الحرب تقفل أسواق الجنوب الحدوديّة وأسواق صور يحرّكها النازحون


تتعايش أسواق الجنوب البعيدة عن الاعتداءات الإسرائيليّة المباشرة، مع التطورات الحربيّة الجارية، على جانبي الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة منذ ثلاثة أشهر ونصف الشهر، محصّنة بتواجد أبناء المنطقة، في مدنهم وقراهم وبلداتهم، حيث يرفدون هذه الأسواق ببعض الحيويّة، بمؤازرة النازحين المنتشرين، داخل وحول مدينتي صور والنبطية على وجه الخصوص.

فأسواق الجنوب، التي افتقدت واحدة من أركانها، هي مدينة بنت جبيل. وأيضًا البلدات الحدوديّة الكبيرة الأخرى، مثل ميس الجبل والخيام ومرجعيون وغيرها، بفعل الغارات الإسرائيليّة المتنقّلة، خسرت خلال هذه الفترة إنتاجيّة تترواح بين ثلاثين إلى خمسين بالمئة، وهذه النسبة تتفاوت بين مؤسّسة وأخرى .

يعيد تجّار وأصحاب مؤسّسات ومسؤولون في جمعيّات التجّار، في المدن الرئيسة الجنوبيّة، التراجع إلى أكثر من سبب، وفي المقدّمة، العمليّات الحربيّة بين حزب الله والعدوّ الإسرائيليّ، التي تقلب الأسواق بين يوم وآخر، ربطًا بقرب الأعمال العدائيّة الإسرائيليّة، ومحاذاتها الجغرافيّة، من مدينتيّ صور والنبطية تخصيصًا، ثمّ مدينة صيدا البعيدة نسبيًّا، عن الأعمال الحربيّة.


النازحون في سوق صور

تعتبر مدينة صور، إحدى أهمّ المراكز التجاريّة والاقتصاديّة والسياحيّة، وتشهد ذروة هذا الانتعاش، في أشهر الصيف والموسم البحريّ. ومنذ الأيّام الأولى للاعتداءات الاسرائيليّة، فتحت صور وجاراتها من القرى والبلدات، أبوابها للعائلات النازحة من بلدات حدوديّة، في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، حيث تخطّى عدد النازحين فيها وحولها، خمسة وعشرين ألفًا، يشكّلون نسبة عشرة بالمئة، في بعض البلدات والقرى .

لا يوجد يوم يشبه الآخر في أسواق هذه المدينة، إن على مستوى سوقها التجاريّة القديمة أو الأسواق الناشئة في أحياء الرمل والضواحي، لا سيّما في البرج الشماليّ والعبّاسيّة، فبالنسبة إلى المطاعم والمقاهي المترامية في أرجاء المدينة، ما زال يعمل الكثير منها، بمعدّل يزيد على خمسين بالمئة، بينما تخفّ حركة الروّاد في الليل، نظرًا إلى تأثّر صور بالوضع الأمنيّ الراهن .

ففي الأسواق، التي تضمّ محال الألبسة والأحذية والمجوهرات والبياضات، ثمّة تفاوت في الحركة التجاريّة، بين متجر وآخر، ومؤسّسة ومؤسّسة، فيتّفق أصحابها على الركود الحاصل في الأسواق. لكنّ الملفت أنّ هؤلاء يكادون يُجمعون، على أنّ مُحرّك تلك الأسواق بنسبة عالية، يعود إلى النازحين، ممّن خرجوا من منازلهم على وجه السرعة وتحت وابل القصف، ويحتاجون إلى الأغطية والأدوات المنزليّة الرئيسيّة والملابس وحتّى الأدوية .


في الأسواق، التي تضمّ محال الألبسة والأحذية والمجوهرات والبياضات، ثمّة تفاوت في الحركة التجاريّة، بين متجر وآخر، ومؤسّسة ومؤسّسة، فيتّفق أصحابها على الركود الحاصل في الأسواق. لكنّ الملفت أنّ هؤلاء يكادون يُجمعون، على أنّ مُحرّك تلك الأسواق بنسبة عالية، يعود إلى النازحين.



أحوال المطاعم والمتاجر

بالنسبة إلى حسين الأشقر، صاحب أحد المطاعم، عند كورنيش صور البحريّ الجنوبيّ، “فإنّ التراجع في عمل المطاعم، يُعتبر غير قليل إطلاقًا، ويتعدّى الخمسين بالمئة منذ بداية الحرب”.

ويضيف الأشقر: “إنّ النشاط تحرّك، في فترة عيديّ الميلاد ورأس السنة، بفعل حضور مغتربين لتفقّد أحوال أهاليهم، خصوصًا من مغتربي إفريقيا”. ويقول: “لقد حرمنا نتيجة الوضع القائم من زبائننا، ممّن كانوا يأتون إلى صور، من بيروت والجبل، خصوصًا في أيّام نهاية الأسبوع .”

يرصد إبراهيم صهيون، صاحب مطعم يقع عند مدخل السوق التجاريّة في صور، حركة الوافدين إلى الأسواق المتفرّعة، لحظة بلحظة، فيقرأ حال السوق اليوميّة من هذا الرصد .يقول لـ “مناطق نت”: “إنّ النشاط التجاريّ، تزامنًا مع الحرب، يُعتبر مقبولًا، لكن، أيّ “ضربة” قريبة من صور تسبّب تسميم الأجواء”. ويقدّر صهيون التراجع الحاصل، “بين ثلاثين إلى أربعين بالمئة، ولا يعود ذلك كلّه إلى الحرب، بلّ أيضًا إلى عوامل فصل الشتاء والأزمة العامّة في لبنان” .


يردّ جهاد يزبك، صاحب متاجر للألبسة في وسط السوق التجاريّة، “انكفاء النشاط في أسواق المدينة، إلى أكثر من عامل، أوّلها الاعتداءات الإسرائيليّة على المنطقة، وكذلك أحوال الطقس غير البارد، الذي يقلّص رغبة المواطنين في شراء الألبسة الشتويّة على أنواعها، كذلك مغادرة المغتربين باكرًا إلى أعمالهم وأشغالهم” .

يعكس حسين وطفى (صاحب محلّ للألبسة) واقعًا مختلفًا عن زملائه، فيؤكّد “أنّ الحرب القائمة، لم تؤثّر كثيرًا في النشاط التجاريّ في سوق صور، إنّ تأثير الحرب محدود بالنسبة إلى مصلحتنا”.

على مسافة عشرات الأمتار من وطفى، يملك علي فردون متجرًا لبيع البياضات المنزلية .يقول: “إنّ الأسواق لم تتأثر كثيرًا بما يجري على الساحة الجنوبية، مضيفًا على سبيل المثال فإن بيع بعض المستلزمات المنزليّة، قد ارتفع قليلًا، نتيجة إقدام كثير من أصحاب الأيادي البيضاء، على شراء أغطية للنازحين، عبارة عن حرامات وغيرها من الضروريّات”.

ويضيف لـ”مناطق نت”: “عادة في الأشهر التي مرّت، في التشرينين الأول والثاني وكانون الأول (أكتوبر، نوفمبر وديسمبر)، تكون فيها التجارة ضعيفة نوعًا ما، يضاف إلى ذلك أنّ منطقتنا الساحليةّ لا يطول فيها البرد والصقيع”.


الذهب بدل العملة الورقيّة

يشدّد بسّام عكنان، صاحب متجر لبيع المجوهرات في السوق التجاريّة، “على أنّ الحركة التجاريّة عاديّة، وأن كثيرين من المواطنين، ومن ضمنهم نازحون، يُقبِلون على شراء الذهب، حيث يفضّل هؤلاء عدم الاحتفاظ بالنقود اللبنانيّة، نظرًا إلى حجمها المتراكم من جهة، وعدم ثقتهم بها من جهة ثانية، فيلجأون إلى استبدالها بالذهب، التي يخفّ حملها، خصوصًا في ظل قلقهم من تمدّد الحرب”.

يلفت حسين نعنوع، صاحب محلّ لبيع الأحذية في الحسبة القديمة، إلى “أنّ التراجع، يصل إلى أكثر من أربعين بالمئة، نتيجة الاعتداءات الإسرائيليّة من ناحية، وعدم مساعدة الطقس لتحريك العجلة”. ولا ينفي الدور الإيجابيّ لحركة النازحين من بلداتهم وقراهم الحدودية، في تحريك السوق.


يؤكّد رئيس جمعيّة تجّار مدينة صور، ديب بدوي، (صاحب أحد مطاعم المدينة)، تأثُّر النشاط التجاريّ والاقتصاديّ وتراجعهما، خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة من عمر الحرب .


* المصدر: manateq.net

ويضيف لـ “مناطق نت”: “إنّ التراجع في حركة المطاعم، تتفاوت بين مطعم وآخر، بدءًا من ثلاثين إلى أكثر من خمسين بالمئة، خصوصًا وأن صور، معروفة بتوافد الزائرين والسيّاح إليها، في محتلف الفصول. إنّ الأمور لا تزال مقبولة، والمؤسّسات تقف على رجليها، لكن إذا طال أمد الحرب، فإنّ المشكلة قد تتفاقم”.

وحول تأكيد العديد من تجّار المدينة، إسهام النازحين إلى المنطقة في تحريك عجلة النشاط، يوضح بدوي: “إنّ هذا الامر حقيقة مثبتة، إذ يقبل النازحون على شراء مختلف الموادّ من الأسواق، كما أنّ بعضهم، افتتح مؤسّسات، من بينها مطاعم وأشغال خاصّة، وأنّ العديد منهم استأجر منازل وشققًا مفروشة، كانت شاغرة “.

سوق البياضات والأقمشة في صور
سوق البياضات والأقمشة في صور


مطعم صهيون في صور
مطعم صهيون في صور


حركة الأسواق في صور
حركة الأسواق في صور


تعليقات: