من المتوقع أن ينتشر إنترنت السلوك مع التقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية(Getty)
مع اقترابنا من عام 2024، نجد أنفسنا على أعتاب ثورةٍ تكنولوجية يمليها تسارع وتيرة الابتكار، الذي سيغير حكماً الطريقة التي نعيش ونعمل بها. تضيء هذه المقالة على أهم تقنيات ناشئة من المتوقع أن يكون لها تأثير كبير في عام 2024 وما بعده. وتدرس إمكانات كل تقنية، وحالة تطورها الحالية، والآثار التي قد تترتب على مختلف الصناعات والقطاعات.
الحوسبة الكمومية
لطالما كانت الحوسبة الكمومية مادةً من الخيال العلمي، ولكن في عام 2024، من المقرر أن تصبح حقيقةً ملموسة. تتمتع هذه التكنولوجيا الناشئة بالقدرة على تحويل قوة الحوسبة كما نعرفها، ما يمكننا من حل المشكلات المعقدة بسرعة وعلى نطاقٍ لم يكن من الممكن تصوره في السابق.
في جوهرها، تسخر الحوسبة الكمومية مبادئ ميكانيكا الكم لمعالجة المعلومات بطريقةٍ مختلفة جوهرياً عن أجهزة الكمبيوتر الكلاسيكية. وعلى الرغم من أنها لا تزال في مراحلها الأولى من التطوير، فقد أظهرت الحوسبة الكمومية بالفعل نتائج واعدة في مجموعةٍ من التطبيقات، بما في ذلك اكتشاف الأدوية، والنمذجة المالية، وتحسين حركة المرور.
وإنطلاقاً من ذلك، يؤكد العلماء بأن الحوسبة الكمومية تستعد في العام الجديد لإحداث ثورةٍ في القدرة الحاسوبية، وفتح آفاق جديدة للابتكار والاكتشاف.
الواقع المعزز
في عام 2024، نتوقع أن تصبح تقنية الواقع المعزز أكثر تطوراً، مع التقدم في مجالات مثل التعلم الآلي، ورؤية الكمبيوتر، ومعالجة اللغات الطبيعية. وهذا سيمكّن الواقع المعزز من التعرف على البيئة المحيطة بنا والاستجابة لها في الوقت الفعلي، ما يفتح إمكانيات جديدة للتعليم والترفيه والتجارة.
أحد التطبيقات الواعدة للواقع المعزز في عام 2024 يمكن أن تكون في مجال التعليم. من خلال تزويد الطلاب بتجارب تعليمية تفاعلية وغامرة، يتمتع الواقع المعزز بالقدرة على إحداث ثورةٍ في طريقة التدريس والتعلم. ومن الرحلات الميدانية الافتراضية إلى الكتب المدرسية التفاعلية، يمكن للواقع المعزز أن يبعث الحياة في التعلم بطرقٍ كانت مستحيلة في السابق.
أما في عالم التجارة، يتمتع الواقع المعزز بالقدرة على تغيير الطريقة التي نتسوق بها ونتخذ قرارات الشراء. من خلال معلومات المنتج والمراجعات والتقييمات على المنتجات المادية، يمكن للواقع المعزز أن يوفر للمستهلكين تجربة تسوق أكثر جاذبية وغنية بالمعلومات، ما يؤدي إلى زيادة المبيعات وكسب رضا العملاء.
إنترنت السلوك: ربط البيانات والسلوك البشري
إنترنت السلوك (IoB) هو عبارة عن تقنية جديدة ناشئة تجمع بين قوة تحليلات البيانات وفهمنا للسلوك البشري. باستخدام البيانات من أجهزة الاستشعار والأجهزة القابلة للارتداء والمصادر الأخرى، يتمتع إنترنت السلوك بالقدرة على تزويدنا برؤى جديدة حول سلوكنا وتفضيلاتنا وعمليات صنع القرار.
في عام 2024، من المتوقع أن يصبح إنترنت السلوك أكثر انتشاراً، مع التقدم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتحليلات التنبؤية. وهذا سيمكّن إنترنت السلوك من تزويدنا بتجارب أكثر تخصيصاً واستهدافاً، بدءاً من الرعاية الصحية والتعليم وصولاً حتى التسويق والإعلان.
مجال الرعاية الصحية يُعدّ مسرحاً واعداً ستظهر فيه أهمية إنترنت السلوك. من خلال تتبع سلوكنا ومراقبة مقاييسنا الصحية، يمكن لانترنت السلوك مساعدة المتخصصين في الرعاية الصحية على تقديم خطط علاج أكثر دقة، ما يؤدي إلى نتائجٍ أفضل للمرضى. أما في عالم التسويق والإعلان، فيمكن لإنترنت السلوك من خلال تحليل سلوك المستهلك وتفضيلاته، مساعدة الشركات على إنشاء حملاتٍ تسويقية أكثر فعالية وتحسين مشاركة العملاء.
المركبات ذاتية القيادة: مستقبل النقل
تُعدّ المركبات ذاتية القيادة واحدة من أكثر التقنيات الناشئة إثارة، والتي تهدف إلى تغيير الطريقة التي نفكر بها في وسائل النقل. ومن خلال القضاء على الحاجة إلى السائقين البشريين، تتمتع هذه المركبات بالقدرة على تحسين السلامة، وتقليل الازدحام المروري، وزيادة القدرة على التنقل لملايين الأشخاص حول العالم.
في عام 2024، نتوقع أن نرى المركبات ذاتية القيادة أكثر تطوراً، مع إدخال تحسينات في مجالات مثل تكنولوجيا الاستشعار والتعلم الآلي والاتصال. وهذا سيمكّن المركبات ذاتية القيادة من التنقل في البيئات المعقدة والتفاعل مع المركبات والبنية التحتية الأخرى في الوقت الفعلي، ما يمهد الطريق لمستقبل لم تعد فيه القيادة هي القاعدة.
مجال خدمات التنقل سيكون المستفيد الأول من هذه المركبات. ومن خلال توفير وسائل نقل آمنة وفعالة من حيث التكلفة حسب الطلب، يمكن للمركبات ذاتية القيادة أن تساعد في تحسين إمكانية الوصول والتنقل للأشخاص الذين يعانون حالياً من نقص الخدمات بواسطة أنظمة النقل التقليدية. وإضافةً إلى خدمات التنقل، تتمتع المركبات ذاتية القيادة بالقدرة على إحداث تحول في صناعات الخدمات اللوجستية والتوصيل. ومن خلال أتمتة نقل البضائع والطرود، يمكن للمركبات ذاتية القيادة تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة وتحسين تجربة العملاء.
المدن الذكية
المدن الذكية هي اتجاه تكنولوجي ناشئ يهدف إلى خلق بيئاتٍ حضرية مستدامة من خلال استخدام البيانات والتكنولوجيا. بواسطة دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البنية التحتية للمدينة، يمكن للمدن الذكية تحسين كفاءة استخدام الطاقة، والحد من الازدحام المروري، وتحسين نوعية الحياة للسكان.
في عام 2024، نتوقع أن تصبح المدن الذكية أكثر انتشاراً، مع التقدم في مجالات مثل إنترنت الأشياء (IoT)، وشبكات الجيل الخامس (5G)، والذكاء الاصطناعي. وهذا سيمكّن المدن الذكية من أن تصبح أكثر اتصالاً وكفاءة واستجابة لاحتياجات سكانها.
أحد التطبيقات الواعدة للمدن الذكية تتجسد بمجال إدارة الطاقة. بحيث يمكن للمدن الذكية باستخدام تحليلات البيانات والعدادات الذكية، مراقبة استخدام الطاقة وتحسين استهلاكها، وخفض التكاليف والأثر البيئي. وإضافةً إلى إدارة الطاقة، يمكن للمدن الذكية تحسين أنظمة النقل من خلال توفير معلومات حركة المرور في الوقت الفعلي، وتحسين طرق النقل العام. كما يمكن أن يساعد ذلك في تقليل الازدحام المروري وتحسين جودة الهواء وتعزيز حركة السكان.
شبكات الجيل الخامس
تُعتبر شبكات الجيل الخامس 5G أحدث جيل من التقنيات اللاسلكية، حيث توفر سرعات أعلى وزمن وصول أقل واتصالاً أكثر موثوقية من أي وقتٍ مضى. وبفضل القدرة على التعامل مع كميات هائلة من البيانات بسرعات فائقة، تتمتع شبكات 5G بالقدرة على إحداث ثورةٍ في الطريقة التي نستخدم بها التكنولوجيا.
في عام 2024، نتوقع أن تصبح شبكات الجيل الخامس أكثر انتشاراً، مع التقدم في مجالات مثل الحوسبة الطرفية، وإنترنت الأشياء (IoT)، والواقع الافتراضي والمعزز. وسيمكّن ذلك هذه الشبكات من أن تصبح أكثر ذكاءً وقدرة، ما يوفر خدمات أسرع وأكثر استجابةً للمستخدمين.
يمكن لشبكات الجيل الخامس أن تحول صناعات مثل الرعاية الصحية والنقل والتعليم. ومن خلال الاتصال الأسرع والأكثر موثوقية، يمكن لهذه الشبكات تمكين إجراء العمليات الجراحية عن بعد، والتعلم عن بعد، وتجربة بيئات الواقع الافتراضي والمعزز الغامرة والتفاعلية بسهولةٍ تامة.
التكنولوجيا الحيوية
التكنولوجيا الحيوية هي مجال ناشئ يجمع بين البيولوجيا والتكنولوجيا لإنشاء منتجاتٍ وعملياتٍ جديدة تعمل على تحسين حياتنا. من الرعاية الصحية إلى الزراعة، تتمتع التكنولوجيا الحيوية بالقدرة على إحداث ثورةٍ في الصناعات وحل بعض أكبر التحديات في العالم.
في عام 2024، نتوقع أن نرى التكنولوجيا الحيوية أكثر تقدماً، مع التقدم في مجالات مثل تحرير الجينات، والبيولوجيا التركيبية، والطب الشخصي. وهذا من شأنه أن يمكّن التكنولوجيا الحيوية من توفير علاجات أكثر استهدافاً وفعالية لمجموعة من الأمراض والحالات.
يمكن للتكنولوجيا الحيوية أن تضيف تحولاً نوعياً على الزراعة والطاقة من خلال تطوير محاصيل وأنواع وقود جديدة أكثر كفاءة واستدامة. ومن خلال تطوير علاجاتٍ جديدة تستهدف جيناتٍ معينة أو عمليات خلوية معينة، يمكن للتكنولوجيا الحيوية أن تساعد في تحسين النتائج للمرضى الذين يعانون من مجموعة واسعة من الأمراض والحالات.
التفاعل بين الإنسان والآلة
يُعدّ التفاعل بين الإنسان والآلة مجالاً ناشئاً يهدف إلى إنشاء طرقٍ أكثر سهولة وطبيعية للبشر للتفاعل مع التكنولوجيا. من خلال الجمع بين التقدم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والروبوتات، يتمتع هذا التفاعل بالقدرة على تغيير الطريقة التي نستخدم بها التكنولوجيا وتحسين حياتنا اليومية.
في عام 2024، نتوقع أن نرى المزيد من هذا التفاعل، مع التقدم في مجالات مثل معالجة اللغة الطبيعية، والتعرف على الإيماءات، وواجهات الدماغ والحاسوب. وهذا سيجعل من هذا التفاعل أكثر طبيعية وسلاسة، ما يوفر تجارب أكثر سهولة للمستخدمين.
يمكن لهذا التفاعل إطلاق ثورة في مجالاتٍ عدة كالتصنيع والخدمات اللوجستية من خلال توفير آلات أكثر كفاءة واستجابة للعمال. كما يمكن أن يكون مفيداً في مجال الرعاية الصحية، عبر مساهمته في تحسين نتائج المرضى وتقليل تكاليف الرعاية الصحية.
تعليقات: