يقف ملفّ التغطية الصحية لموظّفي مؤسسة كهرباء لبنان على المحكّ. إذ أن تلزيم شركة جديدة للقيام بخدمات إدارة الملّف الصحّي، يواجه عقبات قانونية تهدّد بوقف عملية تلزيم شركة "ميد غلف" التي ربحت المناقصة الأخيرة التي جرت منذ نحو أسبوعين، والتي يفترض بها أن تخلف بموجبها شركة "غلوب ميد" التي انتهى عقدها في تقديم الخدمات، التي تقوم على إنجاز الشقّ الإداري للتغطية الصحية التي تقدّمها المؤسسة لموظفيها.
لكن وقف التنفيذ يعني ترتيب غرامة مالية على مؤسسة كهرباء لبنان "لا تقل عن 500 ألف دولار"، والتلزيم يعني الركون إلى المخالفات. فهل المؤسسة أمام فكّي كمّاشة، وهل هناك تفاصيل مخفيّة في هذا الملف؟
تلزيم خارج هيئة الشراء العام
سارعت مؤسسة كهرباء لبنان لإجراء مناقصة لتلزيم خدمات إدارة الملفات الصحية. لم تنتظر إدارة المؤسسة رأي هيئة الشراء العام، وفق ما تقوله مصادر من داخلها في حديث لـ"المدن"، بل ذهبت إلى "إطلاق المناقصة وفضّ العروض وتوقيع اتفاق التلزيم".
المسألة لم تنتهِ هنا، بل لعلّ ما حصل هو البداية التي أُريد لها أن تكون بهذا الشكل. فحسب المصادر، "هناك نية مبيَّتة لترتيب فوز شركة ثالثة، هي الشركة اللبنانية السويسرية للضمان، التي تقدّمت إلى المناقصة بعد انتهاء المهلة القانونية، ومع ذلك، كان ملفّها غير مكتمل، ووعدت بإكماله خلال فترة 40 يوماً من قبول دخولها إلى المناقصة. جرى تجاهل الشركة الثالثة، وفتحت العروض وتبيَّنَ فوز ميدغلف وجرى توقيع اتفاق التلزيم معها. فقامت الشركة الثالثة بالاعتراض وتقديم شكوى تعترض فيها على المناقصة وعلى الظلم الذي لحق بالشركة. فأصبحت المؤسسة أمام عقبة الشركة الفائزة وعقبة الاعتراض القانوني، فطلبت النجدة من هيئة الشراء العام التي أوصت بإلغاء المناقصة.
هدر المال العام
الظاهر من هذه المناقصة هو مخالفتها للقانون أولاً، سيّما لجهة المهل الزمنية لتقديم الأوراق، ولجهة عدم امتلاك الشركة الثالثة لضمانة شركة أجنبية عالمية، وكذلك اتجاهها إلى هدر المال العام ثانياً. لكن في عمقها، ما هو أبعد. وتشرح المصادر أن "الجهة المعترضة والتي تقف خلف الشركة الثالثة، هي نفسها الجهة التي دعمت في البدء تلزيم شركة غلوب ميد. وتلك الجهة، تريد اليوم التزام الخدمات باسم شركة جديدة ثالثة. وإدارة كهرباء لبنان "واقعة في مأزق اليوم"، على حد تعبير المصادر، لأن "تمرير نتائج المناقصة يعني وداع شركة غلوب ميد وخسارة الطرف الداعم لها، أو الاعتراض عليها والتمديد لشركة غلوب ميد والذهاب لمناقصة جديدة بدفتر شروط مختلف. وحينها يكون على المؤسسة دفع غرامة مالية لشركة ميد غلف. وبما أن المؤسسة هي صورة أخرى للدولة اللبنانية ولدافعي الضرائب، وبما أنها تعيش على سلفات الخزينة لتأمين الفيول، فإن الغرامات المالية ستُحال إلى الدولة، في حين كان يفترض بمن رتَّبَ المناقصة على عَجَلَ، أن يدفع بنفسه الشرط الجزائي لفضّ العقد".
تلفت المصادر النظر إلى أن تنفيذ توصية هيئة الشراء العام، يعني "استبعاد الطرف المستفيد من ملف التأمين". لكن هل سيسكت هذا الطرف على استبعاده؟ تشكّ المصادر بعملية السكوت "لكن بما أن المناقصة مخالفة للقانون في الأصل، وهي حصلت وتم اعتماد رابحها، من غير اليسير الخروج من المناقصة بلا نتائج سلبية على مالية المؤسسة العامة في هذا الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة".
مناقصة جديدة؟
من الممكن -بالنسبة للمصادر- "تمديد مهلة التعاقد مع شركة غلوب مد، وتجميد تلزيم ميد غلف لفتح المجال أمام الطرف الثالث لترتيب أموره بصورة قانونية، لتُعاد المناقصة وتترتَّب على قياس الشركة الثالثة، حتى لو أدّى ذلك إلى دفع الغرامة المالية. وشركة ميد غلف، لن تعترض على إقصائها طالما أنها ستقبض قيمة الغرامة المالية من دون أن تعمل وتدفع نفقات تشغيلية".
وتكشف المصادر أن "إدارة كهرباء لبنان تعمّدت الذهاب إلى هيئة الشراء العام لطلب رأيها حول المناقصة، بعد إجرائها وإصدار نتائجها، مع أن المؤسسة لم تنتظر رأي الهيئة قبل إجراء المناقصة. ومَردُّ التعمّد هو تسليط الضوء بشكل غير مباشر على مخالفات المناقصة، لتشجيع الهيئة على إصدار قرار بوقف التنفيذ وعدم تلزيم الشركة الجديدة، والاتجاه لاحقاً نحو تلزيم الطرف الثالث". لكن قرار هيئة الشراء العام غير مُلزِم، وبالتالي يمكن لكهرباء لبنان عدم السير به، والإبقاء على تلزيم ميد غلف، بشكل مخالف للقانون ودفتر الشروط.
الخيارات المطروحة تتضمّن جميعها مسؤوليات على أحدهم تحمّلها. وإذا كانت النتائج تتضمّن غرامات مالية، على المرتكب دفعها من ماله الخاص، وفق القانون. إلاّ إن كانت المؤسسة تصرّ على استمرار السير عكس القانون، وهذا ما يفترض أن تكشفه الأيام المقبلة، بانتظار قرار المدير العام للمؤسسة كمال الحايك.
تعليقات: