النائب إلياس جرادي لـ «الأنباء»: معركة الجنوب هزة ارتدادية لا يمكن فصلها عن زلزال غزة

النائب إلياس جرادي
النائب إلياس جرادي


رأى النائب التغييري د. إلياس جرادي، انه كان من المرتجى عدم اشتعال المنطقة عسكريا وانحدارها باتجاه المجهول، الا ان الواقع الميداني ان أكد شيئا، فعلى ان عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر المنصرم، أتت لتطلق العنان للكيان الإسرائيلي في تنفيذ ما كان يصبو اليه في فلسطين المحتلة والمنطقة الإقليمية على حد سواء، مشيرا بمعنى آخر إلى انه من الحرب ضد الإنسانية في غزة، إلى المواجهات الميدانية في جنوب لبنان وما تبعهما من تطورات في البحر الأحمر، لا يمكن اعتبار ما يجري مجرد ردة فعل إسرائيلية حيال عملية طوفان الاقصى، انما هو اشتباك إقليمي دولي قوامه الاطماع والطموحات والمخططات الإسرائيلية وابرزها ترحيل الفلسطينيين.

ولفت جرادي في حديث لـ «الأنباء»، إلى ان «طوفان الأقصى» وان كان قد صيغ بتوقيت حمساوي، الا ان الإيقاع اتى إسرائيليا بامتياز وبمواكبة غربية غير مسبوقة، علما ان قراءة الواقع وفقا للمنطق السياسي والإنساني، فان الطوفان الحمساوي كان متوقعا في كل حين، ولا يمكن مع انطواء الأيام والسنين، سوى انتظار تكراره ومن ثم تكراره إلى ان تستدرك عواصم القرار التي تدير السياسات في العالم، بانه ليس بالدم والإبادة والوحشية واغتصاب الإنسانية تساق الأمم، وليس بالتجويع والتشريد والاذلال يساق الانسان، فما بالك والشعب الفلسطيني وضع امام خيارين لا ثالث لهما «إما الموت وإما الموت»، فاختار الموت على طريقته وليس وفقا للطريقة التي اختيرت له.

اما على مستوى التطورات الميدانية في جنوب لبنان، فوصفها جرادي بالهزة الارتدادية التي لا يمكن فصلها لا بالعقل السياسي ولا بالمنطق الإنساني عن الزلزال الرئيسي في غزة، وهو ما يؤكد ان ما يشهده لبنان من ازدحام دولي سواء لتبريد الجبهة الجنوبية، ا، لوضع معادلات جديدة وإبرام اتفاقيات وتسويات معنية بإنهاء الصراع في المنطقة، لن يأتي بالثمار المطلوبة في ظل غياب الضمانات بالتزام الكيان الاسرائيلي بمضمونها، فالمطلوب ليس فقط تسويات واتفاقيات مسكنة، انما مقاربة جديدة بصياغة جديدة عادلة لمسار السلام في المنطقة، على ان تكون القضية الفلسطينية هي القضية المركزية فيه، وذلك كمخرج وحيد لا بديل عنه سوى استمرار الحروب والزلازل الأمنية والعسكرية.

وردا على سؤال، لفت جرادي إلى ان توقيت مطالبة لبنان بتطبيق القرار الدولي 1701، ملتبس ومشبوه، خصوصا ان القاصي والداني سواء في الشرق او في الغرب، على دراية ويقين بأن الكيان الإسرائيلي هو من بادر إلى انتهاك القرار المذكور، ليس فقط من خلال خروقاته اليومية للأجواء اللبنانية ولحدود لبنان البرية والبحرية، انما عبر استشاطته في ارتكاب المجازر بحق المدنيين والابرياء وعبر استعلائه فوق حقوق لبنان على المستويات كافة، ما يعني من وجهة نظر جرادي، انه كان اجدى بالمجتمع الدولي ممارسة الضغوط على إسرائيل لإلزامها بتطبيق القرار قبل مطالبة لبنان بتطبيقه، معتبرا بالتالي ان هذا الالتباس بالتوقيت يطرح العديد من الأسئلة وابرزها ما اذا كان لفصل معركة الجنوب عن الحرب في غزة بهدف اراحة إسرائيل، في محاولة لحمل لبنان على غسل يديه من القضية الفلسطينية.

وعن انعكاس المشهد في غزة وجنوب لبنان على الاستحقاق الرئاسي، أكد جرادي ان الشغور الرئاسي في لبنان، هو أولا وثانيا وثالثا نتيجة طبيعية لانهيار منظومة الاخلاق السياسية، حيث ان غالبية القوى السياسية امتهنت على مدى عهود وعقود سياسة تقاسم الدولة وتوزيعها مكاسب حزبية ومذهبية وشخصية وعائلية وحتى مناطقية، وذلك على حساب المصلحة الوطنية العليا وعلى حساب الدستور والقانون، من هنا التأكيد ان الكلام عن ارتباط الشغور الرئاسي بأحداث الجنوب، يخفي بين طياته صك براءة لمنظومة سياسية أوصلت البلاد إلى الفلتان والفوضى والتسيب، علما ان انتخاب الرئيس لن يكون هو الحل، انما الهيكل الذي ستبنى عليه أسس الشروع بإيجاد الحلول للازمات اللبنانية، معتبرا بالتالي انه كان اجدى بتلك المنظومة الاستجابة لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري القائمة على حوار لخمسة أيام، والتي كانت تتماهى مع المبادرة الفرنسية، على ان يصار بعده إلى عقد جلسة انتخاب رئيس بدورات متتالية، الا ان رفض العديد من القوى السياسية للمبادرة، يختصر الواقع المأزوم بأن انتخاب الرئيس بحكم المؤجل إلى ما بعد حرب غزة.


* المصدر: جريدة الأنباء الكويتية

تعليقات: