السفير الإسباني: لا مؤشر عقلانياً على حرب في جنوب لبنان

كشف عن إعداد مدريد وباريس مؤتمراً جديداً للسلام في الشرق الأوسط.

تضطلع إسبانيا بدور يتفاعل على صعيد لبنان والمنطقة. فقد كشف السفير الإسباني في لبنان ميغيل بنزو بيرييا أن مدريد بالتعاون مع فرنسا وتحت مظلّة الاتحاد الأوروبي تعدّ لعقد مؤتمر سلام جديد في منطقة الشرق الأوسط، متحدّثا عن دعم بلاده لمفاوضات السلام العتيدة بين سوريا وإسرائيل، مشددا على حق لبنان في استعادة أراضيه المصادرة من إسرائيل في شبعا والغجر.

وافقت إسبانيا على المحكمة الدولية وهي تراها ضرورية لإحقاق العدالة وهي تساند جهود الحكومة اللبنانية في محاربتها للإرهاب وللإرهابيين كما يقول بنزو، مؤكدا على ضرورة تضافر جهود اللبنانيين من أجل القضاء على هذه الظاهرة خوفا من تمدّدها.

÷ شهد الأسبوع الماضي زحمة زيارات لشخصيات إسبانية: وزير الدّفاع، الأمين العام للسياسة الدفاعية، والمدير العام للسياسة الخارجية، ما سبب هذا الاهتمام ببلدنا في هذا التوقيت حيث يشهد لبنان ذروة أزماته السياسية والأمنية؟

{ إنه جزء من الاتصالات التي نحاول أن نرسيها ونوطّدها في لبنان على أعلى المستويات بين الحكومتين الإسبانية واللبنانية وجزء من الالتزام الوطيد الذي تطوّر بعد حرب تمّوز من العام الفائت إثر وصول الكتيبة الإسبانية المؤلفة من 1100 جندي يشكّلون جزءا من قوات الطوارئ الدّولية في الجنوب.

أعترف بأن توقيت الزيارات جاء مصادفة ونحن أردنا أن نبرهن أنه حتى لو واجه البلد بعض الصعوبات فهي لن تجعلنا نتراجع عن الوقوف الى جانبه، ما يؤكّد صلابة التزاماتنا ومتانتها في مرحلة حرجة تتطلب مزيدا من التضامن الإسباني مع لبنان.

÷ بعد زيارة المسؤولين اللبنانيين ما هي الخلاصة التي خرجتم بها عن الوضع في لبنان؟

{ نحن قلقون من استمرار الانشقاق السياسي في مرحلة صعبة يواجهها البلد بسبب التهديدات الإرهابية من «فتح الإسلام». ونعتبر أنه من الأفضل لمختلف الأقطاب السياسيين اللبنانيين أن يضعوا جانبا الاختلافات السياسية ويعملوا يدا في يد لمواجهة هذه التهديدات. من جهة أخرى لاحظنا حزم الحكومة اللبنانية واستعدادها لمحاربة هذا التهديد الإرهابي.

مؤتمر جديد للسلام

÷ كيف تصفون دور إسبانيا في لبنان والمنطقة؟

{ أعتقد أن لبنان كبلد صغير لديه أهمية كبرى في المنطقة بسبب علاقاته مع جيرانه ودوره التاريخي في المساعدة على حلّ بعض القضايا مثل نقله لعدد من الفلسطينيين الى أراضيه. أعتقد أنّ كل ما يحدث في لبنان له وقع على الاستقرار وعلى التوازن في المنطقة. الحكومة الإسبانية هي من المؤيّدين للمبادرة العربية التي أقرت في مؤتمر القمّة العربية في بيروت عام 2002 وللمقررات العربية الأخرى التي أقرّت أخيرا أيضا في الرياض، وتعتبر حكومتنا أن الصراع العربي الإسرائيلي هو أساسي لحل كل المشاكل في المنطقة. قدّمنا أخيرا مبادرة مع فرنسا لتنظيم مؤتمر جديد للسلام في المنطقة قريبا ونحن نسعى من أجل تسريع انعقاد هذا المؤتمر في ظل الاتحاد الأوروبي. تؤيّد إسبانيا معاودة نشاط اللجنة الرّباعية ومواصلة الجهود في ما يخص خريطة الطريق وكل التدابير المتخذة سابقا وهي تؤيّد ايضا أية مفاوضات عتيدة يكثر الحديث عنها حاليا بين سوريا وإسرائيل لإيجاد حلّ لهضبة الجولان، وندعم ايضا التوصل الى حلول من أجل بسط سيادة لبنان على مزارع شبعا ومنطقة الغجر ونحن مع تقارب وتفاوض يؤديان الى تفاهم بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل إيجاد حلول للأزمة بين الطرفين.

÷ هل تعتقدون أن مشروع إنشاء لجنة دولية لمراقبة الحدود اللبنانية السورية هو حلّ ناجع لمنع إدخال السلاح الى لبنان؟

{ بالنسبة الى البعثة الدولية للأمم المتحدة فإن مهمتها التحقيق والتقصي عن المراقبة التي تحدث على الحدود وأعتقد أن مهمتها ستكون محدودة، لأنها لن تمكث هنا أكثر من عشرة أيام وهي ستتقصى عن ذلك وأعتقد أن الهدف هو التأكد من أن الحدود مراقبة في شكل كاف لتجنّب تهريب بالسلاح.

÷ هل تعتقد أن إقرار المحكمة الدولية تحت البند السابع قد يؤدي الى حرب في لبنان؟

{ بالنسبة الى إقرار المحكمة الدّولية فإن الاتحاد الأوروبي والحكومة الإسبانية قرّرا الموافقة على هذه المحكمة وهذا الإقرار هو ضمانة للسلام في لبنان، ونعتقد أنها ضمانة لإحقاق العدالة ويجب التمسك بمبدأ العدالة الدولية وحمايته في لبنان. أعتقد أن السائد هنا أن إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع يشكّل نوعاً من العقاب ضدّ لبنان واللبنانيين. هذا ليس صحيحا. إن الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة هو لاستدراك خطوات كفيلة بمواجهة أية مشاكل أو مخاطر قد تطرأ عند إقرار المحكمة الدولية فعليا، وهذا لا يعني أنها ستكون إجراءات ووسائل مفروضة بالقوّة من قبل مجلس الأمن أو أنها وسائل ضدّ الحكومة أو المؤسسات لأنها السبل القانونية الوحيدة التي تتيح لمجلس الأمن اتخاذ هذا الإجراء عندما يتعذّر اتفاق الأفرقاء كما حصل في لبنان وبالتالي هو نوع من فك الأزمة وهو لصالح ضمانة السلام والعدالة في لبنان.

÷ ما هو الدور الذي يلعبه جنودكم في الجنوب؟

{ ثمة مهام عسكرية منوطة بالكتيبة الإسبانية ومركز قيادتها العام في مرجعيون، تتلخص هذه المهام في حفظ الأمن والاستقرار في جنوب الليطاني وحماية الشعب اللبناني الجنوبي وعرقلة أية إمكانية تهديد من جهة إسرائيل أو من أي جهة أخرى وتجنب وجود أية أسلحة قد تؤدي الى خطر على الاستقرار والأمن في جنوب لبنان. نحن نقوم بهذه المهمات في تعاون وتنسيق مع الجيش اللبناني باستثناء تلك المتعلقة بالمراقبة التي يقوم بها الجنود الإسبان لكننا نتعاون في مراقبة دخول أية أسلحة مع الجيش اللبناني. بالنسبة الى المهام الأخرى فنحن معنيون بحفظ راحة وطمأنينة الشعب اللبناني حيث ننتشر وبالتالي لدينا موازنة شهرية نصرفها على أعمال واستثمارات صغيرة لصالح هذا الشعب سواء في المدارس أو في مؤسسات عامّة أو في بلديات أو بالنسبة الى البنية التحتية للطرقات الى أنشطة ثقافية أخرى منها تعليم اللغة الإسبانية في الجنوب ولدينا اليوم 450 تلميذا يتلقون دروسا في هذه اللغة بتنسيق من معهد سرفانتس وبالتعاون مع ضباط إسبان يشاركون كمحرّكين للحلقات التعليمية ونحاول أن نكون حاضرين بأنشطة مع جمعيات أهلية إسبانية تقود مشاريع تعاون في هذا القسم من البلد.

÷ بعض سكّان الجنوب غير مرتاحين لسلوك الجنود الإسبان؟

{ إنها ليست حوادث متكررة بل بعض الحالات المعزولة التي حصلت أثناء المراقبة المولجة القيام بها هذه الوحدات للتعرف الى بعض الأماكن الجغرافية الضرورية من أجل تنقلاتها. أوضح أن ثمة سببين لالتقاط الصور: القيام بأرشيف لبعض المواقع الجغرافية والأماكن التي ستمر أو ستتمركز فيها الآليات وهذا جزء من التعرّف الى المنطقة لممارسة المهام المنوطة بالوحدات وهذا جزء من عمل «اليونيفيل»، وبالتالي لا أسباب أخرى تقف وراء ذلك، وقد يكون النقص في معرفة ثقافة البلد من قبل الجنود دفع بعضهم الى التقاط صور شخصية بكاميراتهم الخاصة للاحتفاظ بها كذكرى من لبنان. وفي النهاية هم بشر يحبون الاحتفاظ بذكريات من أماكن خدموا فيها ونحن أيقنا ذلك وطلبنا منهم التوقف عن ذلك لتجنّب أي سوء فهم.

÷ ماذا عن الوضع الأمني حاليا في الجنوب والتحدّث عن وجود عناصر من «القاعدة» في بعض المخيمات الفلسطينية؟

{ في ما يخصّ الأمن في الجنوب نحن نشعر بالهدوء وخصوصا أننا نلمس أن الأكثرية الساحقة من شعب الجنوب تقدّر الأنشطة الأمنية التي تقوم بها وحدات «اليونيفيل»، بالإضافة الى أنشطتها الاجتماعية. وثمة الكثير من العمال اللبنانيين الذين يصل عددهم الى 50 ينخرطون في العمل مع الجنود الإسبان بالإضافة الى موظفين في معهد «سرفانتس»، وبالتالي نحن نشعر بالسعادة لذلك ونشعر بأن الوضع في الجنوب بات مستقرّا وهادئا ولا نتوقّع أية حوادث.

÷ هذا يعني أنكم لا تتوقعون أي حرب هناك؟

{ سمعنا شائعات مماثلة وخصوصا لدى الشعب الجنوبي القلق من إمكانية اندلاع حرب جديدة، لكن ليس لدينا أي مؤشر عقلاني يشير الى إمكان اندلاع مواجهات جديدة في المستقبل. ونحن نعتقد أن وجود 13 ألف جندي من قوات الطوارئ الدولية في الجنوب هو لتجنب هذا النوع من المواجهات العنيفة، وبالتالي نحن متفائلون جدّا بأن هذا النوع من المواجهات لا يمكن أن يحصل.

÷ هل تعتقد أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أيلول المقبل سيكون ممكنا في ظلّ الأزمة المتفاقمة سياسيا وأمنيا؟

{ أعتقد أنه من الضروري انتخاب رئيس جديد للجمهورية عندما ينهي الرئيس الحالي ولايته، سيكون الأمر مهمّا للبنان الذي سيظهر أنه بلد قادر على تثبيت استقراره. لذا أعتقد أنه يجب إيجاد اتفاق سياسي بين قوى 14 آذار وبين «حزب الله» وحركة «أمل» والجنرال ميشال عون لكي تتمّ العملية الانتخابيّة بشكل طبيعي وإيجابي للبلد.

÷ في ما يتعلق بالتفجيرات الإرهابية المتنقلة في لبنان كيف ترون الى الوضع؟

{ أرى أن هناك حزما كبيرا من قبل الحكومة اللبنانية وألحظ أن الشعب اللبناني بأسره متوحّد وراء جيشه ويعتمد عليه لوضع نهاية لهذا التهديد الذي يثير قلق اللبنانيين، وخصوصا أن وجود أشخاص مماثلين في لبنان يؤدي الى خطر انزلاق أمني في المخيمات الفلسطينية، وبالتالي يجب احتواء هذا التهديد بهدف حماية حياة اللاجئين الفلسطينيين وخصوصا في مخيّم نهر البارد ومنع انتقاله الى أماكن أخرى من البلد.

تعليقات: