قلة السعات الدولية تخنق مستخدمي الانترنت
منذ سنتين وعشرة أشهر، وقعت وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو مذكرة تفاهم مع عدد من شركات نقل المعلومات وتوزيع الانترنت في لبنان، مذكرة تفاهم تقضي بإشراك القطاع الخاص في تقديم خدمات الانترنت السريع عبر تقنيات الـ»دي.إس.إل« في السوق المحلية. ولم تنطلق المرحلة الأولى من المشروع إلا في ١٥ أيار ،٢٠٠٧ بعد تجهيز ٣٢ سنترالاً توفّر رقعة تواجدها الجغرافي الخدمات لـ٥٣ في المئة من مجمل مشتركي الهاتف الثابت. وهي تتمركز في جميع سنترالات بيروت الإدارية، بالإضافة إلى سنترالات صيدا والنبطية في الجنوب، طرابلس والميناء والبحصاص في الشمال، زحلة في البقاع، والمناطق التالية في جبل لبنان: جونية، ذوق مكايل، الشويفات، الشياح، الحازمية، فرن الشباك، مطار بيروت، الجديدة، انطلياس، المتن الأوسط، جل الديب ـ بصاليم، المنصورية، برمانا، الضبية وبيت مري.
وفي حينها، اشتكى العديد من الشركات من بدء »أوجيرو« بتقديم الخدمات قبل تجهيزها السنترالات بمعدات القطاع الخاص اللازمة لتواكب الهيئة بالوتيرة ذاتها. هذا الواقع أدى إلى امتلاك »أوجيرو« حوالى ٨٠ في المئة من حصة السوق خلال الأشهر الأولى للمشروع.
اليوم، يصل عدد المشتركين بخدمات الـ»دي.إس.إل« إلى ٥٨ ألف مشترك تقريباً، ما يعني أن نسبة الاختراق تصل إلى ٨ في المئة لمجمل مشتركي الهاتف الثابت (٧٦٠ الف مشترك) و١٧,٦ في المئة من مشتركي الانترنت (٣٣٠ ألف مشترك).
واستناداً إلى دراسات تمتلكها »أوجيرو« يساهم كل مشترك في خدمات الـ»دي.إس.إل« وسطياً (من استثمارات حتى البنى التحتية من الاستهلاك النهائي) بحدود ٢١٥ دولاراً شهرياً في حركة الاقتصاد المحلي، أي أن سلة المشتركين الحاليين في هذه الخدمات أنتجت حركة اقتصادية عامة في الأسواق اللبنانية تقارب الـ١٢,٤٧ مليون دولار شهرياً.
في المقابل، تصل الكلفة الإجمالية للإنفاق الذي قامت به »أوجيرو« في إنشاء وتجهيز البنى التحتية العائدة للمشروع إلى ٢٥,٤ مليون دولار.
أما بالنسبة لحصة السوق بين القطاع الخاص والعام، فهي غير واضحة، لكنها تقارب الـ٦٠ في المئة لـ»أوجيرو« و٤٠ في المئة للشركات الخاصة اليوم. وأحد أسباب تقارب النسب يعود إلى المنافسة الشديدة التي حصلت في الأشهر الثمانية الأخيرة بين شركات القطاع الخاص، والتي أدت إلى تراجع الأسعار من ٣٥ إلى ٢٨ ألف ليرة لسرعات ٣٢ كيلوبيت (Upload) و١٢٨ كيلوبيت (download)، وزيادة حجم المعلومات التي يمكن تحميلها شهرياً عبر شبكة الانترنت من ٢ إلى ٤ جيغابايت (٢ Up و٢ Down)، بالإضافة إلى تحميل معلومات مفتوح بين الحادية عشرة ليلاً والسابعة صباحاً وسرعة تحميل وإرسال مضاعفة بين الثامنة مساء والثامنة صباحاً.
قبل أسبوع، أعلن وزير الاتصالات جبران باسيل عن إطلاق المرحلة الثانية من المشروع بهدف توفير خدمات الانترنت السريع السلكي لحوالى ٨٠ في المئة من مشتركي الهاتف الثابت قبل نهاية العام الجاري، بحيث ستتوفر في ١٣ سنترالاً إضافياً في تشرين الأول الحالي، جميعها في جبل لبنان. كما أنها ستتوفر في ٢٧ سنترالاً آخر في كانون الأول المقبل واقعة في البقاع والجنوب والشمال وجبل لبنان.
مشاكل السعات
مع تقارب حصص السوق بين القطاعين العام والخاص، تبقى المشكلة الأساسية في قطاع الانترنت عموماً في لبنان، وقطاع الـ»دي.إس.إل« تحديداً، قلة السعات الدولية (Bandwidth) المتوفرة. وقد اشترت الوزارة سعات إضافية مؤخراً بقيمة مليوني دولار (أكثر من ٥٢٠ ميغابيت بالثانية) من أجل إطلاق المرحلة الثانية من نشر الـ»دي.إس.إل« في كافة المناطق اللبنانية.
وتؤكد أوساط رسمية مطلعة على القطاع أنه ينبغي توزيع هذه السعات حصراً على القطاع الخاص، كون »أوجيرو« تمتلك حصة كافية للمرحلة الثانية من المشروع، علماً أن السعات التي اشترتها الوزارة تكفي حياً صغيراً في لندن أو باريس!
تجدر الإشارة إلى أن معظم مشتركي خدمات الانترنت السريع لا يحصلون ليلاً على السرعات المذكورة في الاشتراك، بسبب ضغوط الاستخدام التي تضطر الشركات إلى توزيع السعة المذكورة على ٦٠ و٧٠ مشتركاً يومياً بدلاً من ٢٠ في الأوضاع الطبيعية.
ويقول مدير عام شركة »كابل وان« لنقل المعلومات و»تيرانت« لتوزيع الانترنت خلدون فرحات بأن »قلة السعات تكاد تخنقنا في الليل وتخنق الزبائن الذين يتزايدون مع الوقت من دون سعات إضافية لتأمين حاجات النمو هذا«. كما يتحدث عن امتلاء وصلات التحويل لعدد من الشركات في ٨ سنترالات، من دون أن تقوم »أوجيرو« بزيادة عددها، مما يمنع الشركات من قبول طلبات الاشتراك من الزبائن في سنترالات تلك المناطق (بينها الحمراء على سبيل المثال).
ويشير إلى الوعود المتكررة من قبل الوزارة وهيئة »أوجيرو« منذ أكثر من سبعة أشهر لجهة تأمين السعات، لكنه متفائل بتأمين ٦٠ ميغابيت بالثانية للشركات الكبرى خلال الأسبوعين المقبلين، حسب معلوماته من الوزارة.
من جهته، يؤكد مدير عام شركة »سيبيريا« لتوزيع الانترنت بسام جابر عن جهوزية القطاع الخاص للمرحلة الثانية من الـ»دي.إس.إل« بانتظار أن توفر »وجيرو« السعات الإضافية اللازمة للشركات، وأن تعلم البدء في تقديم الخدمات في المناطق المذكورة.
يستخدم جابر توصيف فرحات ذاته لوضع القطاع حالياً بقوله »البلد مخنوق بسبب قلة السعات وهناك مشتركون يستغلون عرض الكميات المفتوحة ليلاً لتحميل قدراً هائلاً من المعلومات، مما يجعل الخدمات تتدهور في الأوقات هذه«.
أما مدير عام »سوديتيل« لنقل المعلومات وتوزيع الانترنت باتريك فرجيان فيؤكد أن شركته لا تواجه مشاكل نوعية بسبب قلة السعات وإن كانت قد طلبت كميات إضافية من الوزارة منذ أشهر. ويقول إن شركته اختارت منذ البداية شعار نوعية الخدمات، بدلاً من زيادة الربحية وأعداد المشتركين على حساب النوعية، لافتاً إلى ان »سوديتيل« هي الوحيدة التي تقدم عرضاً بكميات معلومات مفتوحة ليلاً ونهاراً للأفراد (سرعات ١٢٨ و٢٥٦ كيلوبيت مقابل).
مع ذلك، يعتبر أن المنافسة أدت إلى انخفاض الأسعار أكثر مما يلزم، وبالتالي لا يتوقع تغيرها في المستقبل القريب.
تعليقات: