شبكة ضخمة لاغتصاب القُصّر والقاصرات كان يديرها المموّل جيفري إبستين وصديقته غيسلين ماكسويل
رفعت محكمة اتحاديّة في مانهاتن أمس السريّة عن وثائق، كشفت عن أسماء عشرات الشخصيات من أعلى المراتب السياسيّة في المجتمع الأميركي، تورّطت في شبكة ضخمة لاغتصاب القُصّر والقاصرات كان يديرها المموّل جيفري إبستين وصديقته غيسلين ماكسويل، بمن في ذلك الرئيسان السابقان بيل كلينتون ودونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك. ورغم أنّ تهماً لن توجه إلى هؤلاء الأشخاص الذين تمّت تسميتهم ولن تتم محاكمتهم، إلا أن القائمة التي ضمّت حوالي 200 اسم وستلحق بها قوائم تالية، تكشف حجم سيطرة الموساد على نخبة الإمبراطوريّة وقدرته على توجيه قرارها. وفق شهادة عميل إسرائيلي، كان إبستين وماكسويل يستخدمان قاصرات لتوريط السياسيين جنسياً ومن ثمّ ابتزازهم لمصلحة الكيان العبري
تكشّفت حلقة جديدة من الفضيحة المدوّية لشبكة المموّل (اليهودي) الأميركي جيفري إبستين وصديقته (اليهودية) غيسلين ماكسويل، بعدما رفعت محكمة في ولاية فرجينيا السريّة عن وثائق التقاضي للقضيّة التي تتعلق بشبكة دعارة تغلغلت في أعلى مستويات نخبة الإمبراطورية الأميركيّة وتوظّف بشكل خاص فتيات قاصرات. تضمّنت الحزمة الأولى من الوثائق والشهادات للقضية التي رُفعت في عام 2017، أسماء حوالي مئتي شخص تورّط بعضهم في علاقات مع الثنائي، وإن كان بعضهم يدّعي بأنه لم يكن على بيّنة بطبيعة الأنشطة المشبوهة التي أداراها. ويمكن أن يكون بعضهم أقارب أو أطباء لضحايا الشبكة، وسوف تُنشر بقيّة الوثائق تباعاً.
وكان إبستين قد عُثر عليه مقتولاً في السجن قبل أربع سنوات بينما ينتظر محاكمته على اتهامات تتضمن الإتجار بالقاصرات. وادّعت السلطات الأميركية وقتها بأن الرجل انتحر، وهو أمر لا يمكن التيقّن منه، ولا يزال موضع شكوك كثيرة. ولم توفر الوثائق المنشورة حتى أسماء الرئيسيْن الأميركييْن السابقيْن بيل كلينتون، ودونالد ترامب ونائب الرئيس السابق آل غور. ومع أن علاقة كلينتون الوثيقة بإبستين طوال سنين لم تكن سراً، ودُعيت ماكسويل رسمياً لحضور رفاف ابنته، إلا أن إحدى الشاهدات أفادت بأنها علمت من إبستين أن الرئيس «يفضّلهن صغيرات» في ما يتعلق بخدمات جنسية يعتقد أنّه كان يوفّرها له. على أن الشهود لم يتمكنوا من تذكّر مشاهدتهم للرئيس دونالد ترامب في أيّ من مقار إقامة إبستين.
وأظهرت الوثائق تفاصيل جديدة حول تورّط شقيق العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث، الأمير أندرو، في خدمات الشبكة، ولا سيما مع الفتاة فرجينيا جيوفري (كانت قاصراً لم تتجاوز الـ 17 عاماً) أثناء رحلات كان يقوم بها إلى مدينة نيويورك. وزعمت جيوفري أيضاً أنه تم توجيهها لممارسة الجنس مع صديق إبستين والملياردير ومدير «صندوق التحوّط» آنذاك، جلين دوبين، وكذلك توم بريتزكر هو رجل أعمال ملياردير، يشغل منصب الرئيس التنفيذي لفنادق «حياة» ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمنظمة «بريتزكر»، وهو أيضاً عضو في «معهد آسبن» المرموق. وظهر في الوثائق أيضاً اسم الساحر الشهير ديفيد كوبرفيلد الذي لم يكشف بعد عن تورّطه شخصياً في علاقات جنسية مع قاصرات عبر شبكة إبستين، إلا أنّه يُستشف من الشهود أنه كان صديقاً مقرّباً له، ولديه بعض المعرفة على الأقل بما كان يحدث، بما في ذلك علمه أن الشبكة تدفع للفتيات القاصرات كي يجنّدن فتيات أخريات.
تورّط المحامي الصهيوني آلان ديرشوفيتز الذي كلّفته الحكومة الإسرائيليّة أخيراً بالترافع عنها ضد دعوى جنوب أفريقيا
وبحسب الوثائق، فإن علماء وأساتذة جامعات تورّطوا في علاقات مع فتيات من شبكة إبستين، ومنهم رائد الذكاء الاصطناعي مارفن مينسكي. وإلى جانب النخب السياسية والاقتصادية والعلميّة الفاسدة، فإن أسماء شهيرة من أجواء هوليوود وردت في الوثائق، ومن بينها اسم «ملك البوب» الراحل مايكل جاكسون الذي استضافه إبستين في قصره الفاره في بالم بيتش مرّة واحدة على الأقل، وكذلك الممثل كيفين سبيسي. ومن المؤكد أن دفتر عناوين إبستين كان يحتوي على أرقام الهواتف الشخصيّة لألمع النجوم الأميركيين أمثال ليوناردو دي كابريو وكيت بلانشيت. وإذا كان فسوق وتهتك النخب البرجوازية في المجتمعات الرأسماليّة المتأخرة أمراً قد لا يثير الاستغراب، فإن دور شبكة إبستين يذهب بالفضيحة إلى مستوى آخر تماماً بعدما كشف ضابط سابق في الموساد عن أن إبستين وصديقته ماكسويل كانا جاسوسيْن عملا لمصلحة جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، واستخدما فتيات قاصرات لتقديم خدمات جنسية للسياسيين وكبار الشخصيات عبر العالم، يتم تصويرها وتوثيقها بحيث يمكن استخدامها لاحقاً في الابتزاز للحصول على معلومات حساسة إلى إسرائيل، أو اتخاذ قرارات لمصلحتها.
وكانت شهادة العميل السابق آري بن ميناشي في كتاب «إبستين: الموتى لا يروون الحكايات» (2022) لديلان هوارد وميليسا كورنين قد تضمّنت إشارة إلى تجنيد إبستين وماكسويل من خلال معرفة بن ميناشي بوالد غيسلين، روبرت ماكسويل، الثري الفاسد. وذكر العميل السابق أن الثنائي إبستين وماكسويل كانا يستدرجان القاصرات في عمر الـ 14 عاماً أحياناً لممارسة الجنس مع كبار السياسيين، ومن ثم تصويرهم لأغراض الابتزاز السياسيّ مستقبلاً. ووفق الكتاب، فإنّ روبرت ماكسويل كان بمثابة قواد استخبارات وعميل لثلاثة أجهزة استخبارات في آن.
وقد عمل بن ميناشي الإسرائيلي من أصول إيرانية مع الموساد في عامي 1977 و1987، وكان قد اعتُقل في الولايات المتحدة عام 1989 بتهم تتعلق بالإتجار بالأسلحة، قبل أن يُطلق سراحه في العام التالي بعدما قبلت هيئة المحلّفين أنّه كان يتصرّف نيابة عن الدولة العبريّة، وهو ما أكدته مصادر متقاطعة عدة رغم النفي الإسرائيلي الرسمي لذلك.
وتشمل الوثائق الجديدة إشارات إلى تورط رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك في أعمال الشبكة، والممثل والمحامي الصهيوني آلان ديرشوفيتز الذي كلّفته الحكومة الإسرائيليّة أخيراً بالترافع عن الكيان العبري ضد دعوى جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل الدوليّة بشأن جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزّة.
تعليقات: