الطلاب أخذوا كرهائن في المفاوضات الدائرة بين وزارة التربية واليونيسف (المدن)
أكثر من 150 ألف طالب سوري ما زالوا محرومين من العلم في لبنان، بسبب تعقد المفاوضات بين وزارة التربية ومنظمة اليونيسف، التي تمول تعليم طلاب فترة بعد الظهر. فإلى حد الساعة ما زالت المدارس المخصصة لتعليم طلاب بعد الظهر (نحو 320 مدرسة) تكتفي بتسجيل الطلاب. ولم يصدر أي قرار عن وزارة التربية لبدء العام الدراسي فيها، هذا رغم مرور شهرين على بدء العام الدراسي، وبقاء أقل من شهر على انتهاء الفصل الأول منه. ويبدو أن المفاوضات العسيرة لن تفضي إلى اتفاق قبل نهاية الشهر الحالي. ما يعني أن الطلاب قد يتعلمون أقل من عشرة أيام من الفصل الأول، نظراً لدخول المدارس في عطلة الأعياد الشهر المقبل. فالمدارس ما زالت في مرحلة تسجيل الطلاب القدامى، ولم تبدأ بتسجيل الطلاب الجدد، هذا رغم أن المدراء يسجلون طلاب الروضات. ويقول أحد مدراء مدارس بعد الظهر أن المدراء لم يفقهوا ما المقصود بالطلاب الجدد. وفسروا قرار وزير التربية الذي حدد فيه شروط تسجيل الطلاب غير اللبنانيين بأن المقصود بالطلاب الجدد هم السوريون الذين نزحوا مؤخراً إلى لبنان.
الطلاب رهائن بالمفاوضات
المشكلة الأساسية بهذا الملف تنقسم إلى قسمين: مطالبة الدولة اللبنانية برفع مساهمة اليونيسف لصناديق المدارس ومطالبة الأساتذة المستعان بهم لتعليم الطلاب السوريين، برفع أجر ساعاتهم. ووفق مصادر "المدن"، فإن المفاوضات الدائرة هي حول حجم مساهمات الصناديق التي تدفعها اليونيسف، ومبالغ مستحقات المستعان بهم وبدلات الانتاجية للمستعان بهم. فقد سبق وعرضت الحكومة في ورقة عمل بشأن النزوح، أن المبلغ المطلوب كمساهمات للصناديق عن كل طالب يجب أن يرتفع إلى ما لا يقل عن 200 دولار، عوضاً عن الـ140 دولاراً الحالية. وقد أعد فريق عمل وزير التربية عباس الحلبي ورقة بهذا الشأن لرفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها. فمن شأن هذا المبلغ الإضافي، أي 60 دولاراً، تأمين التمويل لدفع بدلات الإنتاجية التي ستدفعها وزارة التربية لجميع الأساتذة في لبنان، بمن فيهم أساتذة الجامعة اللبنانية!
ووفق المصادر، فإن ذريعة اليونيسف هي أن التمويل الدولي انخفض ولا يمكنها دفع المبالغ المطلوبة. لكن هذا لا يعني أن المفاوضات لن تفضي إلى حلول بهذا الشأن.
مشكلة طلاب هذه المدارس أنهم أخذوا كرهائن من وزارة التربية ومن اليونيسف. فأحد أسباب عدم فتح المدارس لتعليم الطلاب هو الضغط على اليونيسف، لتضغط بدورها على الممولين رفع المساهمات.
تمويل مشاريع رديفة
وتستغرب مصادر مطلعة على مشاريع وزارة التربية، كيف تقوم اليونيسف بتمويل مشروع بنحو مئة مليون دولار لتعليم السوريين في المدارس الخاصة، لا أحد يعلم به في الوزارة إلا مدير عام التربية، فيما ترفض دفع مبالغ زهيدة للأساتذة المستعان بهم لتعليم السوريين في المدارس الرسمية. فقد تبين أن هناك مفاوضات أخرى تجري مع اليونيسف بشأن مستحقات الأساتذة لتعليم السوريين والبالغ عددهم نحو 12 ألف أستاذ. وترفض اليونيسف دفع تسعة دولارات كأجر ساعة، وتصرّ على دفع ستة دولارات.
وبما يتعلق بهؤلاء الأساتذة، ما زالت رابطة التعليم الأساسي، التي تتفاوض مع وزارة التربية باسم الأساتذة المستعان بهم، غير موافقة على بدء التعليم في فترة بعد الظهر قبل تحديد أجر الساعة. فالرابطة اتفقت مع "لجنة اساتذة الدوام المسائي لغير اللبنانيين" على تحديد أجر الساعة لهم بتسعة دولارات، وليس ستة دولارات كما عرضت اليونيسف. أو يصار إلى مساواتهم بالأساتذة المتعاقدين لناحية بدلات النقل والانتاجية.
ويقول عضو لجنة اساتذة الدوام المسائي لغير اللبنانيين، إبراهيم خليل، إنهم في نهاية العام الدراسي الفائت طالبوا اليونيسف رفع أجر الساعة عن شهري أيار وحزيران المنصرمين إلى 6 دولارات، عوضاً عن ثلاثة دولارات. لكن اليونيسف لم تدفع إلا 3 دولارات. وأعقب الأمر مفاوضات حول العام الدراسي المقبل. وقد طالب الأساتذة اليونيسف بدفع 9 دولارات كأجر للساعة، لكن اليونيسف رفضت دفع أكثر من ست دولارات.
ويضيف أنه وفق حسابات الأساتذة، فالأجر العادل لهم، كي يكونوا متساوين مع الأساتذة المتعاقدين لدوام قبل الظهر، هو تسعة دولارات. لأن الوزارة حددت للأساتذة المتعاقدين في الدوام الصباحي أجر ساعة يوازي دولاراً ونصف دولار، وبدل نقل بـ450 ألف ليرة، يدفع لثلاثة أيام بالأسبوع، وبدلات إنتاجية شهرية بـ300 دولار. أي بما يعادل تسعة دولارات كأجر ساعة.
التفاوض المباشر بين الأساتذة واليونيسف انقطع، وبات أحد مستشاري الوزير الحلبي يفاوض عنهم. وبالتالي، أوكل الأساتذة أمر التفاوض باسمهم مع وزارة التربية إلى رابطة التعليم الأساسي. ووصل إلى مسامعهم أن اليونيسف متشددة جداً لناحية عدم دفع أكثر من ستة دولارات. وهم يتهمون اليونيسف بأنها لا تريد دفع أتعاب الأساتذة على اعتبار أنها تريد بهذه الأموال تمويل مشاريع أخرى لها في وزارة التربية.
تعليقات: