عرض الوزير الحلبي على الأساتذة المستعان بهم أجراً للساعة بسبعة دولارات ورفضوا (علي علّوش)
قد ينطلق العام الدراسي لتعليم الطلاب السوريين في نهاية الشهر الحالي، في حال انتهت المفاوضات الدائرة بين منظمة اليونيسف ووزارة التربية إلى حلول، بما يتعلق بالميزانية التي ستخصص للعام الحالي. فاليونيسف ترفض زيادة أي قرش على الميزانية، فيما وزارة التربية تأمل بتحصيل أموال إضافية لتلبية المطالب الكثيرة المرفوعة أمامها. ورغم قناعة القيّمين على الوزارة بأن الضغوط في ملف السوريين لن يأتي بنتيجة، لأن المسألة ليست بيد اليونيسف، بل عند المانحين الدوليين، حاولت اقناع الأساتذة أن ضغوطهم بعدم تعليم نحو 170 ألف طالب سوري قد تثمر أموالاً إضافية.
لا تعليم قبل تنازل اليونيسف
رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي حسين جواد، أكد لـ"المدن" أن لا تعليم للطلاب السوريين قبل تنازل اليونيسف في موضوع رفع أجور ساعات الأساتذة المستعان بهم، والإفراج عن متأخرات صناديق المدارس عن السنوات السابقة. فقد دفعت اليونيسف خمسين بالمئة من أموال العام الدراسي 2021-2022 ولم تدفع أي مبلغ من أموال العام 2023. وهي مطالبة اليوم برفع مساهمات الصناديق كي تتمكن المدارس من دفع المصاريف وأجور العمال والصيانة. وهناك مفاوضات معها حالياً قد تفضي إلى حلول لإطلاق العام الدراسي قريباً.
في الاجتماع الذي عقد يوم أمس الأربعاء، بين وزير التربية عباس الحلبي ورابطة معلمي التعليم الأساسي، ووفد من لجنة الأساتذة المستعان بهم، والذي استمر حتى منتصف الليل، أكد الوزير للمجتمعين، حسب بيان صدر عنهم، أن اليونيسف تصر على دفع ستة دولارات كأجر للساعة، تشمل بدل الأتعاب وبدل النقل وبدل الإنتاجية. لكن لجنة الدوام المسائي ورابطة للتعليم الاساسي رفضتا الأمر وأصرتا على مساواة الأساتذة مع زملائهم في الدوام الصباحي، والحصول على أجر ساعة عادل لا يقل عن 9 دولارات.
هذا على المستوى الرسمي. أما حسب التسريبات التي حصلت بعد انتهاء الاجتماع، فتبين أن الحلبي عرض على الأساتذة أجراً للساعة بسبعة دولارات. فقد أرسل أحد الحاضرين تسجيلاً صوتياً لطمأنة الأساتذة بنتيجة الاجتماع، وقال فيه إنهم تبلغوا أن اليونيسف لديها باقة متكاملة لأجور الأساتذة وصناديق المدارس والكتب المدرسية. ووفق هذه الميزانية عرض الوزير سبعة دولارات كأجر للساعة، متمنياً على الأساتذة إطلاق العام الدراسي. أما ردهم فكان أنه يجب رفع المبلغ إلى 7.5 دولارات.
تخفيض المانحين الميزانية
ووفق مصادر مطلعة، خفضت المنظمة الأممية تمويلها لتعليم السوريين من أكثر من مئة مليون دولار في السنة إلى 39 مليوناً للعام الحالي. ويرفض مانحو اليونيسف رفع هذه الميزانية لإنفاقها ككلفة لتعليم الطلاب. وجل ما تنازل به المانحون هو حرية تصرف الوزارة في كيفية إنفاق المبلغ، بين المبالغ التي تدفع لصناديق المدارس وتلك التي تدفع لأجور المعلمين. بمعنى أن اليونيسف أبلغت الوزارة أنها تستطيع دفع ما تشاء كحوافز للأساتذة أو أجور العاملين، لكن من ضمن ميزانية 39 مليون دولار.
في غضون أيام، سيظهر الخيط الأبيض من الأسود. فرفع الوزارة المبلغ بنصف دولار يعني نصف مليون دولار إضافية كأعباء عليها، تضاف إلى أعباء بنحو مليون دولار كلفة رفع الأجر من ستة دولارات إلى سبعة، كما وعدهم الحلبي، تقول المصادر.
التمويل من صناديق المدارس
وتضيف المصادر أن اليونيسف ترفض رفع الميزانية ليس لدعم أجور عادلة للأساتذة بل لدعم عمال المكننة والخدم في المدارس، وتريد تحميل الكلفة على حساب صناديق المدارس. فأجر العامل اليومي لا يتجاوز 250 ألف ليرة فيما عامل المكننة 600 ألف ليرة. علماً أن هذه الأعمال التي يقوم بها هؤلاء العاملون تقدر بنحو 15 يوماً بالشهر. والمطلوب من اليونيسف تحمل كلفة لا تزيد عن عشرين دولاراً باليوم للعامل، بما يوازي 300 دولار بالشهر، كي يحضروا إلى عملهم. وصحيح أن اليونيسف لا تمانع برفع أجورهم، لكنها تريد تحميل هذه الأعباء المالية على صناديق المدارس. وهذا يوقع الأخيرة بعجز عن دفع المصاريف التشغيلية وأجور الأساتذة المتعاقدين على حساب الصناديق.
إضافة إلى أكثر من تسعة آلاف أستاذ مستعان بهم لتعليم السوريين في الفترة المسائية، تعهدت الدول المانحة أيضاً، عبر اليونيسف منذ العام 2014، بدفع أجور نحو 2800 أستاذ مستعان به في الفترة الصباحية بالتعليم الأساسي، ونحو 700 أستاذ في التعليم الثانوي. وكان السبب يومها أنه يوجد طلاب سوريين يتعلمون قبل الظهر. لكن هؤلاء الأساتذة بدأوا بالتعليم مع مطلع العام الدراسي في فترة قبل الظهر ومن دون أي أجر. فمصيرهم مرتبط بمصير أقرانهم في فترة بعد الظهر. ويشكلون كلفة إضافية على وزارة التربية في الميزانية الأنفة الذكر.
رغم ذلك، بات هامش التحرك أمام وزارة التربية ضيقاً للغاية، ويتراوح بين القبول بالأمر الواقع وتعليم السوريين أو إقفال المدارس أمامهم. وبالتالي، إقفالها أمام الطلاب اللبنانيين أيضاً. فمن ناحية هي بحاجة للأموال المخصصة لتعليم السوريين لدعم صناديق مدارسها لتعليم اللبنانيين، وتوفير بعض الأموال لدفع حوافز الأساتذة، في ظل إفلاس الدولة. ومن ناحية ثانية بات عبء تعليم السوريين ملقى على عاتقها بعد تراجع التمويل. أما الذهاب إلى دمج جميع الطلاب في التعليم الصباحي لاحقاً، لخفض كلفة التعليم (في حال بقاء الوضع الاقتصادي على حاله) فدونه عقبات كثيرة، تبدأ بالمخاوف الديموغرافية ولا تنتهي بشياطين التوطين.
تعليقات: