تطيير الـ«كابيتال كونترول»... انتصار جديد للمصارف


للمرة الرابعة أمس، أُسقط قانون وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (كابيتال كونترول) في الهيئة العامة ليُعاد هذه المرة الى الحكومة، رغم إقراره منذ شباط الماضي في اللجان النيابية المشتركة. تطيير القانون جرى وفق المسرحية نفسها التي تعتمد على تبادل الأدوار بين بري وكتلته النيابية ونائبه الياس بوصعب ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فيما بدا نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي غير متمسك به. إذ بدأ الشامي حديثه بالإشارة الى ضرورة إدخال تعديل على اللجنة التي ينص عليها القانون للإشراف على عدد من المهام، من بينها سقف السحوبات، مقترحاً تأليف اللجنة من مصرف لبنان ووزارة المال فقط والاستعانة بخبراء عند الضرورة. فيما قدّم النائب علي فياض طرحاً وسطياً يقوم على تمثيل الحكومة بثلاثة أعضاء، مقابل عضوين للهيئات الأخرى، أي غير الرسميين. غير أن بوصعب أنهى الحديث باعتبار أن القانون لا يخرج لبنان من الأزمة ويجب إقراره كسلّة واحدة مع القوانين الأخرى، ليلعب بري دوره الدائم بالإصرار على إقراره ولو وحيداً. وهذا ما استدعى تدخلاً من النائب الاشتراكي مروان حمادة، مؤيداً بوصعب حول سلّة القوانين، ومشيراً الى أن صندوق النقد غير راضٍ على هذه الصيغة. فردّ بري مجدداً بأن الاقتراح سلك طريقه الى الهيئة 4 مرات، ويجب إقراره حتى لو عارض صندوق النقد لأن ربط القوانين بعضها ببعض سيأخذ نحو 5 سنوات أخرى. من جهته، عارض النائب جميل السيد منح اللجنة صلاحيات استثنائية في ظل عدم القدرة على محاسبتها، مطالباً بوضع آلية لتقديم شكوى ضد اللجنة في حال قيامها بمخالفات. وهنا تحمّس النائب قبلان قبلان، وقال بصوت مرتفع إن رفض صندوق النقد له «يجب أن يشكل محفزاً لإقراره لأن الصندوق لا تهمّه مصلحتنا»، وهو ما أيّده النائب فياض الذي قدّم مطالعة شرح فيها أن القانون فقد الكثير من قيمته عبر السنوات، «ولكنه لا يزال حاجة لإيقاف استنسابية المصارف في التحويلات». وأشار الى أن اللجنة «لم تعد ذات شأن، وخصوصاً في ظل إضافة فقرة في المادة الأولى لضمان عدم المساس بأصول الودائع، وجرت حماية حق المودع بمقاضاة المصارف في المادة الأخيرة حيث عُلّق تنفيذ الأحكام لمدة سنة واحدة من دون انتزاع حق المودع بمقاضاة المصارف. أما ربط التشريعات بصندوق النقد فتخبزوا بالأفراح».

ميقاتي: الـ«كابيتال كونترول» لا يقدم أو يؤخّر في الإصلاح المالي والأفضل أن يكون ضمن حلّ متكامل

ولدى سؤال بري الحكومة عن موقفها، أجاب الشامي بأن ثمة رأيين حول الموضوع، ولكن «لا ارتباط وثيقاً بين الكابيتال كونترول والقوانين الأخرى، وعدم موافقة الصندوق عليه لا يعني عدم سيرنا فيه لأن ربط القوانين بعضها ببعض سيستغرق سنوات». على الأثر، تدخّل بوصعب مجدداً ليطالب بالسلة المتكاملة، فأيّده ميقاتي الذي قال إن «الكابيتال كونترول لا يقدم أو يؤخّر في الإصلاح المالي، والأفضل أن يكون ضمن حلّ متكامل». وطلب من المجلس أن «يستأخر القانون حتى لا تقرّ القوانين بالمفرق». وهنا اكتملت المسرحية، فطلب بري من ميقاتي أن يحدّد وقتاً لإرسال المشروع الى المجلس، واقترح علي حسن خليل سريعاً أن تكون المدة ثلاثة أشهر، فأجابه بري: «شهران بيكفوا». وبعد ممانعة من رئيس الحكومة، عاد إلى القول: «خلص خلص ما منعترض على دولة الرئيس». وهكذا، انتصرت المصارف مرة أخرى فيما قدّمت الحكومة والمجلس النيابي الأمر على أنه انتصار للمودعين!


تعليقات: