وقف مشاريع USAID في لبنان: قرار خطير سياسياً

وقف تمويل المشاريع يتزامن مع الحفاظ على تلك المتعلقة بدعم السكان مباشرة (الأرشيف)
وقف تمويل المشاريع يتزامن مع الحفاظ على تلك المتعلقة بدعم السكان مباشرة (الأرشيف)


قررت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID وقف مشاريع كبيرة في لبنان، وبدأت بصرف الموظفين، تمهيداً ربما لإقفال المكاتب التابعة لها. لكن الأمور ما زالت في طورها البدائي. إذ اقتصر الأمر على صرف موظفين وإبلاغ آخرين بقرب موعد صرفهم.


ثلاثة مشاريع قيد الإقفال

منذ أسابيع عدة، بدأت تتوارد المعلومات عن نية الوكالة تخفيض الدعم لمشاريع عدة في لبنان. وتزامن الأمر مع الخلافات الحاصلة في الكونغرس حول الموازنة العامة الأميركية، ومع تبدل الأوليات في الدعم الدولي. إلا أن الأمر ربما يكون مرتبطاً بتعيين السفيرة الجديدة في بيروت ليزا جونسون، التي تقوم بمراجعة مشاريع الدعم للبنان، لتحديد الأولويات.

ووفق مصادر مطلعة على مشاريع "الوكالة" في لبنان، تم صرف 15 موظفاً من مشروع "ترشيد إدارة المياه والصرف الصحي WSC، من نحو ثلاثة أيام، وذلك بعد حوالى أسبوعين على توارد المعلومات عن إمكانية لجوء الوكالة إلى وقف هذا المشروع نهائياً. علماً أنه سبق وصرفت الوكالة موظفين آخرين منذ نحو عشرة أيام.

ووفق المعلومات، الحديث يدور حول إقفال ثلاثة مشاريع، سبق وأطلقتها "الوكالة" في عهد السفيرة الأميركية السابقة في لبنان دوروثي شيا. ما يعني صرف نحو مئة موظف يعملون في هذه المشاريع، وإقفال المكاتب الخاصة بها لاحقاً. والمقصود أن "الوكالة" في الوقت الحالي ستنهي المشاريع القائمة والتي هي قيد التنفيذ، ولكن لن يتم تجديد أي منها.

وتشرح المصادر، أنه في الوقت الحالي يقتصر الأمر على تخفيض عديد الموظفين وتقليص حجم المكاتب، لكن يبدو أنه سيصل إلى إقفالها مستقبلاً، في حال لم يتخذ أي قرار مغاير لاحقاً. والمشاريع هي: "ترشيد إدارة المياه والصرف الصحي WSC، و"تمكين المناطق الريفية والزراعة في لبنان ARE" ومشروع "تسهيل التبادل التجاري والاستثمار TIF". الأول يهدف إلى الحفاظ على إمكانية الحصول على المياه بشكل موثوق ومستدام في لبنان، تصل قيمته إلى 115 مليون دولار، يرتكز على حماية موارد مياه لبنان وتحسين قدرات معالجة الصرف الصحي، وإشراك المواطنين والمقيمين معاً لحفظ مصادر المياه المتضائلة. المشروع الثاني بقيمة 57 مليون دولار أميركي، ويمتد على عدة سنوات، يهدف إلى تطوير الاقتصادات الريفية في لبنان، عبر دعم قطاع الصناعات الغذائية وصناعات أخرى، من أجل زيادة المبيعات في الأسواق المحلية والخارجية، وخلق فرص عمل وزيادة مداخيل المزارعين والعاملين في هذه القطاعات. أما مشروع تسهيل التبادل التجاري والاستثمار TIF، فيؤمن دعماً بقيمة 70 مليون دولار على مدى سنوات، بهدف تمكين القطاع الخاص من الاستقرار والتأقلم وسلوك درب النمو والتوسع، مع سير البلد قدماً في الإصلاحات اللازمة.


الأسباب ما زالت مجهولة

وتضيف المصادر، أن وقف تمويل هذه المشاريع، يتزامن مع حفاظ "الوكالة" على المشاريع القائمة على دعم السكان بشكل مباشر، مثل مشاريع دعم قطاع التربية. وصحيح أنه قد يطال هذه المشاريع تخفيض الميزانية المرصودة لها، إلا أن هناك حرصاً من الأميركيين على عدم المس بها، لا سيما أن نتائجها تطال المواطن بشكل مباشر. أما المشاريع الأخرى فتتم مراجعتها. وعلى سبيل المثال، تقول المصادر، إنه حصل اجتماع مؤخراً لجميع مسؤولي المشاريع لتقييم العمل. ووردت مطالبات من جميع مسؤولي المشاريع بضرورة تأمين الدعم ورفعه لحسن سير العمل. لكن حتى مطلب تخصيص دعم لقطاع الصحة لتنفيذ مشروع طويل الأمد، تم رفضه. وكان الجواب أن لا تمويل في الوقت الحالي.

مصادر معنية بتلك المشاريع تعتبر أن هذا القرار خطير على لبنان. وتسأل: لماذا لم تقدم "الوكالة" على إقفال المشاريع عينها في مصر والأردن وجورجيا فيما بدأت بإقفالها في لبنان؟ هل الأمر مرتبط بالحرب في أوكرانيا أو الحرب على غزة، حيث تخصص مساعدات إضافية؟ وهل للأمر علاقة بالخلافات حول الميزانية العامة في أميركا؟ وهل هو يعبر عن ممارسة ضغوط سياسية أو فرض عقوبات غير مباشرة على لبنان؟ أما أن الأمر بمثابة انسحاب من لبنان لدواعٍ أمنية مرتبطة بالحرب في الجنوب؟ أو هل الأمر مرتبط بفساد إداري بوزارة الطاقة أو باقي الإدارات؟ أم له علاقة بالسفارة الأميركية التي قررت مراجعة المشاريع في لبنان؟ أسئلة كثيرة لا جواب عليها بعد.


إعادة ترتيب الأولويات

أما المتحدث الرسمي لسفارة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت، مات جوشكو، فأكد "أن الشراكة الاستراتيجية بين الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ولبنان في مجالات الطاقة، والمياه، وإشراك القطاع الخاص، والزراعة لم تتغيّر. لكنّ بعض البرامج أعادت ترتيب أولويّات أنشطتها كي تكون أكثر تركيزًا وفعالية، لتحقيق أعلى عوائد على الاستثمارات في المناطق التي هي في أمس الحاجة إلى المساعدة".

وحول الشائعات عن انزعاج المانحين الدوليين من مستشاري وزير الطاقة وليد فيّاض، أكد الناطق الرسمي أن "ليس لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية/ لبنان أي مخاوف بشأن العمل مع وزارة الطاقة، وتقدر علاقاتها المثمرة مع مستشاري الوزير".

تعليقات: