياناً آخر حفظاً لماء وجهها أمام الرأي العام، قائلة «مراسلها عصام عبدالله قُتل في جنوب لبنان بصواريخ استهدفتهم من الجانب الإسرائيلي، مع إصابة ستة صحافيين آخرين». لكن الأمر لم يمنع من إطلاق الصحافيين حملةً ضدّ «رويترز» متهمين إياها بأنها كانت «شريكة في قتل عصام».

رغم أنّ «رويترز» و«وفرانس برس» سحبتا فريق عملهما من المناطق الجنوبية، ولكنهما قررتا تغطية الأخبار بواسطة صحافيين «فريلانسر» (تعاقد حرّ) لتزويدهما بالأخبار والصور من الجنوب اللبناني. وتلفت المعلومات إلى أنّ تلك الخطوة، تجّنب الوكالتين أيّ إحراج في حال تعرّض فريقهما لأي اعتداء إسرائيلي، إذ يمكن لهما التحجّج بأنّ الصحافيين ليسوا موظفيهما بل يعملون على نحو مستقل. وتلفت المعلومات إلى أنّ الوكالتين تتنصلان من تحمّل المسؤولية في حال تعرّض فريقهما لأي أذى، تخوفاً من إدانة العدو الإسرائيلي وتحميله أي مسؤولية، وهذا الأمر يتنافى مع سياسة الوكالتين المنحازتين للكيان العبري!

استهدف العدو الإسرائيلي مراسلة «الجزيرة» كارمن جوخدار
استهدف العدو الإسرائيلي مراسلة «الجزيرة» كارمن جوخدار


تعليقات: