بدلات الإنتاجية لأساتذة الجامعة بات رهن استنسابية المدير والعميد وأمانات السرّ (ريشار سمّور)
ينهي أساتذة الجامعة اللبنانية سنة 2023 باعتراضات بدأت تتصاعد حول بدلات الإنتاجية. صحيح أن هذا العام أفضل من سابقاته لأساتذة الملاك على المستوى المادي، إلا أن مساوئ بدلات الإنتاجية وصلت إلى مداها مع نهاية العام الحالي. وكشفت أن الجامعة باتت مكاناً للتوقيع على جداول الحضور، لا صرحاً أكاديمياً كما كانت في السابق. ورغم أن الأساتذة المتعاقدين في الجامعة ينظرون إلى أساتذة الملاك بعين الحسد على تلقي بدلات الإنتاجية المحرومين هم منها، إلا أن أساتذة الملاك غير راضين على ربط بدلات الإنتاجية بالحضور اليومي إلى الدوام. وعلى حد وصف أساتذة في الملاك، من مختلف الكليات والفروع، فإن قرار منحهم بدلات إنتاجية وربطها بالحضور اليومي، حول الأساتذة إلى مياومين، ومهرولين للحصول على حفنة دولارات. وتنال من سمعة الأستاذ الجامعي جراء الفوضى الحاصلة في كل الجامعة.
الاستنسابية والمحسوبيات
ويشرح أساتذة أن بدلات الإنتاجية باتت رهن استنسابية المدير والعميد وأمانات السرّ، لا الإنتاجية الفعلية التي يؤديها الأستاذ. وهي كرست أيضاً محسوبيات طالما أن المدير يراعي الأساتذة المحسوبين عليه سياسياً، ويتشدد مع الأساتذة الآخرين. فيسمح المدير لأساتذة بالحضور ليوم واحد في الأسبوع وتنفيذ كل ساعاتهم والسماح لهم بالتوقيع عن كل أيام الأسبوع مرة واحدة (بغية الحصول على بدل الإنتاجية كاملاً) ويمنع الأمر عن أساتذة آخرين. بل يلزمهم بالحضور الكامل وتوقيع يومياً حتى لو أن ساعاتهم الأسبوعية لتعليم الطلاب محصورة بيوم أو يومين. ويصل الأمر حد السماح لأساتذة بجمع كل الطلاب من مختلف الاختصاصات (مثل كليات الآداب) في قاعة واحدة وتنفيذ حصصه دفعة واحدة. وهذا أدى إلى حصول إشكاليات بين الأساتذة والمدراء وأمانة السر.
ويشرح أساتذة أن بدلات الإنتاجية أعادت وفتحت ملف الأساتذة الذين هاجروا بعد اندلاع الأزمة، وكانوا يعلمون الطلاب من بعد عقب تفشي كورونا. فرسمياً هناك نحو 124 أستاذاً في الخارج لديهم مهلة سماح حتى منتصف الشهر المقبل للالتحاق بالجامعة، بعد إنهاء عقودهم في الخارج. ويفترض أن جميع أسمائهم مسجلة بغية عدم دفع بدلات إنتاجية وبدلات نقل لهم. لكن لا يخلو الأمر من المحسوبيات كما يؤكد أساتذة. ففي كل كلية تقريباً يشير أساتذة إلى أسماء زملاء لهم مسافرين حصلوا على بدلات إنتاجية لأنهم محظيون في أمانة السر وعند المدير، ويقوم زملاء لهم بالتوقيع على جدول الحضور نيابة عنهم. وهذه حال العديد من الأساتذة في لبنان أيضاً ممن يوقعون على الدوامات نيابة عن بعضهم البعض.
التحايل على جداول الحضور
صحيح أن غالبية الأساتذة رأوا أن قرار تقاضيهم 650 دولاراً بالشهر، كبدلات إنتاجية، إجراء أفضل من السنوات السابقة. إلا أن أصوات الأساتذة بدأت ترتفع حول الإذلال الذي يتعرضون له للحصول على بدلات الإنتاجية. ومن المنطقي أن يحاول كل أستاذ "تدبير أمره"، ليس حباً بالتحايل أو التلاعب على قرار بدلات الإنتاجية. بل إن قرار ربط بدلات الإنتاجية بالحضور يومياً، ومن دون أي حاجة لهم غير التوقيع على جدول الدوام، دفعهم إلى القيام بهذا الأمر مجبرين.
ويسأل أساتذة ما الفائدة من مجيء أستاذ من صيدا إلى بيروت، والعكس صحيح يومياً للتوقيع على جدول الحضور، فيما جدول ساعاته المطلوبة موزعة على يوم أو يومين؟ ولماذا يستنسب المدير ويقبل حضور زملاء لهم ليوم واحد والتوقيع عن كل أيام الأسبوع، ويجبر الآخرين على الحضور يومياً؟
يكاد لا يمر يوم من دون وصول شكاوى حول هذه الاستنسابية في دفع بدلات الإنتاجية إلى الإدارة المركزية في الجامعة. وهذا أمر طبيعي طالما أن الأمر متروك للمدير، ولمدى تشدده أو تساهله مع زملائه الأساتذة. وأحد الأمثلة، التي سبق وعرضتها "المدن" عن موظفة في الجامعة اليسوعية تحضر لوضع بصمة الدخول في عمادة كلية التربية، أدى إلى تجميد رئاسة الجامعة ملف بدلات الإنتاجية لجميع الأساتذة والموظفين في العمادة للتدقيق. خصوصاً أن الأمر لم يقتصر على الموظفة، بل حصلت إشكاليات بين أساتذة والإدارة حول الاستنسابية في كيفية إعداد جداول الحضور.
انترنت آمن في عمادة التربية
وبعيداً من بدلات الإنتاجية، عقب نقل مدربين "مشاكسين" من العمادة تأديباً، بسبب اعتراضهم على التجاوزات، طرأت أعطال على شبكة الانترنت في العمادة، ما استدعى التعاقد مع شركة خاصة حولت الانترنت في العمادة إلى ما يشبه انترنت المقاهي. إذ بات الموظف والأستاذ بحاجة إلى رمز سري في كل مرة يخرج فيها عن الشبكة أو في كل مرة ينقطع التيار الكهربائي.
وتشرح المصادر أنه في السابق كان المدربون المتخصصون بالمعلوماتية ينظمون أمور العمادة. لكن بعد نقل بعضهم تأديباً استعانت العمادة بشركة خاصة، دفعت لها خلال شهر ونصف الشهر 70 مليون ليرة لإعادة تشغيل الانترنت. فيما في السابق كان المدربون يصلحون الأعطال بلا مقابل.
وتضيف المصادر، أنه عندما يمتعض الموظفون والأساتذة من شبكة الانترنت والحاجة إلى إعادة طلب رمز سري جديد لدى كل خروج أو دخول إلى الشبكة، يقال لهم إن هذا الإجراء يجعلها أكثر أماناً. لكن علامات الاستفهام التي تطرح هي: ما الحاجة لأمان الشبكة طالما أن الشركة الخاصة لديها دخول على كل البيانات وتستطيع الحصول عليها بكبسة زر ومن دون حسيب أو رقيب.
تعليقات: