معادلات مزورة أرفقت في ملفات الطلاب للحصول على شهادات الماجستير من لبنان (مصطفى جمال الدين)
ما زالت قضية الرشاوى والتزوير التي ضجت بوزارة التربية وجامعات خاصة، بملف الطلاب العراقيين والأجانب، تتفاعل. وفضلاً عن 12 شخصاً موقوفين منذ نحو شهر وأحيلوا إلى القضاء، الذي لم يبت إخلاء سبيل أي منهم بعد، طالت التوقيفات الحديثة موظفاً في مكتب وزير التربية عباس الحلبي. وأتى توقيفه بعد اعترافات أدلى بها بعض الموقوفين السابقين. علماً أن قضية التوقيفات التي طالت موظفين في وزارة التربية وأشخاصاً معتمدين من الجامعات الخاصة في الوزارة، ومعقبي معاملات ومكاتب سمسرة، لا تقتصر على قضايا الإثراء غير المشروع ودفع وتلقي رشاوى. بل المسألة الأكثر خطورة هي التزوير واستخدام المزور. والقضية الأكثر خطورة أيضاً، والتي لم يكشف عنها بعد، هي حصول تجاوزات فاضحة في أمانة سر الكولوكيوم وفي الامتحانات التي تجريها سنوياً.
تزوير شهادات لبنانية
في المعلومات التي حصلت عليها "المدن" تبين أن بعض مكاتب السمسرة التي كانت تتقاضى أكثر من ألف دولار من الطلاب العراقيين استخدمت تقنية الفوتوشوب، ليس لتزوير معادلات للشهادات الصادرة عن العراق، بل إن التزوير طال شهادة الثانوية العامة اللبنانية أيضاً. وتبين أن السماسرة زوّروا شهادات ثانوية عامة لبنانية لأشخاص عراقيين من خلال استبدال الصورة واسم الشخص. وقد ضبطت دائرة الامتحانات ولجنة المعادلات تزوير مثل هذه الشهادات، التي تبين أنها تعود لطلاب لبنانيين. وفي بعض الحالات انتقوا طلاباً لبنانيين كانت علاماتهم مرتفعة مع درجة ممتاز. كما طال التزوير مصادقات لوزارة التربية ووزارة الخارجية في لبنان وللسفارة العراقية في بيروت.
تزوير المعادلات
من ضمن الحالات الموثّقة في تزوير معادلات الشهادات الصادرة من الخارج، تبين أن المعادلة تعود لطلاب عراقيين حصلوا على المعادلة سابقاً، فيما أختام طبق الأصل تعود لإفادات لطلاب لبنانيين. وكُشف هذا الأمر من خلال التدقيق بأرقام المعادلات الصادرة في لبنان، التي تبين أنها تعود لطلاب حصلوا على معادلات سابقاً. وحوت المعادلة الواحدة على أكثر من تزوير مثل الرقم التسلسلي لأختام طبق الأصل التي تبين أنها تعود لطلاب لبنانيين. وكان التزوير يتم من خلال استخدام الفوتوشوب في قص ولصق الأختام والأرقام والأسماء. وتبين من خلال عملية مطابقة المعادلة مع سجلات الوزارة أن لا وجود لأسماء الطلاب في النظام الإلكتروني في الوزارة، بل أقدمت مكاتب سمسرة على تزوير الأختام والتواقيع والأرقام التسلسلية. وكانت هذه إحدى الطرق للتلاعب على الطلاب الراغبين بتخليص معاملاتهم بسرعة.
إهمال أو تورّط
المشكلة في هذه القضية ليس التزوير الفاضح. فالأخير يمكن التثبت منه بالنظر، وليس بالعودة حتى إلى سجلات وزارة التربية. فهذه المعادلات لا وجود لها في السجلات. لكن ما حصل أن تلك المعادلات أرفقت في ملفات الطلاب للحصول على شهادات الماجستير الصادرة عن جامعات لبنانية. هذا رغم أن الأصول تقتضي من أمانة سر المعادلات الجامعية في الوزارة مراجعة التسلسل الدراسي والتأكد من صحة الصدور من أمانة سر المعادلات ما قبل الجامعية. وهناك احتمالان لحصول مثل هذا الأمر، إما بسبب إهمال وظيفي أو بسبب تلقي رشاوى لتمرير هذه الطلبات. في الحالة الأولى ثمة تكاسل من الموظف في مسألة حيوية وأساسية، وفي الحالة الثانية ثمة تورط في شبكة الفساد والتزوير التي كانت قائمة.
الاعتراف بالشهادات من الخارج
بيد أن الملف الضخم، الذي لم يكشف عنه بعد، فمرتبط بالتغييرات الإدارية التي قام بها وزير التربية مؤخراً. ويتعلق الأمر بأمانة سر قسم الكولوكيوم ولجان الامتحانات وبنك الأسئلة فيها، والتي عين الحلبي فيها موظفين جدداً مكان الموقوفين. وفي المعلومات الأولية تكشف المصادر عن حصول تجاوزات فاضحة سواء في الامتحانات وتسريب الأسئلة، أو في المصادقة على شهادات تثبت إنهاء المستدعي دراسة الطب في جامعات خارجية، لا تراعي المواصفات المطلوبة.
ومن ضمن التجاوزات التي كانت تحصل سابقاً، وهي تعد من الأمور البسيطة في الفساد الإداري، قبول طلبات طلاب نالوا شهاداتهم في جامعات في قبرص التركية. ورغم أنه يوجد مطالعة من قاضي في لجان المعادلات السابقة بضرورة عدم الاعتراف بهذه الشهادات، لأنها صادرة عن دولة غير معترف بها من لبنان ومن الأمم المتحدة، كانت الطلبات تمرر ويحصل الطلاب على الاعتراف بشهاداتهم!
تعليقات: