تشير المفوضية بأن 59,159 لاجئًا سوريًا في الجنوب، مسجلاً لديها (أ ف ب)
كلما تصاعدت وتيرة الاشتباكات بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلية جنوب لبنان، تتصاعد معها المخاوف والتساؤلات حول احتمال اندلاع حرب في لبنان، والنتائج الكارثية التي قد تترتب على لبنان واللبنانيين، خصوصًا أن إسرائيل تقود حربًا همجية واجرامية في التدمير وقتل المدنيين بقطاع غزّة.
وعلى هامش هذه المخاوف، تتراوح التقديرات العسكرية بين من يجد أن احتمال نشوب حرب في لبنان يتصاعد كلما واصلت إسرائيل عدوانها على القطاع من دون سقف زمني، وبين من يرجح أن هذا الاحتمال يتراجع، في ظل التشكيك بقدرة إسرائيل على الضلوع بجبهة حرب جديدة، فيما هي عاجزة حتى الآن، عن تحقيق انتصار عسكري على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية.
ومع ذلك، تستمر حركة النزوح من قرى وبلدات الجنوب بفعل اتساع رقعة الاشتباك بين حزب الله وإسرائيل، على طول الحدود مع فلسطين المحتلة. كما تتعاطى الدولة اللبنانية ومنظمات المجتمع المدني مع احتمال نشوب الحرب بجدية، وهو ما انعكس بالعمل على خطط طوارئ وعلى إجراءات مطار بيروت أيضًا.
وفي هذا السياق، يتقدم السؤال حول واقع اللاجئين السوريين في الجنوب، فيما يعود ملف اللجوء السوري إلى واجهة الأزمات اللبنانية، بعد زيارة وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب على رأس وفد رسمي لدمشق لبحث الملف، رغم أنها زيارة بلا أي نتائج عملية. (راجع المدن)
ويعتبر كثيرون أن ملف اللجوء السوري، ورغم خفوته في الآونة الأخيرة على إثر تأجيج الجبهة في الجنوب، إلا أنه قد يعود للتفجر قريبًا، خصوصًا مع عودة المواقف التصعيدية السياسية، والإجراءات البلدية، وعجز الحكومة عن إدارة مخاطر الحرب والتوترات الأمنية إزاء شعبها. فكيف الحال إذن بوجود أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري ومواصلة تدفق اللاجئين السوريين من المعابر البرية غير الشرعية؟
النزوح الجنوبي وموقف المفوضية
في أحدث تقرير لها، أفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، عن "نزوح نحو 29 ألف شخص في لبنان جراء التصعيد في المنطقة الحدودية، تزامنًا مع الحرب الدائرة في قطاع غزة".
وتوجه نازحون كثر إلى مدن وبلدات جنوبية غير حدودية واختار آخرون التوجه إلى بيروت ومحيطها أو مناطق أخرى في شمال ووسط البلاد.
وفي هذا الإطار، تجيب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين السوريين UNHCR، في رد على سؤال "المدن"، حول آلية التعاون وخطط الطوارئ والجهوزية مع الحكومة اللبنانية، بأن المفوضية "تدعم جهود الحكومة اللبنانية في الجهوزية والاستجابة. وذلك بالتنسيق الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة والشركاء الآخرين. وتقوم المفوضية حاليًا بدعم النازحين في جنوب لبنان بعدّة الإغاثة الأساسية، بما في ذلك الفراش والبطانيات الشتوية. وقد تم وضع خطط الطوارئ الخاصة بالمفوضية وهي مستعدة لدعم احتياجات النازحين".
كما سجلت مفوضية اللاجئين، وفق ردها، حركة نزوح على نطاق صغير لعائلات لبنانية ولاجئة من الجنوب إلى الشمال ومنطقة جبل لبنان وسهل البقاع.
أما عن اللاجئين السوريين، فتشير المفوضية بأن هناك حوالي 59,159 لاجئًا سوريًا في الجنوب، مسجلاً لديها . وكانت "المفوضية قد وضعت خطط الطوارئ الخاصة بها وهي مستعدة لدعم احتياجات النازحين. وتشمل خطط الطوارئ أوضاع اللاجئين الذين يعيشون في المناطق الحضرية وفي تجمّعات الخيم".
وعن التقارير حول توترات ما بين اللاجئين واللبنانيين، "تشعر المفوضية بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بإبعاد عائلات اللاجئين عن القرى في محاولتها الانتقال إلى مواقع تعتبرها أكثر أماناً خلال الأحداث الحالية". وتقول: "تتفهم المفوضية الوضع الحالي الحساس، وتواصل دعوتها إلى تمكين عائلات اللاجئين من البحث عن الأمان في حال تطور الوضع بشكل أكبر".
مواقف تصعيدية
ومع عودة بوادر التصعيد بملف اللاجئين السوريين، طالب حزب الكتائب اللبنانية، مؤخرًا، بوضع اللاجئين في مخيمات تشرف عليها مؤسسات الدولة.
كما كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قد قال خلال حراكه الأخير، بأن ملف "النزوح السوري أمر ملحّ والتعاطي معه كعنصر تفجير للبلد خصوصاً في مرحلة التوتر العالي الراهنة، واتخاذ الإجراءات الفورية من قبل الوزارات والأجهزة المعنية والبلديات بغية تخفيف سريع لأعداد النازحين السوريين الموجودين على أرضنا".
في حين، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، في تصريح صحفي، بأنه طرح على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مبادرة إنشاء مخيمات للاجئين السوريين من الجهة اللبنانية للحدود مع سوريا، أو بين الحدود اللبنانية - السورية من أجل إيوائهم فيها، على قاعدة استحالة استقبالهم في مراكز إيواء.
ومع توالي هذه المواقف السياسية والاقتراحات غير العملية برأي كثير من الخبراء، هل تتحول أحداث الجنوب إلى عنصر تفجير إضافي ومتعمد للأوضاع في لبنان، وهربًا من تحمل الأطراف السياسية والحكومة لمسؤوليتها؟
تعليقات: