كان يفترض بشورى الدولة اعتبار قرار فياض غير موجود أصلاً لعدم شرعيته المفرطة (عباس سلمان)
في تكريس للمخالفات الجسيمة لصلاحياته كوزير وصاية، عاد وزير الطاقة والمياه وليد فياض، وأصدر قراراً جديداً بتكليف المحررة في مؤسسة مياه البقاع بولا حاوي بمهام مدير عام لمدة ثلاثة أشهر إضافية، ومن دون مراعاة أي أصول قانونية في كيفية التكليف في المؤسسة. القرار الجديد الذي حمل الرقم 3/ق.و شبيه بالقرار السابق الذي سبق وعرضته "المدن" الذي حمل الرقم 132/1/ أ. بتاريخ 27تشرين الثاني 2023، وكلف بموجبه المحررة حاوي التي تنتمي إلى الفئة الوظيفية الرابعة بمهام مدير عام مؤسسة مياه البقاع، هذا رغم وجود ستة موظفين بالأصالة بالفئة الوظيفية الثالثة. أما جديد القرار، الذي يبدأ مفعوله اليوم في 27 شباط، أي بعد يوم على انتهاء مفاعيل القرار السابق، فليس إعادة تكليف حاوي نفسها وحسب، بل إن القرار السابق موضوع مراجعة لدى شورى الدولة لإبطاله. وكان يفترض أن يبطل لعيوبه الأساسية. الأمر الذي لم يحصل بعد. ما يضع علامات استفهام حول الأسباب التي حالت دون إبطاله ووقف التمادي في وزارة الطاقة.
اغتصاب صلاحيات مجلس الإدارة
وحسب المراجعة التي حصلت عليها "المدن"، طلبت الجهة المستدعية، الموظفة في المؤسسة زينب شحادة، إبطال القرار الإداري الآنف الذكر، مع وقف التنفيذ، بتاريخ 17 كانون الثاني الفائت، كونه صدر عن سلطة غير صالحة ومخالف للقانون والأنظمة النافذة ويشكل حالة شاذة وغير مسبوقة في الإدارة اللبنانية. وتقول مصادر متابعة للملف، إنه كان يفترض بشورى الدولة وقف تنفيذ القرار خلال مدة أسبوعين من تاريخ تقديم الطعن. فقرار وزير الوصاية ليس مخالفاً للقانون فحسب، بل يقوم على اغتصاب صلاحيات مجلس الإدارة في المؤسسة. فالتكليف يفترض أن يتم من مجلس الإدارة، والأخير لا يستطيع الإقدام على هكذا تكليف مخالف لأبسط الأصول الإدارية. فكيف للوزير أن يقدم على هكذا تعيين متجاوزاً صلاحيته؟ تسأل المصادر. وتضيف أن الوزير تجاوز مجلس الإدارة وكلف حاوي في المرة الأولى، وعاد وكلفها للمرة ثانية، ضارباً عرض الحائط الأصول، ظناً منه أن إبطال شورى الدولة قراره القديم (انتهت مفاعليه يوم أمس) لن تشمل مفاعيله إبطال القرار الجديد (يبدأ التنفيذ اليوم).
وتستغرب المصادر عدم إقدام شورى الدولة على إبطال القرار القديم ضمن المهل، والذي كان من شأنه عدم تمادي وزير الوصاية في إصدار قرار جديد بالمضامين نفسها، والمخالفات الجسيمة عينها. فالقرار صادر عن سلطة غير مختصة ويفترض بشورى الدولة اعتباره بأنه غير موجود أصلاً لعدم شرعيته المفرطة. وتبعاً لذلك يفترض بشورى الدولة إبطال كل القرارات التي صدرت عن حاوي نظراً لأن التكليف مخالف للقانون.
وقد طلبت الجهة المستدعية إبطال تلك القرارات، التي صدرت عن حاوي، ولا سيما القرار 1/5 المتعلق بإنزال عقوبة حسم تأديبي من راتب المستخدم علي نون والمستدعية زينب شحادة والموظفة هيا سليمان، "لتقاعسهم عن تأدية واجباتهم". وطلبت إبطال قرارات أخرى مثل إقدامها على إلحاق مستخدمين في مصالح عدة، وإعفاء آخرين من مهامهم، متجاوزة صلاحيتها ووظيفتها ومستخدمة صلاحيات منوطة بمدير عام معين بالأصالة. فحاوي معينة كمحررة في الفئة الرابعة، وليس لموظف في هذه الفئة أي سلطة لإنزال عقوبات في الأساس.
ريبة وشكوك بتلزيم مناقصة
عند تكليفها في المرة الأولى حاولت حاوي تمرير صفقة "تقديم يد عاملة غب الطلب" لزوم المؤسسة للعام 2023-2024، إلى شركة المصطفى للمقاولات، التي سبق وكشفت عنها "المدن". وحينها تبين لهيئة الشراء العام أن المعادلة المالية في دفتر الشروط غير واضحة ولا تنطبق على كل العارضين، وأوصت الهيئة بتاريخ 27 تشرين الثاني بردّ الملف مع اقتراح إعادته إلى لجنة التلزيم لاستكمال عملية التقييم بشكل صحيح، مع الالتزام بكامل أحكام دفتر الشروط الخاص بالصفقة. وتعهدت حاوي بالأخذ بتوصية هيئة الشراء العام.
لكن مجلس إدارة مؤسسة مياه البقاع، وبناء على طلب حاوي، شكل لجنة تلزيم غب الطلب، بغية إجراء المناقصة. وضمت اللجنة موظفين غير مدربين على الشراء العام، لا بل تم استبعاد الأشخاص المدربين أصولاً، والذين انهوا بنجاح دورة تدريبية في الشراء العام لدى المعهد المالي. وهذا يشكل مخالفة واضحة لأحكام المادة 100 من قانون الشراء العام.
وتقول المصادر إن الغاية من هذه المخالفات باتت معروفة، بعدما رست المناقصة مرة جديدة على الشركة عينها، وبعارض وحيد. ما أثار الشك والريبة بوجود نية مسبقة بإرساء التلزيم على الشركة عينها. علماً أن المناقصة الجديدة كانت محصورة بعارضَين، وكان يتوجب على لجنة التلزيم، التزاماً بمبدأي الشفافية والمنافسة، وقبل السير بالعرض الوحيد، إعطاء مهلة للعارض الآخر لاستكمال المستندات، سنداً لأحكام قانون الشراء العام. ومرة جديدة قدمت الجهة المتضررة شكوى لدى هيئة الشراء العام حول وجود بنود في دفتر الشروط تحد من المنافسة، نظراً لطلب مستندات يتعذر على جميع العارضين تأمينها. وهي بمثابة شروط حصرية تضمنها دفتر شروط المناقصة. وهذا الأمر يفرض عدم السير بالعرض الوحيد عملاً بقانون الشراء العام. هذا فضلاً عن أن القيمة التقديرية لمشروع الشراء في المناقصة الحالية ارتفعت 40 مليار ليرة عن تلك المحددة في المناقصة الأولى، التي ألغيت بناء لتوصية هيئة الشراء العام.
تعليقات: