من كان يصدق أن مجاهدي غزة، التي تتعرض لأطول وأعنف عملية إبادة واجتثاث شهدها العالم المعاصر ، منذ ما يزيد على قرن من الزمان ، سيقوموا بحفر نفق الخلاص ، الذي يمثل المعجزة الحضارية الثامنة لبني البشر ، هذا الإنجاز الذي حققوه دفاعاً عن أنفسهم وعن أمتهم وعن أحرار العالم ، كما سيؤسسون من خلال هذه الأنفاق ، ومن خلال ما أوحوه للعالم بصبرهم وبصيرتهم ، عن ضرورة تغيير هذا النظام العالمي العفن ، الذي يفتخر الغرب بأنه بناه مدماكاً مدماكاً منذ مؤتمر ويستفاليا الذي عقدته عصابات الغرب التافه ، (على حد تعبير الشهيد الشيخ احمد ياسين) عام 1648 ، بعد أن تجرعوا الويلات بسبب توحشهم وإجرامهم ، الأمر الذي هدد وجودهم بالفناء ،
وعلى العالم اليوم أن يتحضر لعقد مؤتمر غزة فاليا بعد وقف إطلاق النار في غزة ، بناء على ما أنتجه مجاهدو غزة ، وقادتهم العباقرة المبدعون ، الذين علَّموا العالم الساعي الى عولمة النموذج الأميركي أو الحلم الأميركي ، أن علاقة الإنسان بالأرض والتراب ، وأن المعنى الحقيقي للأوطان لا يدركه ويعرف معناه إلا الإنسان الحقيقي ، الذي يستطيع بسهولة ويسر ، أن يتجاوز مفهوم المادة المحدودة والضيقة والعمياء ، وينتقل الى فضاءات الروح والوجدان والضمير ، والإيمان البشري بالغيب والقيم والمثل العليا ، هذه المعاني التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات ، وهذه المعاني التي تُمكِّن الإنسان من الإنتصار بالحد الأدنى من الموارد ، على الحد الأقصى من الموارد المتاحة لأناس لا يعرفون معنى الإيمان ، ولا معنى الروح ، ولا معنى علاقة الإنسان بالأرض أو الوطن ، هذه الموارد الهائلة التي يتباهى الغرب التافه اليوم بامتلاكه لها ، وبحقه بالهيمنة على العالم ، كل العالم بسبب امتلاكه لها ، واليوم تتمكن غزَّة بجهدها وجهادها وبدعم محور المقاومة لها ، تتمكن من تحطيم جبروت الهيمنة الغربية ، وتحطيم أدوات هذا الجبروت.
من هنا نستطيع القول أن إبداع غزة في هذه المواجهة المصيرية من خلال معجزة الأنفاق ومن خلال معجزة تعلق أهل غزة بمقاومتهم وبأرضهم ، يوجه هذا الإبداع اليوم رسائل عابرة للجغرافيا وللتاريخ وهي رسائلٌ عظيمة المضامين والدلالات ومنها:
1-إعلان إنتصار الروح ، على المادة.
2-إعلان إنتصار المضمون ، على الشكل.
3-إعلان انتصار الحق الضعيف ، على الباطل المدجج بكل أدوات ووسائل القوة والبطش.
4-إعلان إنتصار الفقر المحق ، على الغنى الباطل.
5-إعلان انتصار التقشف المظلوم ، على الرفاه الظالم.
6-إعلان انتصار الدم على السيف.
7-إعلان انتصار الصدق على النفاق.
8-إعلان انتصار جنود الرحمان على جنود الشيطان.
9-إعلان انتصار القيم على المصالح.
10-إعلان انتصار الإيمان على الكفر.
11-إعلان انتصار الإنسانية على التوحش.
11-إعلان انتصار الحق على الباطل لأن الله هو الحق ، والباطل إله مُزوَّرٌ مدعَّى.
غزَّ ة الحبيبة ، غزَّة الجريحة ، قومي يا أمل المستضعفين ، وحرري لنا العالم من الطواغيت ، غزَّة الرائعة ، المعذبة ، كلنا بإنتظار قيامتك المجيدة ، قومي .
ع.إ.س
باحث عن الحقيقة
04/01/2024
تعليقات: