الجوع الذي يهدد أطفال غزة يتقدم على تاثير الحرب عليهم وعلى الصدمات والاضطرابات التي يعيشونها
بعد إصابته بسوء التغذية الحاد وتسممه نتيجة تناول أعلاف الحيوانات.. توفي يوم أمس الطفل خالد حجازي (سنتين) في مستشفى كمال عدوان شمال غزة. وفي الوقت الذي يتعرّض فيه أطفال غزة للخطر والتهديد على الخطوط الأمامية، أكثر من 600 ألف طفل، أي نصف عدد السكان النازحين في رفح ليس لديهم مكان آمن يذهبون إليه. بعد 147 يوماً من العدوان الإسرائيلي، أطفال يُتّم، مبتورو الأطراف، محرومون من الغذاء والأمان… وتستمرّ قوات الإحتلال بارتكاب أفظع المجازر بحق المدنيين. ففي غزّة، إن نجوتَ من القصف، ستموت من الجوع.
تحت عنوان "أطفال تحت القصف"، نظّمت كلية العلوم الإنسانية وكلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربية ملتقىً توعوياً يوم الجمعة 1 آذار/مارس 2024. تناولت الجلسة أبعاداً مختلفة للحرب على الأطفال. تحدّث رئيس مكتبة الاسكندرية البروفيسور أحمد الزايد عن البعد الاجتماعي للموضوع، وتأثير الأزمة على نمو الأطفال وتطورهم مع الفقد وانعدام الأمان والاستقرار. "286 مدرسة حكومية و 65 تابعة "للأونروا" تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة " بحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية. عدا عن إستشهاد أكثر من 5424 طالباً وإصابة ما يفوق الـ 9 آلاف جريح منذ 7 أكتوبر. ومع الانهيار التّام لكلّ مقوّمات الحياة الأساسية، أكثر من 1.7 مليون شخص نزحوا في غزة في حين أن نصفهم من الأطفال.
يوميات الخوف
تناولت الجلسة أيضاً البعد النفسي والاضطرابات النفسية الخطيرة التي تتركها الحرب على الأطفال. "أصبح الأطفال يخافون من صوت الرعد" هو فيديو انتشر منذ وقتٍ قصير على مواقع التواصل، هذا مثال بسيط يصوّر الواقع والوضع النفسي الذّي يعيشه الأطفال في القطاع. أصبح القلق والتوتّر جزءاً لا يتجزّأ من يومهم. وفي هذا الإطار ناقشت رئيسة قسم علم النفس في كلية العلوم الإنسانية نرمين محمد الأعراض المصاحبة للأطفال في الحروب، والصدمات، والاضطرابات المصاحبة لهم طوال حياتهم.
كما ناقش أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيروت العربية الدكتور عبدالله السّيد البعد الأخلاقي"فاستهداف الأطفال يطرح إشكالية حول القيم الإنسانية وحقوق الإنسان والطفولة. ويعتبر التعرّض للأطفال والنساء إنتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويغيب عن العدوّ الإسرائيلي هذا الأمر، فيستهدف المدارس والمستشفيات بغضّ النظر عن كافة المواثيق الدولية واتفاقيات حقوق الأطفال".
شارك في الملتقى الصحافي حسان الزّين، وتطرّق إلى أهمية الصورة والدور الأساسي الذي تلعبه وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام أو تضليله. فلطالما اعتمد الإحتلال على الصورة لنشر دعايته من خلال توثيق المجازر والتباهي بقتل المدنيين، لتخفيض الروح المعنوية وإظهارهم بأضعف صورة. تحدّث أيضاً عن "حنظلة" الذي يجسّد طفلاً مكتوف اليدين حاضراً في كل ما يستجدّ على ساحة القضية الفلسطينية. واستعان بالعديد من الرسوم التاريخية التي غاب عنها الأطفال والنساء.
أطفال تحت القصف
"أطفال تحت القصف" هو عنوان مقتضب بكلماته، إلاّ أن التذكير به محوري، لكي لا نعتاد مشهد قصف الأطفال، خصوصاً بعد مرور نحو خمسة أشهر على الإبادة الجماعية في غزة. وتثبت الحرب الإسرائيلية على غزة أن الأهداف "العسكرية" الفعلية لها هي الأطفال، مقابل ما تدّعيه من إنجازات واهية في الميدان.
حاول الإحتلال، منذ أن أطلق دعايته، إستمالة العالم بأخبار كاذبة عن طفل وضع في الفرن، وآخرين قطعت رؤوسهم من دون إرفاقها بصور أو دلائل توثقها. في حين تُتداول مشاهد يومية لأطفال غزاويين يأكلون علف الحيوانات وأطفال عالقين تحت الركام، ومنهم جرحى يستغيثون حتى الموت، تقف حكومات العالم وما يسمّى بـ"المجتمع الدولي" عاجزين عن وقف الحرب في غزة.
تعليقات: