تحالف متحدون: الفصل الجديد من مسرحية القبض على سلامة.. هل تتحقق العدالة أم ان القاضي الجديد كسلفه؟


"بياكل البيضة وقشرتها، وبقول ما شفت شي". واحد من الأمثال اللبنانيّة المأثورة التي تختصر حال حاكم المصرف المركزي الأسبق رياض سلامة منذ أن بدأت التّهم تنهمر عليه وبدأت حقائق أفعاله وسرقاته تظهر أمام الرأي العام وبان خطورة وضع الليرة وهو كان لا يزال يردّد "الليرة بألف خير"!

فحاكم المركزي الأسبق، ذو طبعٍ كريم، ظل طيلة فترة حكمه يأكل المالَين العام والخاص ويُطعم منهما المسؤولين ومن حوله من حاشية، على مبدأ "مرّقلي لمرّقلك"، البروتوكول الرّسمي لسّلطة المحاصصة الفاسدة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه.

سيرة سلامة تزخر بسرقات بالملايين، ونهب وتعدٍّ على حقوق المودعين، وآخرها تهرّب من العدالة وتواطؤ على الحقّ العام، حقوق اللبنانيين. كيف لا وزمننا زمن القضاء الفاسد المسيّس والمرتشي، الذي ضرب عرض الحائط قيم وأخلاقيات القضاء المعهودة.

في هذا السياق وبعد طول انتظار سبقه إقصاء متعمّد لأصحاب القضية والصفة، تُستكمل في جلسة ١٣ شباط ٢٠٢٤ القضيّة المرفوعة من قبل محامي تحالف متحدون ضد سلامة، وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويّك، بتهمة الإثراء غير المشروع وإساءة الأمانة وتبييض الأموال وغيرها من التّهم أمام قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بلال حلاوي، خلَف القاضي شربل أبو سمرا، الذي لا بد وأن يُحاسب ولو في آخر يوم من حياته، والذي سجل القضيّة برقم ٢٠٢/٢٠٢٣ بتاريخ ١٥ آذار ٢٠٢٣، إلى جانب الشكوى الجزائيّة الأساسية الأولى المقدمّة من المحامين بتاريخ ٢ شباط ٢٠٢١ أمام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون والمدّعية فيها بموجب ورقة الطلب أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان نقولا نصور على الأخوين سلامة والحويّك، والمسجّلة برقم ٦٨/٢٠٢١ والتي سجّلت برقم الأساس ٣٣٣٧/م/٢٠٢.

مسار عكس مسيرة قضاة لبنانيين، حافلة بالفساد وتكريس الظلم بدل العدل وكم من الخروقات الدستورية والقانونيّة كحجب حقّ التّقاضي عن المودعين المدّعين، المقدّس بكل المعايير المحلية والعالمية، نصرةً لأركان السلطة الفاسدة. فالقاضي أبو سمرا أثبت وعن جدارة، كعدد لا بأس به من القضاة، ارتهانه لهولاء الفاسدين، فتخلّف رغم إقراره صراحة بحق المدّعين حضور جميع الاستجواب عن تقرير حقّهم هذا بضمّ قضيّتهم التي سينظر بها حلاوي في شباط الحالي، كما كان وعد أبو سمرا، إلى الادّعاء العام المتعلّق بتحقيقات القضاة الأوروبيين من خلال حجب تمثيل الفريق المدّعي أصولاً في تلك التّحقيقات والتغييب المتعمّد لمن له الصّفة في الدّفاع عن حقوق المودعين واللبنانيين قانونياً.

لا يُمكن التّحدث عن الفساد القضائي من دون استرجاع أفعال القاضية عون بما خصّ دعوى الأخوين سلامة والحويّك، والتي تعدّت الفساد العادي بقراراتها ووصلت به إلى مرحلة العفن بعدما أضحى "فساداً بلباس النزاهة" وقع في حبائله السذّج من المودعين أو اللبنانيين. هي، أو بالأحرى من يحرّكها، أمّنت الحماية لسلامة وشركائه بواسطة صفقات "تحت الطاولة" حاولت، وما زالت، أن تغطّيها بتضليل موصوف عن طريق "الهوشات" والبروباغندا الإعلاميّة الزائفة بمعاونة محامين "محظيين" لا يعرفون الحد الأدنى من أصول وأدبيات ممارسة المهنة، تُحوّل الضّحية إلى جلّاد والجلّاد إلى ضحيّة.

شعبنا ينتظر أن ينام ويستيقظ على دولة حق وقضاء عادل، ما حال دونه حتى الآن وجود قضاة أقسموا على الحق والعدالة صُوريّاً من دون اتّخاذ أيّ خطوة فعليّة ضدّ الظلم والإجحاف الذي نعيشه، مفضّلين البقاء كمجموعة مرتهنة لسلطة فساد تحرّكهم كالدّمى الخشبيّة تبعاً لمصالحها. فهل سيخرج من بينهم من تليق به مطرقة العدالة ويليق بها، أم سنرى فصلاً جديداً من المسرحيات القضائيّة يتخلّلها فاصل من اعتكاف هنا وإضراب هناك؟

تعليقات: