الكاميرا الخفية في رمضان: مقالب طويلة فضحت نقص الأفكار

من »مقلب مرتب« مع ليليان نمري
من »مقلب مرتب« مع ليليان نمري


تتحول الكاميرا الخفية على شاشاتنا المحلية، في كثير من الأحيان، عن كونها »ضروباً فكاهية« لتصبح مشاهد مثيرة للسخط. إذ تجنح تلك البرامج إلى اعتماد »الاسكتشات« الطويلة في محاولة استنزاف الشخص لا استفزازه وحسب، بدلاً من اعتماد »الاسكتشات« القصيرة والمتنوعة والتي تظهر براعة المخرج والممثل وقدرتهما على إصابة الهدف في وقت قصير.

في إحدى حلقات برنامج »غيّر جو« على »أن بي أن« للمخرج صبحي أبي حبيب، مثلاً، أوهم فريق العمل ثنائياً يبحث عن شراء منزل بوجود جن فيه. تربصت الكاميرا بفريستها، أي الرجل وخطيبته، وفجأة ظهر أشخاص يلتحفون الشراشف ويصرخون في وجهيهما. ارتعب الثنائي وتظاهر من معهما من فريق البرنامج أنه لا يرى شيئاً، هلع الاثنان. انتهى المقلب. لكن الضحيتين بقيتا مذهولتين أمام عدسة الكاميرا.

أعطيت المهمات »غير اللائقة« في البرنامج لـ»بندق« (أحد الممثلين)، كما كانت الحال عندما تجول الأخير بقرب إحدى السيارات بمظهر يثير الشبهات على مرأى من الحارس، فقام هذا الأخير بضرب »بندق«. مشهد لا نعرف حقيقة إن كان مثيراً للضحك أم للسخط، إذ تحار العين في قراءة ملامح »بندق« والتكهن بشعوره بعد أن يتعرض للضرب أكثر من مرة. هل هو متضايق أم لا؟ ما يمكن تأكيده أن لا علامات مرح في ملامحه.

انتقلت »اسكتشات« برنامج »غير جو«، بين لبنان ومصر، من دون أن تقدم هذه الازدواجية في العرض أي تميز للبرنامج. إذ ينحصر الهدف بإظهار ردات فعل »الفريسة«، والتي قلما تسجل تبايناً بين أبناء هذا البلد أو ذاك.

هذا السرد، لا ينفي نجاح بعض »الاسكتشات« التي يقدمها هذا البرنامج والتي تجذب المشاهد، وتضحك »الضحية« نفسها في مقالب خفيفة، كما عندما طلب »تويوتا« (أحد الممثلين) من أحد الأفران »منقوشة سمك« .

وما قيل في »غير جو« ينطبق إلى حد ما على برنامج »نجوم الضهر«، للمخرج طلال شامي، على قناة »الجديد«. فبرغم نجاح بعض »اسكتشاته«، إلا أنها مالت، في غالب الأحيان، إلى الضحك على الشخص »الضحية« وليس معه. وهذا ما كان مهيناً في كثير من المواقف. ففي أحد »الاسكتشات« على سبيل المثال، أوهم فريق العمل أحد الشبان أنه يتم تصوير دعاية »مقشة«، فضُرِبَ بها عدة مرات، وكُرر هذا »الاسكتش« أكثر من خمس عشرة مرة، حتى نفد صبر الشاب، فترك مكانه غاضباً. انتهى العرض. وعلم الشاب أن ذلك مزاح الكاميرا الخفية، فبادر إلى القول بالحنق نفسه، متوجهاً إلى أحد فرقاء العمل: »شو عملتني مضحكي«! والسؤال الذي يطرح: »هل يحق لأحد »إذلال« أحدهم لإضحاك المشاهدين؟«.

وقعت العين على نموذج آخر من ضروب الكاميرا الخفية في برنامج »مقلب مرتب« للمخرج باتريك نعيمة قناة »أوتي في«. اعتمد هذا البرنامج صيغة »الاسكتش« الواحد مستضيفاً وجوهاً عديدة سياسية وفنية. وبعكس برامج الكاميرا الخفية الأخرى، لم يخبئ »مقلب مرتب« كاميرته، بل أشهرها، محضراً طبقاً دسماً من الأسئلة التي تستفز الضيف.

يعتمد المقدم، في كل مرة، الأسلوب ذاته، فهو يبدأ بتمجيد ضيفه عبر مقدمة قصيرة، ثم يعقبها طرح أسئلة تصاعدية في محاولة استفزازية واضحة. ما أوقع البرنامج في فخ التكرار وروتين العرض. ثغرة كان من الممكن تفاديها لو غيّر المقدم في أسلوبه في طرح الأسئلة، بين حلقة وأخرى.

لكن ما يخفف من وطأة هذه الثغرة، هو تنوع الضيوف بين سياسيين وفنانين من جهة، وحضور الشخصية الخليجية التي يتقمصها المقدم »الشيخ هزاع« من جهة أخرى، ما فرض وقاراً على بداية الكثير من المقابلات، وأجبر الضيوف على ضبط النفس مع »هطول« الأسئلة الساخنة والمحرجة عليهم.

تعليقات: