Mtv تجدّد صورتها.. ولا تغير جلدها


بعد حوالى عام وعشرة أشهر من العمل، كشفت mtv أخيراً عن استديواتها التي تواكب التطوّر الحاصل في عالم الصوت والصورة. بالطبع، استغلّ رئيس مجلس إدارتها ميشال المرّ المناسبة لإطلاق كلمة تعيد تأكيد بعض الثوابت في سياسة القناة التحريرية! طبعاً، سياسة قائمة على «الزعبرة» والتحريض وإطلاق الإحصاءات كيفما اتفق


«في عيدها الـ 32، ترتدي mtv حلّة جديدة متطوّرة، مع حفاظها على ثوابتها الوطنيّة». شعار فضفاض رافق «التيزر» الترويجي الذي أطلقته المحطة اللبنانية أول من أمس، تزامناً مع افتتاح استديوات نشرات أخبارها الجديدة. بعد حوالى عام وعشرة أشهر على بدء العمل والتحضيرات، كشفت mtv عن استديواتها التي تواكب التطوّر الحاصل في عالم الصوت والصورة. بالطبع، استغلّ رئيس مجلس إدارة mtv ميشال المرّ المناسبة لإطلاق كلمة مقتضبة لتأكيد بعض الثوابت في سياسة القناة. ولا مانع أيضاً من خطاب الفوقية الذي يقوم على تعويم محطّته وإيهام المشاهدين بأنها الأكثر حضوراً! قال المرّ: «رغم الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، وكالعادة نعيش صراع الآخرين على أرضنا، قرّرنا أن نستمرّ بالمقاومة، ولكن على طريقتنا الخاصة عبر استثمار جديد في لبنان عبر خلق فرص عمل». وأضاف: «قبل 32 عاماً، أسست mtv ولم أتخيل يوماً أن نكون الأوائل. لدينا 50 % من نسبة المشاهدين، وننافس محطات العالم عبر تصميم جديد لغرفة الأخبار. يخاطر فريق الأخبار بحياته لنقل صورة موضوعية. لا أحد يؤثر في آرائه ولا ينفذ إلا قناعاته»، قبل أن يطلّ فريق نشرة الأخبار تباعاً من مقدمين ومقدمات إلى جانب رئيس تحرير النشرة وليد عبود، في فيديو يكشفون فيه عن رحلتهم مع القناة.

هكذا، حملت كلمة المرّ رسائل إعلامية وسياسية، لكنها ليست جديدة على القناة التي تتفنّن في عدم الموضوعية و«الزعبرة» وإطلاق الإحصاءات يميناً وشمالاً. مع العلم أن لا إحصاءات دقيقة عن نسب المشاهدة للقنوات اللبنانية. مع انطلاق عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، رفعت المحطة لهجة التهويل على المقاومة في لبنان، وترهيب المشاهدين كأنّنا بها نسخة لبنانية من القناة 13!

قبل ساعات من إطلاق استديوات نشرة الأخبار أوّل من أمس، نشر الموقع الإلكتروني لـ mtv خبر وفاة هدى عبد النبي حجازي والدة الفتيات اللواتي استشهدن في الغارة الإسرائيلية في منطقة عيناتا في جنوب لبنان. أحدث الخبر بلبلة على صفحات السوشال ميديا وانتشر على نطاق واسع، قبل أن يتّضح أنه شائعة. أصدرت بلدية عيناتا بياناً نافية الخبر فيه، طالبة من الإعلام توخي الدقة في نشر المعلومات حول الجريمة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي. وعلى أثره، انطلقت حملة ضدّ القناة على صفحات السوشال ميديا، مطالبةً إياها بمراعاة التطورات الحالية التي لا تتحمّل شائعات مغرضة.

ربما يمكن التسامح مع تسرّع mtv هنا، إلا أنّه لا يمكن تجاهل السياسة التحريرية التحريضية التي تعتمدها القناة منذ اندلاع الحرب على غزة، تزامناً مع عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر. قبل أيام، استضافت العميد المتقاعد إلياس حنا الذي أطلق تحليلات تتماهى مع خطاب الإعلام العربي والغربي المتأسرِل. قال حنا إنّ «المرحلة المقبلة في حرب غزة هي تقطيعها، والاستعلام عن البنى التحتية والبشرية والعسكرية لـ «حماس». ويُقال إن «مستشفى الشفاء» هو هدف أساسي أو ما يكمن تحت مستشفى الشفاء». كلنا يتذكّر يوم نشرت bbc خبراً مماثلاً قبل أيام من استهداف «مستشفى المعمداني» في غزة، ممهّدة بالتالي للمجزرة الفظيعة بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل الذين احتموا بالمستشفى جرحى أو لاجئين. يعتبر تصريح حنّا بمنزلة عيّنة صغيرة عن سياسة mtv تجاه ما يحدث في فلسطين.

على الضفة الأخرى، من المعروف أن ميشال المرّ يضع برمجة المحطة في كفّة، وقسم الأخبار في كفّة، إذ يتدخل في كل شاردة وواردة فيه. منذ سنوات، يسعى المرّ إلى تحويل الأنظار نحو نشرات الأخبار في محاولة لجعل المحطة منافساً قوياً بين القنوات الحاضرة على الساحة، على اعتبار أن نشرات الأخبار اليوم تتصدّر نسبة المشاهدة في العالم العربي ولبنان، خصوصاً مع العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، إذ استعادت قنوات عربية وخليجية بريقها، بينما خسر بعضها نسبة مشاهديه بسبب تحريضه على الفلسطينيين، وتحديداً المقاومة.


الاستديوات الجذابة لن تستقطب المشاهد بدون مضمون يوافق المزاج العام


هكذا، أطلت نشرة أخبار mtv بحلّتها الجديدة مع استديوات ضخمة تركز على المؤثرات البصرية التي كلّفت ميزانية لافتة. وتلفت المعلومات لنا إلى أنّ القناة تتأثر بالشاشات العربية والخليجية التي تقوم على استديو تحليلي ضخم يتوافق مع التطور التكنولوجي الحاصل في عالم الصوت والصورة. وتشير المصادر إلى أن mtv بدأت بناء الاستديو قبل عامين، وكان يُفترض إطلاقه مع الانتخابات النيابية الأخيرة في أيار (مايو) عام 2022، لكن الاستديو احتاج إلى مزيد من الوقت لاكتمال تنفيذه. وتوضح المعلومات أن نشرة أخبار mtv خضعت لبعض التعديلات الطفيفة، من بينها بثّ نشرة أخبار الطقس مباشرة على الهواء، بعدما كانت تُعرض مسجلة ضمن نشرة الأخبار. تواكب نشرة أخبار mtv التطوّر البصري الحاصل عبر الـ «انيمشن» (تحريك) وبعض الرسوم البيانية (الغرافيكس)، إلى جانب التركيز على الفيديوات المتطورة التي تشرح الحدث. وهذا الأسلوب في نشرات الأخبار بات ثابتاً في القنوات العربية والخليجية التي تعتمده منذ اندلاع حرب غزة. في المقابل، ترى المصادر أن الاتكال على استديو أخبار عصري وجذاب لن يجذب المشاهدين إلى نشرات الأخبار، ما لم يترافق مع مضمون يوافق مزاج الرأي العام. وتلفت إلى أنّ استديوات mtv ناجحة من الناحية البصرية، ولكن المحتوى لا يزال قائماً على الحقد وعدم مخاطبة الرأي العام، لأنها لم تستطع الخروج من عباءة التحريض الذي برعت فيه على مدى سنوات طويلة.

تعليقات: