نصرالله باستراتيجية ما بعد 1701: فرض الشروط على إسرائيل

حسم نصرالله مسألة المكتسبات التي سيحصل عليها لاحقاً (المدن)
حسم نصرالله مسألة المكتسبات التي سيحصل عليها لاحقاً (المدن)


في معرض نفيه وتأكيده لعروض وفيرة وشروط كثيرة، وكشفه للمداولات الدولية المفتوحة مع لبنان، حول وقف إطلاق النار في الجنوب، ووقف العمليات العسكرية في قطاع غزة.. قدم أمين عام حزب الله تصوراً سياسياً متكاملاً حول المرحلة المقبلة، من دون أي فصل بين الوضع في لبنان والوضع في غزة. في خلاصة الموقف، أن نصرالله يحضّر لمرحلة وقف إطلاق النار في القطاع وانعكاسها الفوري على الساحة اللبنانية. لكنه يستطرد بأن أي جنوح اسرائيلي نحو التصعيد أو استمرار العمليات ستكون "المقاومة" جاهزة له. وتعهد بأن الحزب سيواصل عملياته، معتبراً أنه لا يمكن لأحد أن يهول عليه بهذه المواقف لدفعه إلى التنازل.


إبعاد الفرنسيين

وصف نصرالله بعض العروض المقدمة، وهو قصد المقترح الفرنسي تحديداً، بأنه عرض اسرائيلي، ولم يقدمه الفرنسيون كوسيط. طبعاً لدى حزب الله ملاحظات كثيرة على هذا المقترح، من بينها رفض مسألة انسحاب الحزب من الجنوب أو إلى شمال نهر الليطاني أو إلى مسافة 10 كيلومترات. وهو قال بوضوح إن مقاتليه هم أبناء القرى ولا يمكن سحبهم من منازلهم وأراضيهم. كما يرفض مسألة عدم وجود مراكز له في المناطق الحدودية المتقدمة. بالإضافة إلى رفضه مسألة إفراغ المنطقة من السلاح أو الإلتزام بمهل زمنية لتطبيق الاتفاقات. من الواضح أن رد نصرالله ووصف الورقة الفرنسية بأنها اسرائيلية، هو محاولة منه لإبعاد الفرنسيين عن مسار التفاوض. لا سيما أن في أوساط حزب الله من يعتبر الاقتراحات الأميركية أكثر عقلانية. وبالتالي، فإن الجميع يريد اتفاقاً برعاية الأميركيين لا غيرهم.

لذلك، قدم نصرالله تصوره، وطلب من الدولة اللبنانية رفع سقف الشروط لما هو أبعد من القرار 1701، والمقصود بالشروط هنا أن لا يقتصر الأمر على ضمان وقف العمليات العسكرية، بل المطالبة بوقف الاختراقات الجوية الإسرائيلية للبنان ووقف التنصت والتجسس، وعدم استخدام الأجواء اللبنانية لقصف أهداف في سوريا، بالإضافة إلى البحث في تحرير ما تبقى من أراضٍ محتلة، سواء بما يتعلق بالنقاط الـ13 أو بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وبالتالي، هذا العرض المتكامل الذي يتحدث به حزب الله ولبنان ككل، هو نفسه الذي جرى بحثه مسبقاً مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين.


المكتسبات والردع

حسم نصرالله مسألة المكتسبات التي سيحصل عليها لاحقاً، بناء على ما كشفه من عروض قدمت للحزب لوقف إطلاق النار. لكنه ترك بعضها مؤجل إلى ما بعد وقف النار في غزة. وهذا يحمل في طياته مؤشرات كثيرة على ما يدور في الكواليس. وهو يتطابق أيضاً مع ما كشفه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن مفاوضات إيرانية أميركية حول الوضع في المنطقة وملفاتها. وبالتالي، فإن المكتسبات لا يمكن أن تكون في الجانب التفصيلي أو السياسي الضيق، إنما على مستوى الوضع السياسي في الإقليم، ولذلك هو لم يشأ ربط ما يجري في رئاسة الجمهورية أو ما حكي عن تسوية سياسية في الداخل مقابل وضع الجنوب.

من جملة ما طلبه الوسطاء من حزب الله لتجنب الحرب مع اسرائيل هو إعلان الحزب أو نصرالله موقفاً علنياً حول عدم رغبة الحزب بالحرب والتصعيد. لذا، كان نصرالله واضحاً في تهديداته بأن دور حزب الله ردعي. ولذلك قال بشكل واضح إن المعركة هي للتضامن مع غزة، ومتى ما توقف إطلاق النار هناك سيتوقف إطلاق النار في لبنان. أما بحال استمر الإسرائيليون في الحرب، فقال إن ردود الحزب ستكون متناسبة، وهدفها منع الاعتداء على لبنان وردع إسرائيل. لقد وضع الأمر في سياق الدفاع عن النفس وإن احتاج الحزب للتصعيد، والأهم أن هذه الرسالة تشير إلى أن الحزب لن يكون في موقع الهجوم إنما يعتمد الردّ المتناسب لردع إسرائيل. وهذا نوع من رسائل أراد نصرالله تمريرها للقوى الدولية الذين طالبوا الحزب بمواقف أو ضمانات بعدم القيام بعملية مشابهة لعملية طوفان الأقصى. ولذلك كرر نصرالله كلمة "بتوسع منوسع"، ليربط رد الحزب أو معركته في سياق الفعل الإسرائيلي.

تعليقات: