وضعت ماريان الحويك خطة من أجل عرقلة التحقيقات الفرنسية (الإنترنت)
أصبحنا معتادين، بين فترة وأخرى، على تسرّب وثائق رسمية لتنشر أمام الرأي العام، تحوي المزيد من المعلومات "الصادمة" عن حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة وأعوانه. وربما يصح القول إن أهمية هذه التسريبات تكمن في تذكير الدولة اللبنانية وسلامة، بأن قضية الأخير ومن معه لن تقفل في فرنسا، وأن القضاء الأوروبي توصّل إلى معلومات مهمة، من شأنها إدانة شخصيات سياسية بارزة في الساحة اللبنانية، إلى جانب مجموعة من المصرفيين وغيرهم، الذين "تميزوا" بقربهم من سلامة في السنوات الماضية.
"مبالغ مالية لعرقلة التحقيقات"
الجديد اليوم في التسريبات، هو ما نشره موقع "ميديابارت" الفرنسي. فبالرغم من "تجميد" التحقيقات الفرنسية في ملف سلامة، بسبب تحويل الملف من القاضية الفرنسية أود بوروسي إلى قاضية أخرى، سيما أن الأخيرة لم تتابع الملف بعد، ريثما تنتهي إجازة أمومتها- وفقًا لمصدر قضائي لبناني بارز- إلا أن صحيفة MEDIAPART الفرنسية نشرت مقالًا، أفادت فيه عن وجود "مخطط" لعرقلة التحقيقات الفرنسية في ملف سلامة، عن طريق دفع حوالى 20 مليوناً (لم يحدد نوع العملة، إن كانت بالدولار أو باليورو).
ووفقًا لما نشر في الصحيفة، فإن السلطات الفرنسية بعد مداهمة منزل ماريان الحويك في فرنسا، عثرت على "خطة كُتبت بخط اليد"، حددت فيها مبالغ مالية ضخمة من أجل تنفيذ بعض المهمات ومنها: "تغيير القاضية الفرنسية، منع التحقيقات اللبنانية أو الفرنسية من الوصول إلى أي نتائج لا تصب في مصلحة سلامة وأعوانه، (وذلك عن طريق تأمين مبررات من شركات الوساطة المالية حول التحويلات النقدية التي أجريت، والتي يدقق فيها القضاء الفرنسي واللبناني أيضًا)، وتغيير مسار التحقيقات. مفاد هذه التفاصيل المذكورة في الصحيفة الفرنسية، أن الملايين خصصت من أجل عرقلة التحقيقات وعدم إدانة جميع المدعى عليهم.
في التفاصيل، داخل منزل الحويك في باريس، عُثر على ورقة مكتوبة بخط اليد، وهي عبارة عن "خطة" من أجل عرقلة التحقيقات الفرنسية. وذكر بأن "هذا المشروع الاستثنائي يهدف لإفساد ملف التحقيقات، نقل القاضية أو تغييرها، ودفع مبالغ مالية من أجل هذه الغاية".
كما ذكر أيضًا، "أن ماريان الحويك (43 عامًا)، التي عملت في مصرف لبنان وتقاضت 12 ألف دولار شهرياً، كانت اليد اليمنى لسلامة. وخلال التحقيقات أوضحت بأنها كتبت هذه الملاحظات وقامت بصياغة التفاصيل باللغة الفرنسية، إلا أن المشروع لم ينفذ أبدًا".
ووفقًا للورقة التي نشرتها صحيفة MEDIAPART، فإن الخطة تقسم إلى ثلاث مهام: المهمة الأولى، هي عبارة عن وعد (من الجهة المنفذة) بتغيير القاضية، وقيمة هذه "الخدمة" مليوناً. المهمة الثانية، هناك وعد بتسريع التحقيقات الفرنسية لتصب في مصلحة سلامة وأعوانه، مقابل الحصول على مليون.
المرحلة الأخيرة هي دفع الأتعاب سلفًا (مليوناً) قبل الاتفاق الرسمي والبدء بالعملية، إضافة إلى مبلغ 500 ألف ذكرت بأنها "مصاريف مختلفة".
وفصّلت الصحيفة أنه تم الاتفاق على تنفيذ خطة لمدة 6 أشهر، على أن يحول مبلغ 2 مليون في الخامس عشر من كل شهر. أما التطبيق الأول والفعلي لهذا المخطط، وفقًا لما ذكر في التقرير، حصل في 15 أيلول 2022، حيث تم تحويل 2 مليون و 600 ألف (مصاريف متنوعة). وتبين بأن الثمن المادي لتنفيذ هذه المهمات سيبلغ حوالى 20،45 مليوناً.
كما ورد في التقرير اسم الوزير السابق وئام وهاب. فذكر بأن الحويك أفادت أمام القضاء الفرنسي بأن "وهاب اتصل بها عندما كانت متواجدة في فرنسا، وقدم لها الملاحظات و"خريطة الطريق". ودونت جميع ملاحظاته وقيمة المبالغ المالية.. إلا أن الخطة لم تنفذ".
الرسائل النصية
أهمية ما تكشف في التقرير، تكمن أيضاً بالعودة إلى نيسان الماضي، حين أوقفت السلطات الفرنسية المصرفي مروان خيرالدين في فرنسا، صاحب بنك الموارد، وجرى استجوابه بعد اتهامه "بتأليف عصابة إجرامية للمساعدة في اختلاس الأموال العامة"، (وفقًا لما نقلت وكالة فرانس برس عن مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية)، وتمت مصادرة هاتفه الخلوي وحاسوبه الخاص، ومن ثم أطلق سراحه بعد تعاونه مع القضاء الفرنسي، واعدًا إياهم بالمثول أمام المحكمة الفرنسية في كل مرة يُطلب منه.
ووفقًا لمعلومات "المدن"، فإن القضاء الفرنسي تمكن من الحصول على معطيات وتفاصيل تتعلق بسلامة والمساعدة المصرفية ماريان الحويك. كما أنه حصل على جميع رسائل خيرالدين النصية واتصالاته الهاتفية. وعليه، أكد الخبير في الشؤون الفرنسية، تمام نورالدين، في حديث خاص لـ"المدن"، بأن القضاء الفرنسي وبعد تعيين خبير متخصص في الأجهزة الالكترونية، حصل على أكثر من 40 ألف رسالة نصية، سُحبت من هاتف خيرالدين الشخصي ومن حاسوبه، وهي عبارة عن مراسلات جرت بين خيرالدين ومجموعة قبل وصوله إلى فرنسا.
أهمية هذه المراسلات، أنها قدمت تفاصيل إضافية للقضاء الفرنسي تتعلق بهوية الشخصيات السياسية أو المصرفية التي تواصل معها خيرالدين، بما معناه أن القضاء الفرنسي بات على علم بجميع أسماء الأشخاص الذين تواصلوا مع خيرالدين، والأهم أنها اطلعت على مضمون المراسلات النصية واحتفظت بالرسائل التي تهمها.
تعليقات: